قام الرئيس التونسي، قيس سعيد، في الأول من آب/ أغسطس الجاري، بإقالة رئيسة الوزراء، نجلاء بودن، وعين بدلًا منها "أحمد الحشاني" دون إبداء أي أسباب، في خطوة لا يُرجح أن تؤدي إلى تحسين أداء الحكومة أو توضيح أجندتها. إن هذه الإقالة المفاجئة تعزز وجهة النظر التي ترى أن دور رئيس الوزراء سيظل رمزيًا إلى حد كبير، بينما سيبقى "سعيد" صانع القرار الرئيسي. ورغم عدم تقديم أي تفسير رسمي لإقالة رئيسة الوزراء، ذكرت وسائل الإعلام التونسية أن الرئيس لم يكن راضيًا عن عجز الحكومة في توفير الخبز المدعوم.
يذكر أن رئيس الوزراء الجديد، أحمد الحشاني، هو موظف سابق في البنك المركزي وغير معروف إلى حد كبير للتونسيين، وعند اختيار وزارته، على الأرجح سيتعين عليه الأخذ في الاعتبار خيارات "سعيد" للعديد أو كل الحقائب الوزارية الرئيسية، مثل سلفه إلى حد كبير. نتيجةً لذلك، لا يُتوقع من "الحشاني" أن يضيف الكثير إلى دور رئيس الوزراء ولا أن يظهر الاستقلال عن الرئاسة؛ فحسب ما ورد، أعلن "سعيد" في لقاء مع رئيس وزرائه الجديد عن خطط لمراجعة جميع الترشيحات في الإدارة التونسية على مدى السنوات العشر الماضية، لاستئصال التعيينات الحزبية التي قد تعيق نشاط الحكومة. وهذا يعزز الرأي بأن حكم "سعيد" سيظل يتميز بإجراءات شعبوية تسمح له بتحويل اللوم عن عجز الحكومة عن التعامل مع تحديات البلاد، بينما لن يقدم أي توجه استراتيجي طويل المدى.
إضافةً لما سبق، فإن إقالة "بودن" تسمح لـ"سعيد" بتمرير استئناف نشاط الحكومة مع التركيز على الانتخابات المحلية المرتقبة هذا الخريف، كما إنها قد تنذر برغبة في العمل على إبرام صفقة مع صندوق النقد الدولي، تكون بديلة عن تلك التي تمت الموافقة عليها العام الماضي والتي رفضها "سعيد" لاحقًا. وفي هذا الإطار، سيكون التحدي الأول لرئيس الوزراء هو إعداد ميزانية 2024، وهذا ما سيوفر إرشادات حول العلاقات المستقبلية مع صندوق النقد الدولي. وبالتالي، فإن الافتراض الأقوى لا يزال أن تونس ستسعى للتغلب على المشكلة دون اللجوء للصندوق، لكن هناك فرصة أن محاولات صياغة الميزانية ستكشف عن ضغوط تمويلية لا يمكن التغلب عليها، قد تدفع "سعيد" المتردد إلى دعم صفقة معدّلة مع الصندوق.
أما على المستوى الشعبي فلن يحقق تعيين رئيس وزراء جديد استقرارًا سياسيًا في البلاد، بل سيستمر "سعيد" في الحكم دون السعي إلى توافق في الآراء، ما سيزيد من احتمال انتشار الاستياء السياسي والاجتماعي بشكل أوسع. وبالنظر إلى تصريحات "سعيد" الأخيرة، ستبقى مقاربته مع برنامج صندوق النقد الدولي ثابتة في المستقبل، وسيظل الافتراض الأساسي أنه "لا صفقة" قريبًا.
إيكونوميك إنتيليجنس يونيت