الحرب بين إيران والكيان الإسرائيلي.. معطيات وخلاصات عدد 04

الساعة : 14:39
3 يوليو 2025
الحرب بين إيران والكيان الإسرائيلي.. معطيات وخلاصات عدد 04

أبرز المعطيات والمؤشرات

·     أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" بأنّ السلطات الإيرانية شنت حملة اعتقالات واسعة في صفوف الجالية اليهودية، للاشتباه في تورط أفراد منها في التعاون مع "إسرائيل"، مُشيرةً  إلى أنّ من بين المعتقلين حاخامات وشخصيات بارزة في الجالية في "طهران" و"شيراز". (موقع عربي 21)

·     كشفت مصادر متابعة أن حملة غير معلنة بدأت بالفعل ضد خلايا استخباراتية يُعتقد أنها تابعة للموساد، وذلك ضمن عمليات تُنفّذ بصمت، وقد أفادت الحكومة الإيرانية باعتقال أكثر من ألف شخص للاشتباه في تجسسهم لصالح "إسرائيل" في الأيام الأخيرة. (موقع لبنان 24)

·     كشفت تسريبات من داخل وزارة الدفاع الأميركية أن الضربة الجوية الأميركية، التي استهدفت ثلاثة مواقع نووية في إيران، لم تُصب سوى الأبنية المساعدة فوق سطح الأرض، في حين ظلّت المنشآت الأساسية المحصنة على عمق أكثر من مئة متر سليمة تقريبًا. (موقع لبنان 24)

·     كشفت تقارير إعلامية عن تشديد طهران إجراءاتها الأمنية بحق الأجانب والمهاجرين، لا سيما في العاصمة طهران، مشيرةً إلى تصاعد الدعوات المطالبة بضرورة تنظيم وجود الأجانب ووضع برنامج منظم وجاد لدخولهم وخروجهم وإقامتهم. (موقع جنوبية، لبنان)

·     ذكر موقع "The National Interest" الأميركي أن الحرب الأخيرة أظهرت أوجه قصور صارخة داخل القوات الجوية الإيرانية لعدة أسباب بينها:

-      أن هيكلها العسكري في حالة ضمور، إذ تعتمد على طائرات من حقبة الحرب الباردة، تم شراؤها من الغرب والاتحاد السوفيتي، وهي ببساطة لا تستطيع مواكبة القوات الجوية الحديثة، وبالتالي غير قادرة بشكل أساسي على المشاركة في العمليات الدفاعية أو الهجومية.

-      أن هناك صعوبة بالغة في الحفاظ على صلاحية طائراتها للطيران أصلًا بسبب شح قطع الغيار، حيث لا تصلح سوى 50 إلى 60% منها للطيران، أما الباقي فيُخصص كمصدر لقطع الغيار.

-      أن معظم الطائرات ليست فعّالة في الجو، كونها تستخدم أنظمة رادار من سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، مما يحدّ من قدرات الوعي الظرفي والرصد ما وراء المدى البصري.

-      خلو القوات الجوية الإيرانية من منصات الإنذار المبكر والتحكم المحمول جوًا (AEW&C)، مما يعوق التحكم في المجال الجوي ووقت رد الفعل.

-      النقص في قدرات الحرب الإلكترونية، حيث لا تمتلك أي قدرة فعالة على التشويش الجوي. (موقع لبنان 24)

·     ذكرت صحيفة "كيهان" الإيرانية بأن العديد من البرامج الهندية المستخدمة في إيران، تحتوي على أبواب خلفية (Backdoors) تقوم بإرسال البيانات مباشرة إلى "إسرائيل" بشكل حيّ، والتي تشمل معلومات حساسة كسجلات الأحوال المدنية، بيانات جوازات السفر، أنظمة المطارات، وغيرها من الأنظمة المماثلة، مشيرةً إلى أن هذه البرامج قد تُعطّل أحيانًا معدات عسكرية، وتوفر إمكانية تنفيذ عمليات تحكم عن بُعد. (شبكة قدس الإخبارية)

·     كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن الصناعات العسكرية الإيرانية المتقدمة بدأت خلال الحرب، بالعمل على إنتاج صواريخ أكثر تطورًا لاختراق منظومة الدفاع الجوي "الإسرائيلية"، مشيرةً إلى أن الإيرانيين يستعينون الآن بالصينيين والروس من أجل التعافي عسكريًا لسد الفجوات التي تسببت بها "إسرائيل". (صحيفة رأي اليوم)

