الحرب بين إيران والكيان الإسرائيلي.. معطيات وخلاصات - عدد 05

الساعة : 11:11
9 يوليو 2025
الحرب بين إيران والكيان الإسرائيلي.. معطيات وخلاصات - عدد 05

أبرز المعطيات والمؤشرات

·     أفادت تسريبات باستعانة طهران بتقنية صينية في التوجيه والتصويب والتضليل خلال الحرب، مشيرةً إلى أن وفدًا رفيع المستوى من استخبارات الجيش الصيني شارك بفعالية في لقاءات ثلاثية مع مستشارين من وزارة الدفاع الروسية، ووفد إيراني مكون من وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي وخبراء  الإستخبارات والصواريخ الإيرانية . (صحيفة رأي اليوم)

·     كشف مسؤولون أمريكيون أن الجيش الإيراني قام بشحن ألغام بحرية على سفن في الخليج العربي خلال الشهر الماضي، في خطوة أثارت مخاوف واشنطن من احتمال استعداد طهران لإغلاق مضيق هرمز، بعد الضربات "الإسرائيلية" على مواقع مختلفة داخل إيران. (موقع عرب 48)

·     كشفت صحيفة "التلغراف" أن 5 منشآت عسكرية "إسرائيلية" على الأقل، تعرضت لقصف مباشر من صواريخ إيرانية خلال الحرب، مشيرة إلى أن نسبة الصواريخ التي نجحت في الوصول إلى الهدف ازدادت خلال الأيام الثمانية الأولى من الحرب. (موقع عربي 21)

·     أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" بأن الجيش "الإسرائيلي" فعّل مع بدء الحرب على إيران ولأول مرة "هيئة الأركان العامة الظلية" تحسبًا لاحتمال تعرض رئيس الأركان وكبار الجنرالات لأذى أو اغتيال، حيث أعد الجيش "الإسرائيلي" مسبقًا هيكلًا قياديًا بديلًا، يضم ضباطًا كبارًا من الخدمة النظامية والاحتياط، بقيادة نائب رئيس الأركان، اللواء تامير ياداي. (موقع عرب 48)

·     كشفت صحيفة "إسرائيل اليوم" أنّ عدة دول في المنطقة شاركت في عملية اعتراض الطائرات المسيرة التي كانت تطلقها إيران، من بينها الأردن والسعودية التي نفذت عمليات اعتراض جوي في أجواء العراق والأردن باستخدام مروحيات عسكرية. (شبكة قدس الإخبارية)

·     كشف مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية خلال إحاطة لأعضاء بالكونغرس أن الجيش الأمريكي دمّر منشأة تحويل المعادن الوحيدة بإيران ما يعرّض برنامجها النووي لانتكاسة، وأن تقديرات الوكالة تشير إلى أن معظم اليورانيوم الإيراني المخصب لا يزال تحت الأنقاض بـ أصفهان وفوردو. (صحيفة وول ستريت جورنال)

·     أقر البرلمان الإيراني، في إطار سلسلة تشريعات مرتبطة بالحرب الأخيرة، قانون تشديد العقوبات على الجواسيس والمتعاونين مع "الكيان الإسرائيلي" والدول المعادية التي تستهدف الأمن والمصالح الوطنية للبلاد. وصوّت النواب على حظر استخدام الأدوات الإلكترونية ووسائل الاتصال عبر الإنترنت غير المرخّصة مثل "ستارلينك"، وحظر التواصل مع وسائل إعلام أجنبية معادية، وإرسال مواد "كاذبة" أو صور  لها، فضلاً عن أن "أي نشاط استخباري أو تجسسي أو عملٍ عملياتي لمصلحة الاحتلال أو الدول المعادية ستكون عقوبته القصوى الإعدام. (صحيفة العربي الجديد)

·     كشف مختصون إيرانيون بالشأن الاقتصادي عن وجود أزمة صامتة في احتياطيات إيران من الأدوية، وضعف لدى الشركات الإيرانية في مواجهة الصدمات، مشيرين إلى وجود مخاوف لدى الفاعلين الاقتصاديين من تسريح العمالة وتراجع الاستثمار الانتاجي في المنشآت. (موقع جنوبية، لبنان)

