الحرب بين إيران والكيان الإسرائيلي.. معطيات وخلاصات - عدد 03

الساعة : 21:18
27 يونيو 2025
الحرب بين إيران والكيان الإسرائيلي.. معطيات وخلاصات - عدد 03

أبرز المعطيات والمؤشرات

·     كشفت مصادر متابعة عن تشكيل جهاز أمني جديد في طهران قوامه 4000 رجل أمن واستخبارات، وظيفتهم اصطياد الجواسيس والقضاء عليهم، مشيرةً إلى وجود تعاون مع أجهزة الاستخبارات الصينية والروسية في هذا المجال، وقد وصلت تقنيات استجواب ورصد وملاحقة صينية خاصة للجهاز الجديد.  (صحيفة رأي اليوم)

·     كشفت تقارير خاصة أن الصراع بين "تل أبيب" وطهران، دفع الاستخبارات العسكرية الفرنسية والاستخبارات الخارجية إلى تعزيز نظام المراقبة الكهرومغناطيسية في المنطقة للحصول على رؤية دقيقة لإشارات الرادار والاتصالات التكتيكية، وتحركات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع. ولفتت التقارير إلى أنه من المواقع التي يجري خلالها الرصد منطقة المفرق في الأردن، إضافة إلى منطقة "بافوس" على الساحل الجنوبي الغربي لقبرص لرصد مسارات الصواريخ الباليستية أو الأسرع من الصوت التي تطلقها إيران. (موقع إنتليجنس أونلاين، فرنسا)

·     أفادت مصادر مطلعة لشبكة "سي أن أن" بأنّ التقديرات الأولية للمخابرات الأمريكية أشارت إلى أن ضربات المنشآت النووية الإيرانية الثلاث لم تدمر المكونات الأساسية للبرنامج النووي، بل عطلته على الأرجح لعدة أشهر فقط، لافتةً إلى أنّ مخزون اليورانيوم في إيران لم يدمر، وأن أجهزة الطرد المركزي لا تزال سليمة إلى حدٍ كبير. من جهتها، أشارت وكالة "بلومبيرغ" إلى أنّ القصف الأمريكي لم يدمّر البنية التحتية فحسب، بل قوّض أدوات الرقابة وأدى إلى إخفاء مواقع تخصيب اليورانيوم. (موقع عربي 21)

·     أفادت تقديرات دبلوماسية بأن إيران تحتفظ بما يكفي من أجهزة الطرد المركزي لتتمكن من رفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى مستويات تُستخدم في إنتاج السلاح النووي خلال فترة قصيرة، خصوصًا في حال تلقّيها دعمًا تقنيًا من حلفاء مثل روسيا أو كوريا الشمالية. وأشارت التقديرات إلى أن طهران تمتلك حاليًا كميات كافية من المواد المخصّبة، وهناك قرار سياسي داخلي واضح على ما يبدو بالمضي قدمًا في تطوير قدراتها، ما يجعل احتمال تصنيع رؤوس نووية قابلاً للتحقق في وقت قياسي. (موقع لبنان 24)

·     كشفت مصادر دبلوماسية عن تباينات ظهرت في المواقف الخليجية إزاء الهجوم على قاعدة "العديد" في قطر، حيث أبدت الإمارات اعتراضًا صريحًا على ما اعتبرته "ليونة مفرطة" في الموقف القطري تجاه التصعيد الإيراني وفضّلت اتخاذ موقف أكثر حزمًا. ولفتت المصادر إلى أن القاهرة تعرّضت لضغوط خليجية واضحة من بعض العواصم الكبرى لدفعها نحو تبنّي موقف أكثر تشدّدًا وتصعيدًا ضد إيران. (صحيفة الأخبار، لبنان)

·     ذكر تقرير لصحيفة "يسرائيل هيوم" أن الولايات المتحدة تدرس مساعدة إيران بمبلغ 30 مليار دولار لبناء برنامج نووي مدني، إذا وافقت إيران على التخلي عن تخصيب اليورانيوم. (شبكة الهدهد الإخبارية)

·     كشفت تقديرات "إسرائيلية" أولية أن الحرب على إيران كلّفت الخزينة "الإسرائيلية" حوالي 22 مليار شيكل، بينها 10 مليارات شيكل لتمويل إنفاق الجيش، و5 مليارات شيكل لتمويل تعويضات للمصالح التجارية والعاملين الذين اضطروا إلى التوقف عن العمل وحوالي 15 ألف شخص الذين تم إخلاؤهم من منازلهم؛ و5 مليارات شيكل لتمويل الأضرار بالمباني والبنية التحتية التي نتجت عن سقوط الصواريخ الإيرانية. (موقع عرب 48)

