المصدر: جيروزاليم سنتر فور سيكيوريتي آند فورين أفّيرز
ترجمة: صدارة للمعلومات والاستشارات
رغم بعض مؤشرات المرونة السياسية في الآونة الأخيرة، فما زال لبنان مكبّلًا بنفوذ "حزب الله"، ومرتبطًا بشرط الإجماع العربي الذي يربط التطبيع بإقامة دولة فلسطينية. فقد أظهر لبنان استعدادًا لمناقشة قضايا تتجاوز تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، بما في ذلك احتمال التعاون الاقتصادي، كما وافق على إشراك مدنيين في لجنة المتابعة، وعيّن السفير السابق في واشنطن، سيمون كرم، رئيسًا للوفد اللبناني، مقابل ممثل "إسرائيل"، أوري ريزنيك، وهو مسؤول رفيع في مجلس الأمن القومي "الإسرائيلي".
بالمقابل، يؤكد مسؤولون أمنيون كبار في "إسرائيل" على أنّ هذه الخطوات لا تعبّر عن نية لبنانية للسير نحو التطبيع، بل تهدف لتحسين المناخ السياسي على أمل أن تؤجّل "إسرائيل" عمليتها العسكرية المخطّط لها في لبنان، والتي تهدف لإضعاف قوة الحزب. وبحسب المسؤولين أنفسهم، فإن لبنان يسعى لكسب الوقت على أمل حدوث انتخابات مبكرة في "إسرائيل"، وانتظار نتائج انتخابات منتصف الولاية في الولايات المتحدة. وفي الوقت نفسه، يعمل الحزب على تعزيز علاقاته مع تركيا، وإعادة بناء علاقاته مع سوريا ذات القيادة السنية تحت رئاسة "أحمد الشرع" المؤقتة.
وفقًا لتقييمات أمنية "إسرائيلية" رفيعة المستوى، هناك عقبتان أساسيتان تمنعان لبنان من التقدم نحو التطبيع ضمن إطار السلام الذي تطرحه إدارة "ترامب، وهما:
· ارتهان لبنان فعليًا لدى "حزب الله"، الذي يرفض التخلي عن سلاحه ويهدد بحرب أهلية إذا حاولت الحكومة نزع سلاحه بالقوة.
· صعوبة ذهاب لبنان نحو التطبيع خارج الإجماع العربي الذي تقوده السعودية، والذي يربط التطبيع بإقامة دولة فلسطينية؛ إذ يؤكد لبنان أنه لن يوقّع أي اتفاق سلام أو تطبيع مع "إسرائيل" إلا ضمن إطار عربي إقليمي واسع.
في النهاية، ورغم حاجة لبنان العميقة إلى الاستقرار ورغبته في وقف دوامة الصراعات المتكررة، فإنه ما زال بعيدًا عن التطبيع أو الانضمام إلى "اتفاقات أبراهام" في المدى المنظور. أما التغييرات الأخيرة في لجنة مراقبة وقف إطلاق النار، خصوصًا إدخال مدنيين والحديث عن تعاون اقتصادي، فقد تعكس تحولًا في المقاربة الإدارية اللبنانية، لكنها لا تمثّل تغييرًا في الاتجاه الاستراتيجي.
وفي الفترة القادمة، سيحاول لبنان بكل ما يستطيع تجنب الانزلاق إلى حرب شاملة، لكنه يواجه ضغوطًا أمريكية و"إسرائيلية" متزايدة لنزع سلاح "حزب الله". ومع عودة "ترامب" إلى البيت الأبيض، خسر لبنان جزءًا كبيرًا من هامش المناورة الذي كان يتمتع به سابقًا، وبالمحصلة، فإن رفض الحزب التخلي عن سلاحه سيجعل التطبيع التدريجي مع "إسرائيل" شبه مستحيل.