·     أشار  تقرير  لصحيفة "كَلْكَليست" العبرية إلى أنّ الصناعات الأمنية "الإسرائيلية" بصدد تطوير أسلحة جديدة لاستخدامها في حرب قادمة مع إيران، وبيع أسلحة كالتي استخدمت ضد إيران إلى جيوش أجنبية، وذلك بسبب تراجع مستوى سريتها، مُشيرةً إلى أنّ قرار دول حلف الناتو برفع حجم الإنفاق العسكري ليصل إلى 5%، سيؤدي إلى صفقات أخرى بين الصناعات الأمنية "الإسرائيلية" وجيوش أجنبية، خاصةً أنّ الدول الأوروبية تُسارع إلى سباق تسلح، بعد الحرب الأوكرانية الروسية. (موقع عرب 48)

تحليلات عربية وغربية

·     رأى الباحث الأميركي المتخصّص في شؤون دول الشرق الأوسط، وخاصّةً إيران وتركيا، مايكل روبين،  أنّ النظام الإيراني سيستهدف من ساعدوا "الإسرائيليّين" على اختراق أراضيه، مرجحًا أن تتصاعد عمليات الاغتيال في إقليم كردستان العراق لأن السلطات الإيرانية تعتقد أن إدخال الطائرات المسيّرة المفكّكة إلى إيران، بالإضافة إلى مجموعة العملاء الإسرائيليّين التي شغّلتها، قد تم عبر كردستان العراق. (موقع أساس ميديا، لبنان)

·     رأى الكاتب والمحلل السياسي، فراس الشوفي، أنّ باكستان ترى في العدوان "الإسرائيلي" - الأمريكي على إيران تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي، وتعتبر سقوط طهران خطرًا استراتيجيًا يفتح الباب أمام فوضى إقليمية وتدخّل "إسرائيلي" أوسع في آسيا، مشيرًا إلى أن هناك خشية في باكستان من أن  الاحتفاظ بعلاقات جيّدة نسبيًا مع القوى الغربية وتحديدًا مع الولايات المتحدة وبريطانيا، لن يكون كافيًا مستقبلًا، لردع "إسرائيل" عن مهاجمتها،خصوصًا مع الدعم الغربي اللامحدود والحسابات الغربية القديمة المبيّتة مع باكستان، والتي باتت اليوم أقسى مع التقارب الباكستاني – الصيني الكبير.

وأضاف "الشوفي" أنّ سيناريو انهيار النظام في إيران أو اهتزازه، يشكل كابوسًا لباكستان، إذ أن حصول فوضى كبيرة على حدودها الغربية وحضور خطر تقسيم إيران، سيشجّع الجماعات القبلية والإثنية في المناطق المشتركة، لا سيما في مناطق بلوشتسان الباكستانية والإيرانية، على التحرّك والبحث عن الانفصال، فضلًا عن تحريك النشاط "الإرهابي" على نطاق واسع، في ظل وجود نشاط لحركات "إرهابية" تحصل على دعم من الاستخبارات الهندية لشنّ هجمات في داخل باكستان والسيطرة على مناطق فيها. (صحيفة الأخبار، لبنان)

·     خلصت دراسة بحثية إلى أن تأثير المعارضة السلمية الإيرانية (الحركات الشبابية والطلابية والناشطات والحقوقيات) وإمكانية تحركها في الداخل من أجل الضغط على النظام لتغيير سياسته، أو التصعيد بالمطالبة بتغييره، يقف أمام تحديات كبيرة، أهمها عدم وجود قيادة موحدة ومؤثرة ومرشدة، وموجهة لتحركات الشارع بعد غياب آخر مُؤثر في تحركات الشارع الإيراني، وهو مير حسين موسوي عن المشهد السياسي، وبقائه تحت الإقامة الجبرية عقب أحداث الثورة الخضراء، فيما يواجه تأثير المعارضة المسلحة (الأحزاب الكردية، بعض الأحزاب الأحوازية، الحركات المسلحة من البلوش السنة مثل الفرقان، جند الله وجيش العدل)، وإمكانية تشكيلها خطرًا حقيقيًا على مستقبل النظام الإيراني، تحدياً كونها تتبع لأقليات عرقية ومذهبية، ولا تلقى دعماً خارج أبناء عرقيتها أو مذهبها، بل على العكس تُواجه بالعداء من باقي العرقيات، في ظل وجود أغلبية فارسية لن تقبل على الأرجح بتغيير النظام الحالى بنظام آخر لا تكون للقومية الفارسية فيه الغلبة في الهوية والحكم. (مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية)

