الحدث
ألغت إدارة ترامب ضمن سياستها للضغط الأقصى على إيران إعفاءً من العقوبات سبق منحه لميناء تشابهار في عام 2018 لتطوير الميناء على يد شركات هندية. وسيبدأ سريان الإلغاء اعتبارًا من 29 سبتمبر/ أيلول الجاري، وقد يواجه الأفراد والشركات الهندية العاملة في الميناء أو في أنشطة ذات صلة عقوبات بموجب "قانون حرية إيران ومكافحة الانتشار" الأميركي.
الرأي
يرسل القرار رسالة واضحة أن إدارة ترامب ستواصل حصارها المشدد على إيران بهدف إرغامها على العودة للمفاوضات النووية وتوقيع اتفاق. ومع هذا، لا يعني لجوء واشنطن لإجراءات اقتصادية استبعاد الخيارات العسكرية، خاصة من قبل "إسرائيل"، ولكنه قد يشير إلى أن إدارة ترامب لا ترى ضرورة ملحة لذلك حاليا.
ويمثل إلغاء الإعفاء الأميركي لميناء تشابهار ضربة مباشرة لطموحات إيران الاقتصادية والاستراتيجية. فالميناء يُعد أحد أهم مشاريع طهران لتجاوز العقوبات الغربية عبر تحويل جنوب البلاد إلى مركز عبور رئيسي في ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب، الذي يربط روسيا بالهند مرورًا بإيران. هذا المشروع كان يَعِد بخفض تكاليف الشحن وزمنه، وتعزيز موقع إيران كبوابة لأسواق آسيا الوسطى، إضافة إلى تحفيز الاستثمار في البنية التحتية للموانئ والطرق والسكك الحديدية، والمساهمة في خلق فرص عمل، وتخفيف حدة البطالة، وإطلاق مشاريع تنموية في إقليم بلوشستان المضطرب، بما يسهم في تهدئة التوترات الاجتماعية والأمنية.
ويشكل إلغاء الإعفاء انتكاسة لخطط الربط الإقليمي للهند مع "ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب" (INSTC)، حيث سبق في عام 2024 أن وقّعت شركةIndia Ports Global Ltd مع هيئة الموانئ والملاحة الإيرانية اتفاقًا لمدة عشر سنوات لإدارة محطة الشهيد بهشتي بالميناء. وسيعزز القرار أهمية ميناء جوادر الباكستاني الذي تديره شركة صينية ضمن "الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني"، ويقع على بعد نحو 70 كم فقط من ميناء تشابهار.
إن قرار إلغاء الإعفاء من العقوبات يضعف المكانة الجيوسياسية لإيران كممر تجاري بديل، ويفسح المجال لمنافسين إقليميين مثل باكستان عبر ميناء جوادر أو تركيا عبر ممرات بديلة نحو روسيا وأوروبا، ما يجعل طهران أكثر عزلة ويقلص قدرتها على استثمار موقعها الاستراتيجي في المحيط الهندي.