·     أشارت مصادر عبرية إلى أن كبار المسؤولين في المنظومة الأمنية "الإسرائيلية" توجهوا إلى رؤساء شركات "إسرائيلية" مثل "إلبيت"، و"رافائيل"، والصناعة الجوية، بطلب إعطاء أولوية لإنتاج سريع للذخائر التي استهلكها سلاح الجو بشكل مكثّف في الأسابيع الأخيرة. (شبكة الهدهد الإخبارية)

·     وافقت وزارة الخارجية الأمريكية على بيع أسلحة لـ"إسرائيل" في صفقة تُقدّر قيمتها بحوالي 510 ملايين دولار، وتشمل مجموعات توجيه لمئات القنابل الخارقة والدقيقة، إضافة لدعم لوجستي وهندسي من الحكومة الأمريكية وشركات خاصة. (شبكة الهدهد الإخبارية)

·     كشفت وسائل إعلام عبرية أن الكلفة المباشرة لأضرار الحرب مع إيران تجاوزت 5 مليارات شيكل، مشيرةً إلى أن عدد الأشخاص الذين تم إجلاؤهم بلغ نحو 18,000 بسبب الدمار، وأن عدد مطالبات التعويض المقدمة حتى الآن بلغ 41,550 مطالبة، فيما لا تزال آلاف المطالبات قيد المعالجة أو في طريقها للتقديم. (صحيفة الأخبار، لبنان)

·     كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن الجيش "الإسرائيلي" هاجم 900 هدف في إيران عبر 1500 طلعة جوية نفذها سلاح الجو؛ حيث تم تدمير حوالي 200 منصة إطلاق صواريخ، وأكثر من 35% من مواقع الإنتاج. (موقع عربي 21)

تحليلات عربية وغربية

·     رأى خبراء بأنه ومع تأصل الصناعة النووية في إيران، سيكون من الصعب إنهاء البرنامج النووي الإيراني على الرغم من كل الضربات، الأمر الذي يجعل المسألة مسألة وقت فقط لإعادة تلك الأنشطة، بعد إجراء تقييم للأضرار، واستنفاد المدة الزمنية المتوقّعة لإعادة الترميم والبناء. وبطبيعة الحال، ستكون المنشآت النووية أكثر تحصيناً في المستقبل، الذي قد يشهد انتقال البرنامج إلى نموذج "المدن الصاروخية" المدفونة في أعماق الجبال، مع احتمالات اللجوء إلى تقنيات تخصيب جديدة كالليزر أو الموجهات الكهرومغناطيسية، التي قام العلماء الإيرانيون بتحويلها إلى صناعة وطنية. (صحيفة الأخبار، لبنان)

·     رأى خبراء في الشأن الإيراني و"الإسرائيلي" أنّ الحرب بين "إسرائيل" وإيران لم تنته بعد، وأنّها محكومة باندلاع جولة جديدة، بعد وصول الطرفين إلى طريق مسدود، وهذا الوضع يثير قلق "إسرائيل"، إذ أن الجولة الأولى من المجابهة قد انتهت عمليًا من دون اتفاق مُرضٍ يُمكّن الوكالة الدولية للطاقة الذرية من التحقق من كل شيء.

فمن جهته، لفت المحلل الصهيوني في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، آفي يسخاروف، إلى أن "إسرائيل" تسعى لتكريس "حرية حركة" في إيران في نوع من سياسة "جزّ العشب" المستمرّ، مُشيرًا إلى أنّ "تل أبيب" تُعدّ لجولات مقبلة ضد إيران، خاصةً أن النظام الإيراني لا ينوي التخلّي عن مشروعه النووي. وأوضح "يسخاروف" أنّ طهران لن تسمح بحرية حركة "إسرائيلية" على الإطلاق، وستردّ على أي اعتداءات جديدة، متوقعًا أن تسعى إيران لإعادة تخصيب اليورانيوم في منشآت سرية وربما التوجّه إلى إنتاج قنبلة نووية "من تحت أنف الغرب".

