الحدث:
وقّع ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، ورئيس الوزراء الباكستاني، شهباز شريف، أمس الأربعاء، في الرياض اتفاق دفاع استراتيجي مشترك بين البلدين. وقال بيان نقلته وكالة الأنباء السعودية "واس" إن الاتفاقية تهدف إلى "تطوير جوانب التعاون الدفاعي بين البلدين، وتعزيز الردع المشترك ضد أي اعتداء"، وتنص على أن "أي اعتداء على أي من البلدين هو اعتداء على كليهما"، وفق البيان. ونقلت "رويترز" عن مسؤول سعودي أن الاتفاقية "تعكس تعاونًا طويل الأمد بين البلدين وليست استجابة لأحداث محددة".
الرأي:
من غير المرجح أن تكون الاتفاقية رد فعل سريع على الهجوم "الإسرائيلي" في قطر، لكنها تأتي استجابةً لمجمل التهديدات الإقليمية المتصاعدة طوال العامين الماضيين. ومع هذا، فإن توقيت التوقيع يكتسب مغزى مهمًا بعد أن أظهر هجوم الاحتلال على قطر حدود الرهان على مظلة الدفاع الأمريكية، خصوصًا في مواجهة "التهديد الإسرائيلي" المتزايد لدول المنطقة.
تاريخيًا، ترتبط السعودية وباكستان بعلاقات أمنية واقتصادية وثيقة منذ عقود، وطالما طرحت باكستان كـ"حليف نووي" للسعودية في مواجهة التهديد النووي الإيراني. ومع الأخذ في الاعتبار الشراكة العسكرية الوثيقة بين إسلام أباد وأنقرة، فإن هذه الاتفاقية ربما تكون أوسع من خطوة ثنائية. ومع التأكيد على أن باكستان تدخل هذا الاتفاق ضمن مصالحها الاستراتيجية، فإنها تمهد لمزيد من الترتيبات الأمنية الإقليمية لتأسيس توازن مضاد لمساعي الهيمنة العسكرية "الإسرائيلية".
عمليًا، ليس من المتوقع أن تقوم باكستان بإمداد المملكة بأسلحة نووية، لكنّ مجالات التعاون المحتملة ستركز أكثر على القدرات الجوية والدفاع الجوي، وتعزيز التعاون في التدريب العسكري، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، والتصدي للتهديدات المشتركة. بالمقابل، تبرز تحديات للوصول بهذه الشراكة إلى مستوي الفاعلية المطلوبة، أبرزها الضغوط المحتملة من قبل واشنطن على السعودية لتقييد الانفتاح على باكستان، الحليف العسكري الوثيق للصين.
من جهة أخرى، فإن لجوء السعودية لاتفاقية من هذا النوع مع باكستان يشير إلى تراجع اليقين حول قرب التوصل لاتفاقية أمنية مع واشنطن، في ظل تراجع احتمالات التطبيع بين الرياض وحكومة "نتنياهو". لذلك، تواصل السعودية تنويع بدائل تحالفاتها العسكرية، بما يشمل تعزيز الشراكة مع تركيا في مجالات الصناعات الدفاعية.