·     كشفت محافل "إسرائيلية" لموقع "واينت" العبري، أنّ الصاروخ الإيراني الذي ضرب مستشفى "سوروكا" في بئر السبع، دمر ست مختبرات بشكل كامل، وتسعة أخرى بشكل كبير، تابعين لجامعة "بن غوريون" القريبة من المستشفى، مُشيرةً إلى تدمير ما بين 40 إلى 45 مختبرًا بحثيًا بشكل كلي في عدد من المباني في معهد "وايزمان"، ونحو 20 مختبرًا أخرى تدمرت بدرجات متفاوتة. (صحيفة العربي الجديد)

·     أشارت أوساط استخباراتية ودبلوماسية إلى أن روسيا أبلغت واشنطن بأن موقفها المحايد من الهجوم على إيران يمكن أن يتغير في حالتين وهما قتل المرشد علي خامنئي وبروز خطط أوسع من جهة "إسرائيل" أو الولايات المتحدة لإسقاط النظام. (صحيفة رأي اليوم)

·     ذكرت إذاعة الجيش "الإسرائيلي" أن إيران أطلقت ما بين 500 – 550 صاروخاً باليستياً وأكثر من 1000 مسيرة تجاه فلسطين المحتلة، منذ بدء التصعيد الأخير. (موقع العهد الإخباري، لبنان)

·     كشف تقرير لشبكة "بلومبيرغ" أن الولايات المتحدة ألقت على إيران أكثر من نصف إنتاجها السنوي من قنابل GBU-57 والتي تنتج منها قنبلتين فقط كل شهر. (صحيفة العربي الجديد)

·     كشفت مصادر مطلعة أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، نصح طهران بأن تذهب إلى مفاوضات حول البرنامج النّوويّ من دون سقفٍ عالٍ يؤدّي إلى تجدّد المواجهة أو الذّهاب بعيداً نحوَ إسقاط النظام، وأن تكون المفاوضات مع واشنطن ضمنَ رعاية دوليّة بما يُشبه صيغة 5+1 التي أدّت إلى اتّفاق 2015، وليس عبر محادثات ثنائيّة مع واشنطن، وذلكَ لكي يكونَ الاتّفاق أكثر صلابةً. (موقع أساس ميديا، لبنان)

·     رأى مراقبون أن من بين أسباب عدم انخراط "حزب الله" في الحرب بين "إسرائيل" وإيران هو عدم رغبة الحزب في الكشف عن نقاط تجميع صواريخه في بعض الجبال في ما لو شارك في الحرب، علمًا أن "إسرائيل" لا تزال تضرب الجبال في مرتفعات الريحان ومرتفعات البقاع الغربي، وهي النقاط الأقرب الى شمال الليطاني بعدما فرغت منطقة جنوب الليطاني تقريباً من صواريخ الحزب. (موقع ليبانون فايلز)

تحليلات عربية وغربية

·     رأى المحلل السياسي، علي منتش، بأن الحرب بين إيران و "إســرائيل" لا يبدو وكأنها انتهت فعليًا، بل توقفت عند حدود وقف إطلاق نار هشّ، لم يُبْنَ على أي اتفاق سياسي أو أمني، ما يجعل احتمال عودة الاشتعال قائمًا في أي لحظة، فالحرب لم تُنهَ بتسوية واضحة، بل بمجرد تهدئة ميدانية مؤقتة، ما يضع المنطقة بأكملها أمام مشهد مفتوح على احتمالات التصعيد مجددًا. واعتبر "منتش" أن المعضلة الأساسية تكمن في المأزق الذي تواجهه "إســرائيل" بعد الضربة، فإما أن تعلن أن المنشآت النووية الإيرانية قد دُمّرت بالكامل، وبالتالي لا حاجة لأي مراقبة أو تدخل دولي، ما يعني اعترافًا ضمنيًا بنجاح الضربة، ولكن مع بقاء التوتر قائمًا، أو أن تؤكد بأن الضربة لم تحقق أهدافها، فتدخل في مسار تصعيدي جديد وتصبح أمام خيار استئناف الحرب لتحقيق ما لم يتحقق في الجولة الأولى.