بدوره ، اعتبر الخبير العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، رون بن يشاي، بأنّه وإذا لم تكن إيران مستعدة للتنازل عن برامجها النووية والصاروخية، أو لفرض الرقابة المناسبة، فستضطر "إسرائيل" لإعادة النظر في كيفية عملها، وستستغرق كلتا العمليتين: تقييم الأضرار، والتفاوض على اتفاق نووي جديد، قرابة ستة أشهر، وإذا تبين أن النتائج غير مرضية من وجهة النظر "الإسرائيلية"، وإذا تردد الإيرانيون، فسيكون من الضروري الاستعداد لجولة أخرى من الحرب، ربما بالتنسيق مع الولايات المتحدة.  (صحيفة الأخبار، لبنان + موقع عربي 21)

·     رأى الكاتب والمحلل السياسي، محمد حمدان، أنّ الخيار الدبلوماسي أصبح ضعيف الترجيح، وأننا  اليوم أمام الخيارات العسكرية، والتي تتعدد سبل المعالجة من خلالها فإما الحرب أو الاستنزاف، لذا فإن الإدارة الأمريكية في ظل توقف الحركة الدبلوماسية بينها وبين إيران، قد تعمد لسياسة ضرب إيران بشكل متكرر من خلال "إسرائيل"، لاستنزافها واكتشاف ما هو غامض، مُشيرًا إلى أنّ هذا الخيار لا يضمن لهم ما ستؤول إليه الأمور، لكن الغرب يعتبر أن التحولات التي تلت السابع من أكتوبر وما مني به محور المقاومة من ضربات هي لحظة مناسبة قد لا تطول فيها فترة الاستنزاف لإيران للوصول إلى سقوطها. (صحيفة الأخبار، لبنان)

·     اعتبر الكاتب والمحلل السياسي اللبناني، حسن فحص، أنّ العودة إلى طاولة التفاوض يبدو مسارًا معقّدًا وغير واضح المعالم، لجهة أنّ كلا الطرفين لم يتراجعا عن شروطهما المسبقة أو النتائج التي ينتظرانها من التفاوض، مشيرًا إلى أنّ حالة عدم اليقين الأمريكية و"الإسرائيلية" من نتائج الضربة "المدمّرة" للمنشآت الرئيسة للبرنامج الإيراني، وظّفتها طهران لبناء مسار من الغموض البنّاء في التعامل مع واشنطن ولآليّة عقابيّة ثنائيّة تستهدف الوكالة الدوليّة للطاقة الذرّية وعواصم الترويكا الأوروبية.

ورأى "فحص" أنّ موقف "المنزلة بين المنزلتين" من الوكالة الدوليّة الذي لجأت إليه طهران، بالإضافة إلى انتظار ما سيكون عليه الموقف الأمريكي وشروطه لطاولة التفاوض، وضَع إيران بين مسارين: إمّا القبول بالشروط المشدّدة وغير المنصفة في بعضها، والذهاب إلى مفاوضات من الصعب التكهّن بنتائجها، وإمّا التمسّك بشروطها من موقع القوّة للعودة إلى الدبلوماسية والتفاوض. وأضاف الكاتب أنّ القانون الذي أصدره البرلمان، والمواقف الصادرة عن رأس الدولة والإدارة الدبلوماسية، تعزّز الاعتقاد بأنّ طهران في طريقها لتبنّي المسار الثاني المتمسّك بموقفها، خاصّةً أنّ الحرب التي لم تكن ترغب بها قد حصلت، وأنّها قدّمت الأثمان الكبيرة من أجل ذلك، مع ترك المجال مفتوحًا لإمكان حصول تحوّلات في موقف واشنطن، خاصّةً أنّ طهران لم تقدّم أيّ رواية نهائية عن نتائج الضربة الأميركية تنفي بشكل قاطع رواية البيت الأبيض، في وقت بدأت فيه ترميم منشأة "فوردو" بعيدًا عن أعين الوكالة الدولية والمفتّشين. (موقع أساس ميديا، لبنان)