·     رأى موقع "أسباب" بأنه ورغم إضعاف إيران وتعرضها لضربات "إسرائيلية" مؤلمة، فإن طهران أظهرت قدرتها على تهديد جيرانها ومن ثم احتفظت بقدر من الردع يبقي دول الخليج على سياسة الحياد. ومن جهة أخرى، فإن الحرب القصيرة أظهرت أن "إسرائيل" تحتاج إلى قدر من التدخل الأميركي، وهو ما يعني أن دول الخليج باتت أكثر اقتناعًا أن الولايات المتحدة، وليست "إسرائيل" هي الشريك الدفاعي في مواجهة تهديدات إيران. ومن المرجح أن تواصل دول الخليج نهجها الراهن تجاه التعامل مع إيران، والذي يتضمن احتواء التوترات وتطوير التعاون، من جهة، وفي نفس الوقت تعزيز الشراكات الدفاعية مع الولايات المتحدة. (موقع أسباب)

·     استعرض تقرير لمعهد دول الخليج في واشنطن بأن هناك 3 فرضيات لغياب الحوثيين عن المشاركة في الحرب بين إيران و"إسرائيل"وفق ما يلي:

1.     أن العملية الأميركية الأخيرة ضد الحوثيين نجحت في إضعافهم وإلحاق أضرار بالغة بمخازن أسلحتهم، خاصة مع اعتماد الجماعة على إيران في تهريب مكونات الصواريخ الباليستية. وربما لم يتمكنوا من تعويض ما فقدوه. لكن التقرير أشار إلى ثغرات في هذه الفرضية بدليل استمرار إطلاق الحوثيين على"إسرائيل" بشكل يومي قبل وبعد الحرب "الإسرائيلية" على إيران.

2.     أن الحوثيين فضلوا التريث خوفًا على بقائهم بعد أن أظهرت "إسرائيل" قدرة على توجيه ضربات دقيقة وقاتلة لإيران، طالت قادة كبارًا بالحرس الثوري وعلماء نوويين. لكن التقرير أشار إلى ثغرات في هذه الفرضية، منها أن اختراق "إسرائيل" للحوثيين يظل محدودًا مقارنة باختراقها لإيران، فضلًا عن أن الحوثيين، رغم استهدافهم من إسرائيل منذ أكثر من عام، لم تُظهر تل أبيب أي استغلال واضح لاختراقات استخبارية مفترضة.

3.     أن الحوثيين ربما كانوا ينتظرون الوقت المناسب لتوجيه ضرباتهم بالتنسيق مع إيران، لضمان أن تأتي ضرباتهم في إطار استراتيجية الرد الإيرانية، سواء بإغلاق البحر الأحمر ومضيق هرمز، أو بشن هجمات صاروخية منسقة على إسرائيل، أو من خلال هجمات غير متكافئة. (موقع الخليج الجديد)

·     وضعت دراسة بحثية لمركز الإمارات للسياسات جملة من الاستنتاجات والتوقعات لرؤية الصين للحرب الأخيرة وتعاملها فيما يلي:

-      يبدو أن التخفيف من اللهجة الصينية تجاه "إسرائيل" جرى بعد مشاورات داخلية خلصت إلى ضرورة مقاربة الصراع من موقف أكثر توازناً، وقد يكون أحد الدوافع الأساسية امتناع المسؤولين الصينيين، إلى الآن، عن إدانة غزو روسيا لأوكرانيا، وهو ما وضعها في موقف دولي محرج بمجرد صدور موقفها المتشدد تجاه "إسرائيل"، لكن يبدو أن الصين لجأت للتحوط من أجل كسب الوقت لرؤية نتائج الحرب، وتجنُّب التسرُّع للوقوف خلف إيران التي قد تكون الطرف الخاسر. بمعنى آخر، فإن ضعف إيران جعل الصين أكثر قلقاً من دعمها بشكل مباشر.

-      يبدو أن الصين لا تملك أوراقاً عدة لبناء نفوذ على العملية التفاوضية التي يُتوقع أن تبدأ بعد مدة من انتهاء الحرب. ويضع ذلك الصين أمام عدة خيارات سيئة، لكن أفضلها هو محاولة حماية مصالحها المباشرة باعتبارها أولوية استراتيجية متقدمة على محاولة التأثير أو بناء النفوذ.