بالمقابل، أوضح "منتش" أن هذا الالتباس في السردية "الإسرائيلية" يقابله سلوك إيراني واضح وسريع نحو ترميم القدرات الدفاعية والردعية، فطهران لا تتصرف على أساس أن المواجهة انتهت، بل على العكس، تتصرف كمن يتحضّر لجولة ثانية محتملة. ولعل زيارة وزير الدفاع الإيراني عزيز نصير زاده إلى الصين تأتي في هذا السياق، حيث تسعى إيران لتأمين دعم سياسي وعسكري وتقني، يعزز من موقعها في أي مواجهة مستقبلية محتملة، كما أن مؤشرات داخلية في طهران توحي بأن النظام الإيراني يدرك أن المعركة قد تتجدد، خصوصًا مع تزايد الضغوط الغربية وإصرار بعض الأطراف على استمرار آلية الردع. وبالتالي، فإن حالة الهدوء الحالية ليست سوى استراحة قصيرة في حرب طويلة ومفتوحة. (موقع لبنان 24)

·     رأى متابعون ومحللون مختصون بالشأن الإيراني و"الإسرائيلي"، أنّ صمود اتفاق وقف إطلاق النار بين إيران و"إسرائيل" يبقى رهنًا بما ستؤول إليه المفاوضات السياسية اللاحقة، نظرًا إلى أنّ التقارير الاستخبارية تُشير إلى أنّ الضربات الأمريكية و"الإسرائيلية" أخّرت برنامج طهران النووي بضعة أشهر فقط، معتبرين أنّ احتفاظ إيران باحتياطاتها من اليورانيوم المخصب ونقله إلى مكان مجهول، وإعادة ترميم الأضرار في البنية التحتية للبرنامج النووي، يعني استمرار الصراع حول هذا البرنامج. ورجّح المحللون أن يكون التخريب الأمني ودعم حركات التمرّد والاحتجاجات الداخلية في إيران، على جدول الأعمال الأمريكي و"الإسرائيلي" في مرحلة ما بعد الحرب، لافتين إلى أنّ "إسرائيل" تسعى لإرساء معادلة أمنيّة جديدة ضدّ إيران، تمنحها "حرية التصرّف" العسكري والأمني، على غرار ما هو حاصل في لبنان، ولذلك، من غير المستبعد أن تلجأ "إسرائيل" مرّة أخرى، في المستقبل غير البعيد، إلى شن هجمات وتصعيد عسكري على إيران (في صورة اغتيالات مثلًا)، تحت ذرائع من مثل الإجراءات السرّية التي تقوم بها طهران لتعزيز برنامجيها النووي أو الصاروخي، وتحويل هذه الاعتداءات إلى روتين. (صحيفة الأخبار، لبنان)

·     رأى المحلل السياسي، إمطانس شحادة، أن وقف إطلاق النار دون اتفاق واضح ودون شروط، يمكن أن يوفّر لإسرائيل حرية العمل العسكري ضد إيران مستقبلًا، فبعد أن كسرت "إسرائيل" المانع النفسي في توجيه ضربات قاسية للعمق الإيراني، وجرّبت قدراتها في ذلك، وتبيّن أن الأثمان العسكرية محدودة، ستحاول "إسرائيل" نسخ النموذج السوري واللبناني في إيران أيضًا. بمعنى أنها ستستمر بالحرب بأدوات أخرى، وتوجيه ضربات في العمق الإيراني، وستعمل على منع إيران من إعادة بناء المنشآت النووية وترميم ما تعرّض للضرر نتيجة العدوان "الإسرائيلي". كما ستحاول "إسرائيل" وتحت حجة منع خلق أي تهديد عسكري مستقبلي، منع إعادة بناء القدرات الصاروخية لإيران، وربما قدرات عسكرية تقليدية أخرى. فالمجتمع الإسرائيلي سيتقبّل ذلك، خاصة إذا كان دون أثمان أو خسائر، والإدارة الأميركية ستدعم ولو بصمت، والعالم سيعتاد على الاعتداءات الإسرائيلية في إيران. (موقع عرب 48)