·     حذر الباحث والعالم السياسي الأميركي من أصل إيراني المتخصّص في دراسات الشرق الأوسط، ولي رضا نصر، بأنّه وفي حال انهار وقف إطلاق النار واستؤنفت الحرب، فقد تختار إيران مهاجمة السفن أو القواعد الأميركية في الخليج العربي أو إغلاق مضيق هرمز. وسواء فعلت ذلك أم لا، فإنّ المهمّ هو قدرتها على إبقاء العالم في حالة تأهّب، مستغلّةً حالة عدم اليقين لزعزعة أسعار الطاقة والتجارة العالمية. ورجح "نصر" في حال اختيار إيران للهجوم أن تهدف ضرباتها إلى إجبار "إسرائيل" والولايات المتّحدة على القبول بحرب استنزاف. إذ تعتقد إيران أنّ الحرب الطويلة ستحبط الخطط الأميركية والإسرائيلية لتحقيق نصر حاسم، وتُجبرهما على تقديم تنازلات في مواجهة التكاليف المتزايدة وردود الفعل الشعبية السلبية داخليًّا، لافتًا إلى أن إيران لن ترى في دعوة الرئيس "ترامب" إلى السلام مخرجًا دبلوماسيًّا مرحّبًا به ولن تتمكّن من الاستعداد للتفاوض إلّا بعد استعادة بعض القدرة الرادعة، ربّما من خلال الحصول على السلاح النووي.

وخلص "نصر" إلى أن حسابات إيران ستعتمد إلى حدّ كبير على تقويمها لمدى صمود برنامجها النووي في وجه القصف الأميركي، وقدرتها على تحويل مخزونها الحالي من اليورانيوم العالي التخصيب إلى أسلحة نووية. وقد تُغلق برنامجها النووي أمام التفتيش الخارجي، وحتّى لو ظلّت طرفاً في معاهدة حظر الانتشار النووي، فستُبقي العالم في حيرة بشأن أهدافها، مشيرًا إلى أن الولايات المتّحدة قد تحاول عرقلة تقدّم إيران، لكنّ ما لم ترسل قوّات برّيّة، فإنّ وسائل عملها قد تكون محدودة. (موقع أساس ميديا، لبنان)

·     خلص الكاتب والباحث الإيراني، حسن أحمديان، أن الحرب "الإسرائيلية" فرضت استحقاقات علی إيران أجهزت علی سياسة "ضبط النفس" وابتعاد طهران عن التصعيد سابقًا، فقد عَبَرَت إيران بردها "عملیة الوعد الصادق 3" السقوف السابقة في المناكفات العسكرية وانتقلت إلی التناسب الإستراتيجي -الضرب المماثل لأهداف تقترب بأهميتها وثقلها الإستراتيجي من المواقع المستهدفة في إيران، حيث أتت تلك النقلة بتوازن تهديد لم يكن كما يبدو قائمًا عند التخطيط "الإسرائيلي" للحرب، ومع مقدرة طهران علی الحفاظ علی تلك الموازنة خاصة منذ منتصف الحرب وميلها لجر "إسرائيل" لحرب استنزاف، آثرت الأخيرة خيار وقف إطلاق النار.

وأوضح الكاتب أنه ورغم الخسائر الوازنة التي لحقت بطهران إلا أن المكاسب قد تضاهي تلك الخسائر وتشمل تعزيز ردعها المبني علی القدرات الهجومية، وتحسين موقفها التفاوضي أمام الدول الغربية، وإظهار الوحدة الوطنية، فضلًا عن حفاظها على أسس القوة الرئيسية لديها، البرنامج النووي والقدرات الصاروخية، ليبقی السؤال الأهم حول طبيعة السياسة الإيرانية في مرحلة ما بعد الحرب ومدى جهوزيتها لترجمة وقف إطلاق النار إلی إنجازات سياسية علی طاولة المفاوضات. (مركز الجزيرة للدراسات)

