لقد توترت العلاقات بين الحكومتين الأمريكية و"الإسرائيلية" بشكل ملحوظ منذ أن عاد رئيس الوزراء "الإسرائيلي"، بنيامين نتنياهو، إلى منصبه نهاية عام 2022 على رأس ائتلاف يميني متطرف؛ حيث تبنت حكومة "نتنياهو" أجندة سياسية كانت إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، تنتقدها بشدة أحيانًا. وقد سلطت زيارة الرئيس "الإسرائيلي"، إسحاق هرتسوغ، إلى الولايات المتحدة منتصف تموز/ يوليو الماضي الضوء على استمرار دعم الولايات المتحدة لـ"إسرائيل"، لكنها أظهرت أيضًا التهديدات التي تعتري ما يُعتبر تقليديًا أهم علاقة لـ"إسرائيل". وإن كان من المستبعد أن تنهار العلاقات بين الطرفين، إلا أنه من المتوقع أن يعتريها مزيد من التقلبات خلال السنوات القادمة، وذلك نظرًا لظهور اليمين المتطرف في "إسرائيل" وتغير علاقة الأحزاب السياسية الأمريكية معها.
وإن كنا سنشهد على الأغلب احتكاكًا دبلوماسيًا متصاعدًا على المدى القصير، إلا أن العلاقات الأمنية لن تصل إلى حد الانهيار وستظل العلاقة الاستراتيجية متينة؛ فقد قام كل من وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، وزير الخارجية، أنتوني بلينكين، ورئيس مجلس الأمن القومي، جيك سوليفان، ومدير وكالة المخابرات المركزية، وليام بيرنز، بزيارات إلى "إسرائيل" منذ تشكيل حكومة "نتنياهو". ورغم أن كل تلك الزيارات أجريت في الأسابيع القليلة الأولى من ولاية "نتنياهو"، إلا أن الأخير لم يشجع نظراءهم "الإسرائيليين" على السفر إلى الولايات المتحدة، كما إنه غير مرحب به هناك.
من ناحية أخرى، واصلت إدارة "بايدن" التفاوض على شروط التطبيع بين السعودية و"إسرائيل" بموجب "اتفاقات أبراهام" 2020، في محاولة لتوطيد العلاقات بين حلفائها الإقليميين، لكن التطبيع الكامل لا يزال غير مرجح. فربما يكون "بايدن" آخر سياسي ديمقراطي من الجيل الذي كان يدعم "إسرائيل" بشكل روتيني؛ فأقل ما يقال عن توجه ناخبي الحزب الديموقراطي وأعداد كبيرة من المسؤولين المنتخبين أنه فاتر في أحسن الأحوال، إن لم يكن غير داعم لـ"إسرائيل"، وقد قاطع عدد منهم خطاب "هيرتسوغ" في الكونجرس في الـ19 من تموز/ يوليو الماضي. بالمقابل، لا يزال الحزب الجمهوري متعاطفًا بشكل شبه موحد وليس لديه اعتراضات كبيرة على الإصلاحات القضائية "الإسرائيلية"، في حين أن تزايد الميول الانعزالية لدى الجمهوريين لا يتماشى مع مصالح "إسرائيل" المتمثلة في انخراط الولايات المتحدة بشدة في الشرق الأوسط.
في ظل هذه الأجواء، ولتخطي أي حدث، ستحتاج "إسرائيل" إلى دعم من الحزبين، من خلال التغييرات في الإدارات الأمريكية والأغلبية في الكونجرس. لكن إتمام حزمة الإصلاحات القضائية حتى نهايتها لن يؤدي فقط إلى تقويض خطير للديمقراطية "الإسرائيلية"، بل من المحتمل أيضًا أن توجه ضربة ضد "القيم المشتركة" بين البلدين. ومن هنا، فمن المرجح أن تظل "إسرائيل" حليفًا عسكريًا مهمًا على المدى الطويل، لكن العلاقة الخاصة قد لا تستمر في شكلها الحالي.
إيكونوميك إنتيليجنس يونيت