·     رأى الباحث في معهد دراسات الأمن القومي "الإسرائيلي"، راز  تسيمت، أنه لا يوجد ما يدل على أن إيران معنية في هذه المرحلة بالعودة إلى إطار تفاوضي، ولا سيما إلى صيغة تتضمن تقديم تنازلات تعتبرها طهران خضوعًا لإملاءات أميركية، وعلى رأسها: التخلي عن حق التخصيب داخل أراضيها. علاوةً على ذلك، من المشكوك فيه أن توافق إيران على آلية رقابة مشددة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي اتهمها مسؤولون إيرانيون، خلال أيام المواجهة، بالتعاون مع "إسرائيل" والولايات المتحدة، وبالتمهيد للهجمات على إيران. (مركز الدراسات الفلسطينية)

·     رأت المحللة السياسية، صبا مدور، بأن الضربة الصاروخية على قاعدة "العديد" أثارت تساؤلات جوهرية حول مستقبل معادلات الردع، وجدوى التحالفات الدفاعية التقليدية مع الولايات المتحدة، التي استند إليها أمن الخليج لسنوات، ورغم نجاح قطر في اعتراض الصواريخ، فإن الأهمية لا تكمن في نتيجة الاعتراض فحسب، بل في فعل الهجوم نفسه، الذي أدخل الأمن القطري والخليجي في حالة من عدم اليقين الاستراتيجي والأمني والرمزي، سيدفع بدوره بشكل أكبر لتغير المعادلات الأمنية والاستراتيجية في الخليج. وأشارت المحللة إلى أن اختيار إيران للقاعدة يحمل دلالتين، الأولى، إشارة إيرانية صريحة إلى تلاشي الخطوط الحمراء في مسرح الاشتباك الإقليمي؛ والثانية، رمزية القاعدة كمركز قيادة للعمليات العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط. من خلال هذا الهدف،

ولفتت "مدور" إلى أنه وعلى المدى القريب، وفي ضوء مواجهة خطوط التصعيد الحالية، بات ملحًا بالنسبة لدول الخليج اعتماد خطوط ردع جديدة، لإكساب الخليج دوره الفاعل، على سبيل المثال، تفعيل جديد لاتفاقية الدفاع المشترك لمجلس التعاون 2001 مع تعزيز خيارات دبلوماسية واقتصادية، لاستبعاد دول الخليج من ساحات نقل الرسائل أو تصفية الحسابات، كما يبدو إطلاق نقاش استراتيجي لمراجعة البنية الأمنية الخليجية أمراً حيوياً للغاية، مستلهماً تجربة أوروبا في حرب روسيا-أوكرانيا، في البحث عن مقاربات جديدة لتحديات قديمة. (صحيفة المدن، لبنان)

·     رأى رئيس تحرير موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، ديفيد هيرست، أنّ إيران لن تتعجل في العودة إلى طاولة المفاوضات، كونها لن تثق برئيس أمريكي انسحب من الاتفاق النووي مرتين، وقد صمدت أمام عقوبات وحرب ضروس، وبالتالي فهي ليست بحاجة لاتفاق، بل تستطيع خلال أشهر أن تستعيد قدرتها على تخصيب اليورانيوم وإنتاج منصات إطلاق الصواريخ. ولفت "هيرست" إلى أنّ انسحاب إيران من معاهدة حظر الانتشار النووي قد يكون أحد الخيارات، وربما تجد فيه حافزًا للذهاب نحو تطوير قنبلة نووية لردع "إسرائيل". (موقع عربي 21)

·     رأت محلّلة شؤون الشرق الأوسط، ماريانا بيلينكايا، بأن عجز روسيا عن مؤازرة إيران في وجه "إسرائيل"، يعكس تراجع نفوذها في الشرق الأوسط، بعد خسارتها جانباً كبيراً من حضورها على الساحة السورية، مشيرةً إلى أن مساعي موسكو للعب دور الوساطة خلال المواجهة الإسرائيلية - الإيرانية، على الرغم من افتقار روسيا إلى أدوات التأثير المناسبة في وساطة كهذه، تُظهر رغبتها في الحفاظ على توازن دبلوماسي دقيق بين روابطها الاقتصادية والعسكرية مع إيران، من جهة، وبين علاقاتها الجيدة مع كل دول الخليج، بخاصة في مجال النفط، وكذلك إسرائيل، التي يراها بوتين "دولة ناطقة بالروسية"، من جهة أخرى. وأضافت المحللة بأن عرض روسيا وساطتها يرمي كذلك إلى إقناع "ترامب" بضرورة التعامل معها في المسائل التي تتخطّى أوكرانيا، على أمل أن تقايض تلك الوساطة بمطالبة واشنطن بتخفيف العقوبات عن موسكو، والاعتراف بما قامت به الأخيرة من ضمّ لأراضٍ أوكرانية، بكل ما سيعنيه ذلك من خيبة لأوكرانيا وأوروبا. (صحيفة الأخبار، لبنان)