·     رأى الباحث كامران بوخاري في تقرير نشره موقع "جيوبوليتكال فيوتشرز" أن مقتل عدد كبير من قيادات الحرس الثوري جعل الفرصة سانحة أمام الجيش النظامي الإيراني المعروف في إيران باسم "الارتش" لتوسيع نفوذه، بعدما ظل مهمشًا ومحدود النفوذ السياسي والموارد، مشيرًا إلى أنه ومع تصاعد الأزمة، تواجه القوتان ضغوطًا لتوحيد الصفوف، في ظل احتكاكات متزايدة بينهما وداخل الحرس نفسه، نتيجة السياسات التي استنزفت البلاد دون حماية حقيقية لأجوائها. وأشار "بوخاري" إلى أن الجيش النظامي سيعمل على تولي زمام الأمور وتوجيه البلاد بعيدًا عن المزيد من الأضرار، لافتًا إلى أن موازين القوى بدأت تتغير بالفعل، مع تولي قائد الجيش النظامي، عبد الرحيم موسوي، رئاسة الأركان العامة بعد مقتل اللواء محمد باقري (من الحرس)، ما وضعه في قيادة مشتركة للجيش والحرس، وحصول الجيش على ثلاثة مقاعد في المجلس الأعلى للأمن القومي مقابل مقعد واحد للحرس. (موقع الخليج الجديد)

·     رأى تقرير نشره موقع "ذا كرادل" أن الحرب الأخيرة بين "إسرائيل" وإيران كشفت لدول الخليج العربي أن بقاء إيران صار ضرورة استراتيجية لا غنى عنها لحماية ما تبقى من مساحة مناورة أمام الهيمنة "الإسرائيلية"، معتبرًا أن نصرًا "إسرائيليًا" حاسمًا على إيران كان من شأنه القضاء على آخر عوامل الردع أمام توسع "تل أبيب" الإقليمي المعلن صراحة إلى سوريا ولبنان وفلسطين، وحتى الأردن والعراق، وتفكيك القضية الفلسطينية – التي طالما كانت ورقة ضغط استراتيجية بيد الحكومات العربية – بين عشية وضحاها. وأكد التقرير أن انتصار "تل أبيب" كان سيفقد دول الخليج أهميتها الاستراتيجية، فإذا تم تحييد إيران، فلن تعود واشنطن بحاجة إلى السعوديين أو الإماراتيين أو القطريين لاحتواء طهران، وسيتآكل دورهم كشركاء استراتيجيين، وما سيحل محله هو محور قوة جديد أميركي-إسرائيلي تصبح فيه دول الخليج مجرد عملاء، لا شركاء، كما سيتراجع نفوذهم في واشنطن، وكذلك قدرتهم على انتزاع ضمانات أمنية، أو صفقات أسلحة، أو دعم دبلوماسي.

وأوضح التقرير أن كثيرًا من المسؤولين الخليجيين يأملون في السر الآن في نتيجة تحافظ على دور إيران. ليس لأنهم يُعجبون بطهران، بل لأنهم يخشون مستقبلًا تُهيمن عليه تل أبيب، وقد حذرت نخب خليجية خلال الحرب من أن النظام القائم بعد وقف إطلاق النار قد يمثل نهاية أي استقلال استراتيجي عربي، لافتا إلى أن هذه النظرة باتت سائدة وترى في التوازن – لا الهيمنة – السبيل الوحيد للأمن. (موقع الخليج الجديد)

·     رأى الباحث المتخصص في الوساطة وحل النزاعات، ابراهيم فريحات، أن "إسرائيل" حققت مكاسب مهمّة، من اغتيال العديد من القيادات العسكرية والعلماء النوويين الإيرانيين، استهداف منشآت نووية حسّاسة. تأخير البرنامج النووي الإيراني عدة أشهر أو سنوات، إلا أن كل هذه المكاسب لا ترقى إلى مستوى "نصر استراتيجي"، وهو الهدف الذي كان يطمح إليه "نتنياهو" حين قرّر خوض هذه الحرب. واعتبر "فريحات" أن الأسوأ من ذلك كله بالنسبة للمحور الأميركي - "الإسرائيلي" أن خيار المفاوضات بات أكثر تعقيداً، فالحرب التي لطالما لوّحت بها "إسرائيل" وأميركا ورقة ضغطٍ على طهران، جرى استخدامها فعليّاً، ولكنها لم تنجح في كبح طموحات إيران النووية. والنتيجة باتت تشكيكًا متزايدًا من طهران في أي مفاوضات مقبلة، ما دام الطرف الآخر قد أظهر استعداده لاستخدام القوة من دون القدرة على الحسم.  ولفت الباحث إلى أن هناك ثلاثة أسباب رئيسية تفسّر فشل الحرب الإسرائيلية الأميركية على إيران، وهي