-      يضع أداء إيران العسكري والضعف الأمني والاستخباراتي ضغوطاً على علاقتها بالصين، نظراً لارتفاع مستوى مخاطر سقوط النظام أو تعرُّض إيران لهزيمة عسكرية حاسمة في أي مواجهة مستقبلية محتملة مع إسرائيل أو الولايات المتحدة، وهو ما يفرض على بيجين إبقاء فرض المزيد من الاستقرار على علاقتها بإسرائيل وتجنُّب تحدّي الولايات المتحدة بشكل مباشر فيما يخص إيران.

أما في التوقعات المستقبلية فرجحت الدراسة أو توقعت ما يلي:

-      بناء منظومة طوارئ بحرية مهمتها حماية السفن التجارية وناقلات النفط المتجهة من وإلى الصين. وستشبه هذه المنظومة عملية مكافحة القرصنة التي تشارك فيها الصين بالفعل، منذ عام 2008، في منطقة القرن الأفريقي. وسيكون منطقياً، في حالة الخليج، الاعتماد على القاعدة البحرية الصينية في جيبوتي، بحيث لا يتم نشر هذه السفن في مياه الخليج أو البحر الأحمر إلا في حالة ارتفاع مستوى التوترات الإقليمية إلى مرحلة الخطر.

-      تسريع مشروع الأنبوب الواصل من ميناء جوادار الباكستاني إلى إقليم شينجيانغ الصيني، مع مد الانبوب داخل الأراضي الإيرانية (بما يشمل ميناء شهبار) لتجنُّب مضيق هرمز على المدى البعيد. لكن هذا الخيار سيتوقف على مستوى الاستقرار الأمني داخل إيران وما إذا كانت المواجهة مع إسرائيل (والولايات المتحدة) ستمتد لسنوات مقبلة. على الجانب الخليجي، قد يُركِّز صُنَّاع السياسات الصينيين على الانبوب الإماراتي الذي يؤدي إلى ميناء الفجيرة ويتجنب مضيق هرمز، وهو ما قد يزيد من حصة الإمارات كمصدر نفطي للصين.

-      محاولة الصين إقناع إيران بعدم الإقدام على الانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية في مقابل العمل مع طهران على إحباط عودة العقوبات ضمن آلية "سناب باك" التي هدَّد الثلاثي الأوروبي بتفعيلها قبل موعد انتهاء صلاحية الاتفاق النووي في 18 أكتوبر المقبل. قد يحدث ذلك من طريق توظيف رئاسة روسيا الدورية لمجلس الأمن في شهر سبتمبر المقبل لتعطيل إعادة فرض العقوبات عبر آلية حل النزاعات.

-       دعم الصين موقف إيران الرافض لخفض مستوى تخصيب اليورانيوم إلى الصفر إذا ما عاد الطرفان إلى طاولة التفاوض، على قاعدة منح إيران الحق في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، لكنها ستعارض أي محاولة من إيران الحصول على سلاح نووي في تبنّي نموذج كوريا الشمالية، لأن بيجين لا تريد رؤية سباق تسلح نووياً في المنطقة.

-      إبطاء تنفيذ بنود اتفاق "الشراكة الاستراتيجية الشاملة" لمدة 25 عاماً الموقعة في 2021 كجزء من مبادرة الحزام والطريق.

-      استحواذ الصين على حصة أكبر في مستقبل التسليح في إيران، خصوصاً عقب النتائج التي حققها الجيش الباكستاني في مواجهة الهند. (مركز الإمارات للسياسات)

قراءات وخلاصات مركز "صدارة"