·     رأى محللون ومراقبون باكستانيون، أن مواقف باكستان إزاء الهجوم على إيران انطلقت من إدراك المؤسسة العسكرية أنّ أهداف العدوان الإسرائيلي، المدعوم غربياً، تتجاوز ضرب المشروع النووي لطهران، وتتعداه نحو هدفين أساسيين: أولهما إسقاط نظام الحكم في إيران، وجرّ الأخيرة نحو حلف هندي - إسرائيلي مناهض لباكستان، كتوطئة لإحداث تغييرات سياسية في الأخيرة؛ وثانيهما يتصل بتعطيل تبلور حلف عسكري تكنولوجي ثلاثي قيد التبلور بين إسلام آباد، وكل من أنقرة وطهران، بما يحمله من تبعات جيوسياسية من شأنها أن تؤرّق واشنطن وتل أبيب، وفق ما عكسته تقديرات استخبارية وبحثية غربية في أكثر من مناسبة. (صحيفة الأخبار، لبنان)

·     رأت دراسة تحليلية أن "ترامب" يسعى لمعادلة جديدة في إدارة الصراع مع إيران، تقوم على استخدام قوة مفرطة، في ضربة دقيقة ومدروسة، يتبعها عرض تفاوضي مشروط، فإعلانه أن "الضربة لن تتكرر إذا اختارت إيران السلام" يعكس مزيجًا من التصعيد العسكري والضغط النفسي، يسعى من خلاله إلى ترسيخ نمط جديد من الردع يقوم على الضربة الرادعة لا الحرب الشاملة، وفتح باب التفاوض من موقع التفوق وليس التنازل، لكن الضربة لم تكن موجهة فقط إلى البنية النووية الإيرانية، بل حملت رسالة أعمق تستهدف تقويض ثقة النظام في قدرته على حماية مراكزه الاستراتيجية. فحين تُقصف منشأة محصنة مثل فوردو وتُضرب بقنابل خارقة، فإن الرسالة الأساسية هي أن التحصين لم يعد يكفي، وأن النظام مكشوف حتى في أعماق الأرض. وليس خافيا أن تأكيد "ترامب" أن هذه هي الأهداف الأصعب وأن الأهداف الأخرى باتت سهلة، يحمل إشارة مباشرة لعدم استبعاد استهداف خامنئي وباقي هيكل القيادة الإيراني إذا لم يخضعوا لعرض السلام الأمريكي.

وأوضحت الدراسة بأنه وبناء على ذلك، تتجاوز الضربة بعدها العسكري لتتحول إلى أداة لزعزعة الثقة الداخلية وفرض وقائع جديدة في معادلة الردع الإقليمي، إذ لم يعد الصراع مع واشنطن يدور حول منشأة بعينها أو اتفاق تقني، بل بات اختبارًا وجوديًا لقدرة النظام الإيراني على الصمود كقوة إقليمية فاعلة تحت ضغط عسكري وسياسي غير مسبوق، وإن الخيارات الاستراتيجية لتطور الصراع مفتوحة على سيناريوهات يصعب التنبؤ بمساراتها، أو احتواء ارتداداتها. (موقع أسباب للدراسات)

·     رأى المحلل السياسي، يحيى دبوق، أن ثمّة مؤشرات على أنّ وقف إطلاق النار قد يصمد، ولو جزئيّاً، نظراً إلى رغبة الأطراف في استعادة بعض الزخم السياسي والعسكري، والتوجّه إلى ترتيب البيت الداخلي والبدء بالاستعداد لمواجهة تحدّيات ما بعد الحرب. وعلى ذلك، يمكن اعتبار المرحلة هذه، مدّة "استراحة إستراتيجية"، تُستخدم لإعادة التقييم وتحديد الخطوات المقبلة. وأضاف "دبوق" يأنه ليس هناك ضمانات "إسرائيلية" أو أميركية بأنّ إيران لن تعيد ترميم قدراتها، وبمستوى يتجاوز ما كانت عليه في السابق، الأمر الذي يحتّم على إسرائيل أن تزيد من درجة استعدادها وجهوزيتها ويقظتها أثناء مدّة الانتظار والهدوء المؤقّت، لافتًا إلى أن إيران قد لا تنحو باتجاه تصنيع القنبلة النووية؛ لعدة عواملَ داخلية وأخرى خارجية تحدّ من هكذا خيارات متطرّفة، لا سيّما في المدى المنظور، ومنها:

-      ضرورة التركيز على إعادة ترتيب الأولويات الدفاعية والتحصينية بناءً على الدروس المستفادة من الحرب؛

-      ضرورة العمل سريعاً على رفع سقوف أثمان أيّ مواجهة مقبلة، قد يلجأ إليها أعداء إيران مستقبلاً، علماً أنّ الحرب زادت من تصميم طهران على تسريع البحث والتطوير النوويَّين، والحفاظ على هذا الخيار حيّاً وفاعلاً، تمهيداً لقرارات قد تُتّخذ لاحقًا.

-      إيران معنية الآن بإثبات أنّ الحرب لم تنهِ برنامجها النووي أيضاً، بما يتضمّن مجال التخصيب العالي، وإنْ لم تكن معنية بالهرولة نحو السلاح النووي نفسه. (صحيفة الأخبار، لبنان)

قراءات وخلاصات مركز "صدارة"

·       من المهم التفرقة بين إدراك إيران أن الحرب لم تنته بصورة حاسمة، وبين رغبتها في العودة للعمليات العسكرية. فمن المرجح أن إيران عكس الاحتلال الإسرائيلي لا تعطي الأفضلية لمواصلة الهجمات العسكرية في ظل نقاط ضعفها التي ظهرت واضحة خلال موجة التصعيد. أي أن إيران بينما ستتصرف بحذر وتتحسب لاستئناف الهجمات إلا أنها في نفس الوقت تعطي الأولوية لإطالة أمد وقف إطلاق النار وصولاً إلى تثبيته نظراً لأنها بحاجة لترميم قدراتها الدفاعية ومعالجة الاختراقات الأمنية الفادحة. بالإضافة لذلك؛ فإن عدم فاعلية الشراكة مع الصين وروسيا تزيد من القيود المفروضة على إيران عند إجراء أي حسابات لتجدد الحرب في الأجل القصير.

·       لا يعني عدم تعرّض البرنامج النووي الإيراني لتدمير شامل في القصف الأمريكي أن طريق طهران بات ممهداً لاستئناف المشروع وصولاً إلى امتلاك القنبلة إذا صدر القرار بذلك. لا شك أن البنية التحتية للمنشآت النووية أصابتها أضراراً مباشرة، يتطلب استئناف العمل جهوداً لا يمكن إخفاؤها لإعادة بناء تلك المنشآت، بينما لا توجد ضمانة أمريكية أو إسرائيلية بأن تكرار الاستهداف بات مستبعدا. على العكس تماما، يظل تكرار الاستهداف لأي قدرات نووية مستقبلية مرجحا طالما لم يتغير توازن القوى الراهن. ولذلك؛ فإن أولوية إيران هي تأمين قدراتها الدفاعية وبنيتها التحتية الاستراتيجية وليس إعادة بناء مؤسسات وقدرات لا يمكنها حمايتها.

·       على عكس التقديرات التي تثير تساؤلات حول منطقية اختيار قاعدة العديد، يبدو أن طهران قد أجرت حسابات دقيقة لضمان أن الضربة سيكون لها أثراً دعائياً محلياً مناسباً لتغطية قبول وقف إطلاق النار، وفي نفس الوقت يمكن احتواء أضرارها على علاقات إيران الإقليمية. ويوفر استهداف مركز القيادة الأمريكي الإقليمي الأكبر العائد النفسي والدعائي المطلوب مقارنة مع أي قاعدة أخرى في السعودية أو الإمارات أو العراق، بينما توفر العلاقات الجيدة بين الدوحة وطهران رصيداً ودياً يجعل من احتواء تداعيات الهجوم أكثر إمكانية مقارنة مع استهداف السعودية أو حتى البحرين.

لقد كسرت إيران حاجزاً نفسياً مهماً باستهداف العديد، وفي نفس الوقت أرسلت رسالة تحذير مستقبلية لباقي دول الخليج الذين لا تتسم العلاقات معهم بنفس القدر من الثقة. لكن من جهة أخرى، فإن نجاح الردع الإيراني هذا سينتج عنه مزيدا من اعتماد دول الخليج على الحماية الأمريكية بنفس قدر تمسكهم بنهج احتواء التوترات مع إيران.