-      غياب الرؤية: لم يكن هناك اتفاق واضح بين الولايات المتحدة و"إسرائيل" بشأن الأهداف الاستراتيجية للحرب، بخلاف ما حدث في غزو العراق عام 2003،

-      ارتباك المنهجية، التي تراوحت بين استخدام القوة العسكرية والعودة إلى طاولة المفاوضات. وقد أضعف هذا التردّد فاعليتي الخيارين. في حين لعبت الدبلوماسية في العراق دوراً مكمّلاً للعمل العسكري، وهنا حصل العكس. لقد راهن ترامب على أن الخيار العسكري من إسرائيل سيجبر إيران على توقيع الاتفاق على طاولة التفاوض، ولكن استخدام السلاح أضعف الثقة الضرورية لإنجاح أي مسار تفاوضي، خصوصاً من الجانب الإيراني، كما أن أميركا استنفدت الخيار العسكري الذي لطالما هددت به.

-        محدودية الموارد، خصّصت الولايات المتحدة أكثر من 150 ألف جندي ومئات مليارات الدولارات لغزو العراق عام 2003، وأسقطت النظام خلال أشهر. أما في الحالة الإيرانية اليوم، فالحرب خاضتها "إسرائيل" مع دعم أميركي محدود، في ظل إدارة "ترامب" التي تتبنّى أجندة اقتصادية قائمة على خفض الإنفاق الخارجي. ببساطة، لم تكن هناك موارد كافية لحرب بهذا الحجم. (صحيفة العربي الجديد)

·     خلصت دراسة بحثية إلى أن طهران بدت وكأنها وحيدة في حربها ضد "إسرائيل" والولايات المتحدة ومن خلفهما الكتلة الغربية، حيث اقتصر الدعم الروسي والصيني على التصريحات السياسية دون تقديم دعم عسكري فعلي لطهران؛ وهو أمر قد يؤثر مستقبلاً في رؤية إيران لحدود تحالفاتها مع هذه الدول، أو على الأقل توقعاتها منهم. كما كان لذلك دور في موافقة طهران على وقف إطلاق النار بل والسعي له.  وبالتوازي، وأوضحت الدراسة أنه قد يكون للهجمات الإيرانية على القاعدة الأمريكية في قطر تأثيراتها في حالة الثقة بين دول الخليج وإيران. فهذه الهجمات الإيرانية شكلت تهديدًا مباشرًا لحالة الأمن الإقليمي الخليجي حتى بالرغم من كونها تم التنسيق المسبق لها، وهي تحمل رسالة بأن إيران يمكن في أي وقت أن تحاول أن تجعل أمن هذه المنطقة رهينة لصراعاتها مع الغرب عامة، والولايات المتحدة خاصة. (مركز المستقبل للدراسات المتقدمة، الإمارات)

قراءات وخلاصات مركز "صدارة"

·     من المؤكد أن الصراع الإيراني الإسرائيلي لم ينته مع توقف إطلاق النار، لكنّ هذا لا يعني أن تكرار الهجمات العسكرية بين الطرفين مرجح بالضرورة في الأجل القصير. حيث لم تتوقف المعارك نتيجة قرب الطرفين للتوصل لاتفاق مثلا ومن ثم يكون احتمال استئنافها مرجحاً إذا تعثر الاتفاق والتفاوض. في الواقع، توقفت الهجمات لأن الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة حققا أهداف العملية العسكرية، خاصة تعطيل البرنامج النووي، وإثبات أن إيران غير محصنة دفاعيا، بينما قبلت إيران بوقف المعارك لأن تكلفتها باتت باهظة خصوصاً مع التدخل الأمريكي.

والآن، بات لدى الولايات المتحدة استعداد أكثر للاكتفاء بسياسة الضغط القصوى إذا لم تستجب إيران لتوقيع اتفاق نووي جديد، لأنه ليس ثمة تهديد ملح بالفعل. وحتى مع التقارير التي تشكك في مستوى الضرر الذي تعرضت له منشأة فوردو، فإن حجم الضرر الذي تم إلحاقه بمجمل البرنامج النووي بصورة عامة لا يمكن التقليل منه، أو تصور إمكانية معالجته خلال أشهر قليلة؛ فالرسالة الأساسية التي فهمتها إيران أن برنامجها غير محصن وسيكون عرضة للاستهداف بسهولة.

