أعلن رئيس وزراء إثيوبيا، آبي أحمد، في العاشر من أيلول/ سبتمبر الماضي عن الانتهاء من الملء الرابع والأخير لخزان "سد النهضة" الإثيوبي الكبير، وهو ما سيؤدي حتمًا إلى خلق توتر مع مصر التي عارضت بشدة قرار ملء السد دون الحصول على موافقة دولتي المصب؛ مصر والسودان. وهناك خطر كبير الآن من لجوء مصر إلى القوة العسكرية لحل هذه القضية، لأن ملء إثيوبيا للسد من جانب واحد ينتهك إعلان المبادئ الذي وقّعته كل من مصر وإثيوبيا والسودان عام 2015، والذي حدد إطارًا لإنشاء اتفاق ملزم ينص على أن ملء السد يجب أن يتم في إطار اتفاق ثلاثي.
من ناحية أخرى، وبعد أن أكملت إثيوبيا ملء السد قبل الموعد المحدد بثلاث سنوات وحققت "انتصارا" سياسيًا كبيرًا، من المتوقع أن تصبح أكثر مرونة في المفاوضات وأن تكون حريصة على وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق يقلل من التهديد بالعمل العسكري، ويخفف الضغط الدولي من الأطراف الفاعلة مثل الولايات المتحدة. ورغم وصول الوضع إلى مرحلة شديدة التوتر، إلا أنه سيتم على الأغلب تجنب الصراع العسكري بسبب عوامل عديدة. ومن المرجح الآن أن تقدم إثيوبيا تنازلات بشأن اتفاقية تقاسم المياه؛ فلا مجال للحديث عن ملء السد الآن، لكن فقط عن كيفية إدارة التدفق وكيفية ضمان الحفاظ على الحد الأدنى من مستوى المياه في خزانات المصب المهمة لمصر، خصوصًا بحيرة ناصر، وهذه نقطة قوة بالنسبة لإثيوبيا ربما لم تكن لتتحقق لو أنها قدمت تنازلات في وقت سابق. على الجانب الآخر، فإن التوصل لاتفاق يضمن الحفاظ على الأمن المائي لمصر على الورق من شأنه أن يضع "السيسي" في وضع جيد كذلك، وبما أن الجانبين قد يخرجان من المفاوضات بشكل قوي، فمن المتوقع أن يتم توقيع اتفاقية ثنائية قبل الانتخابات المصرية.
على الصعيدين الإقليمي والدولي، سيتم تعزيز فرص التوصل لحل سلمي للقضية أيضًا، وذلك من خلال الجهود الدبلوماسية التي يبذلها أصحاب المصالح، مثل الولايات المتحدة والصين ودول الخليج والاتحاد الأفريقي، وجميعها أطراف لديها بعض المصالح السياسية أو الاقتصادية في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي، خصوصًا بعد اندلاع الصراع في السودان منتصف نيسان/ أبريل الماضي. رغم ذلك، فإن قضية الأمن المائي و"سد النهضة" ستظل تمثل دافعًا محتملًا للصراع بين الدولتين، خاصةً خلال فترات الجفاف ونقص هطول الأمطار، ما قد يؤدي إلى ظهور النزاع مجددًا.
إيكونوميك إنتيليجنس يونيت