·     من المبكر الجزم بكيفية رؤية الصين لنتائج الحرب بين إيران والاحتلال الإسرائيلي؛ وبغض النظر عن الاحتمالات المتعددة، فإن الصين ستبدأ في وضع نتائج الحرب ضمن استراتيجيتها الدولية الأساسية، وهي بناء شبكة حلفاء استراتيجيين تجهض جهود الولايات المتحدة لكبح صعود الصين، خاصة فرض حصار بحري ضمني على الخطوط التجارية والعسكرية الصينية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. وفي هذا الصدد، فإن إيران رغم نقاط ضعفها الجوهرية أكدت في هذه الحرب أنها شريك منطقي للصين في هذه المواجهة الاستراتيجية بين بكين وواشنطن، وأن الشراكة الاستراتيجية بين الصين وإيران ضرورة برية وبحرية على حد سواء؛ فإذا كان بإمكان إيران تهديد الملاحة الدولية من هرمز إلى باب المندب فإن هذه الميزة من المهم أن تكون ضمن بدائل الصين لفرض توازن مع الغرب، وليست تهديداً محتملاً لبكين. ومن ثم لا يعكس الحذر الصيني إزاء الحرب تراجعاً عن تقدير أهمية الشراكة مع إيران، وإنما استمرار لسياسة الصين الدولية العامة، والتي تكررت في مناسبات مثل حرب أوكرانيا وجولة التصعيد العسكري بين الهند وباكستان، حيث تميل الدبلوماسية الصينية دائما لمواقف متوازنة وحذرة بغض النظر عن شراكتها الفعلية مع أحد أطراف النزاع.

·     مع عدم استبعاد التفسيرات الواردة بخصوص غياب الحوثيين عن المشاركة في الحرب بين إيران و"إسرائيل"، والتي منها أيضاً حرص إيران على احتواء المعركة وليس تصعيدها، فإن هذه المسألة تسلط الضوء على تحولات محتملة في عقيدة إيران الدفاعية. فبعد أن كانت إيران تعتمد أولا على وكلائها كحلقة ردع متقدمة قادرة على تهديد أعدائها، فإن ما دفع إيران إلى إعطاء الأولوية لخوض المواجهة مباشرة والتريث في دخول هؤلاء الوكلاء (ليس فقط الحوثيين، ولكن أيضا المجموعات العراقية وحتى حزب الله نفسه) هو أن استراتيجية الاعتماد على الوكلاء كانت مصممة أساساً لإدارة المعارك بعيداً عن التراب الوطني الإيراني. لكن مع تعرض إيران ونظام الحكم فيها ممثلاً في قادته العسكريين للهجمات، كان لزاماً أن تخوض إيران بنفسها المعركة أولا لإثبات أنها قادرة عن الدفاع عن نفسها وتالياً للحفاظ على هيبة النظام المحلية والخارجية في نفس الوقت.

ولذلك؛ وكما أن الاحتلال "الإسرائيلي" سيعيد تصميم خططه الدفاعية للتعامل مع واقع أن أراضيه باتت محل استهداف مباشر، فإن إيران كذلك من المرجح أن تعيد تصميم عقيدتها الدفاعية مع إعطاء أولوية واضحة لمقومات الدفاع عن الأراضي الإيرانية وبنية النظام نفسه. لا يعني هذا أن ثمة تخلي عن نهج بناء شبكة وكلاء خارجية أو تردد في ترميم قدرات حزب الله أو الحوثيين، ولكن على الأرجح سيكون الوزن النسبي خلال السنوات القادمة أعلى للاستثمار في تطوير دفاعات البلاد الذاتية وقدرات الحرس الثوري والجيش بعد أن ثبت حدود الاعتماد على الوكلاء والقيود المفروضة على تحركاتهم.

·     على الرغم من حالة الاستنفار الأمني في إيران عقب الحرب من أجل معالجة الاختراقات الاستخبارية "الإسرائيلية"، فإن نجاح طهران في التصدي لهذا الأمر تواجهه عقبة رئيسية، وهي تخلف القدرات الاستخبارية التقنية الإيرانية مقارنة مع مثيلتها الأمريكية و"الإسرائيلية". ويظهر التحدي التقني عموماً كمسألة أمنية ملحة أمام طهران في ظل القيود طويلة الأجل التي فرضت على البلاد وقيّدت وصولها لهذه القدرات على مدار سنوات طويلة، وهو الأمر الذي تجلى واضحاً في هذه الحرب. وبينما ستلجأ الأجهزة الأمنية الإيرانية على الفور إلى الإجراءات القاسية المعتادة، مثل توسيع دائرة الاشتباه والاعتقالات والإعدامات وتتبع بعض الأفراد في الداخل والخارج، فإن تطوير بنية أمنية استخبارية قائمة على قدرات تقنية حديثة ومتقدمة سيتطلب سنوات، هذا بفرض تلقي مساعدة جادة من قبل حلفاء مثل الصين وروسيا، أو رفع القيود عن إيران ومن ثم زيادة فرص أن تطور هذه القدرات بإمكاناتها الذاتية.