·     يقودنا هذا إلى الاستنتاج الثاني، وهو أن أولوية إيران لن تكون في الفترة القادمة لتطوير قدراتها الهجومية، كزيادة دقة ومدى الصواريخ، ولكن لتحصين دفاعات البلاد. حيث ستكون أي قدرات هجومية جديدة عرضة للتدمير مجدداً، ما لم تحدث إيران اختراقاً حقيقياً في قدرات دفاعها الجوي، بما في ذلك امتلاك مقاتلات متقدمة يمكنها التصدي في الجو للمقاتلات الإسرائيلية. ولذلك؛ فإن مستقبل الشراكة بين إيران والصين بصورة خاصة سيحدده استعداد الصين لإمداد إيران بمقاتلات متطورة؛ لأن طهران لن تتمكن في أي وقت قريب من تطوير قدرات جوية كافية اعتماداً على قدراتها الذاتية التي تظل مقيّدة ومتخلفة تكنولوجياً نتيجة العقوبات وعدم قدرتها على الوصول لسلاسل التوريد التقنية العالمية.

·     يميل كثير من التعليقات إلى التأكيد على أن إضعاف الحرس الثوري سيؤدي إلى زيادة نفوذ الجيش "العلماني" داخل إيران وبالتالي التأثير في بنية النظام وتغيير توزيع القوى داخله. حتى الآن، لا يمثل ذلك أكثر من خطة إسرائيلية وغربية، أي أن هذا ما يسعى إليه أعداء إيران، لكن هذا لا يعني أن مقتل قيادات الحرس الثوري قد أحدث هذا التحول بالفعل. بصورة عامة، تنظر هذه التحليلات إلى الحرس الثوري نظرة أقرب إلى التنظيمات المسلحة التي يؤدي مقتل قياداتها دفعة واحدة إلى إضعاف المنظمة وإرباكها، وربما تغيير عقيدتها مع القيادة الجديدة. لكنّ هذه النظرة تختلف عند النظر للحرس الثوري كمؤسسة عسكرية رسمية لا تختلف من حيث الموارد والتنظيم عن الجيوش النظامية. ومن ثم فإن الحرس الثوري، مثل الجيش النظامي، لديه احتياطي من الكوادر المدربة والمؤهلة ما يجعل ملء الفراغ القيادي عملية روتينية، لا تؤثر على مجمل حالة المؤسسة، إلا في حدود الفروق الشخصية بين القيادات السابقة واللاحقة.

من جهة أخرى، فإن الجيش الإيراني كمؤسسة قائمة على التجنيد العام الإجباري، قد لا يكون بنفس التماسك الأيديولوجي الذي يتميز به الحرس الثوري، لكنّ قيادته العليا لا تختلف بصورة كبيرة عن قيادة الحرس من حيث الولاء لنظام الجمهورية الإسلامية، ويجري اختيارها في الغالب وفق هذا المعيار. والخلاصة، أن فرضية إضعاف الحرس الأيديولوجي لمصلحة الجيش العلماني كمقدمة لإضعاف النظام وانتهاء بتغييره، مازالت خطة في بدايتها المبكرة، وليست واقعا يميز إيران بعد الحرب الإسرائيلية.

·     لا يقتصر الشعور بأهمية عدم تعرض إيران لهزيمة شاملة على بعض دول الخليج، بل أيضا يلاحظ في الخطاب العام في مصر أن جهات عدة مقربة من النظام السياسي أبدت ارتياحها لنتيجة الحرب التي لم تخرج منها إيران مهزومة بصورة كاملة. ويتفق هذا مع تقديرنا بأن دول المنطقة، رغم قلقها من إيران وتنافسها معها، كان واضحا لديها أن هزيمتها الشاملة في الحرب تعني هيمنة إسرائيلية على باقي الملفات، خاصة غزة لبنان وسوريا، وهو ما يهدد مصالح أطراف أخرى مثل السعودية وتركيا ومصر. وكما أن الدول العربية أعربت عن قلقها من الانتقال من الهيمنة الإيرانية في سوريا إلى هيمنة تركية بعد سقوط نظام الأسد، فإن كافة هذه الدول ليست مستعدة للتخلص من التهديد الإيراني الإقليمي لمصلحة هيمنة "إسرائيلية" إقليمية.