مرصد التنبؤات الغربية 10 أكتوبر 2023

الساعة : 14:22
10 أكتوبر 2023
مرصد التنبؤات الغربية 10 أكتوبر 2023
السعودية ستتجاهل هجمات الحوثيين الأخيرة سعياً لإنهاء الحرب وللتركيز على تنفيذ رؤيتها الاقتصادية

وقع هجوم بطائرة مسيّرة في الـ25 من أيلول/ سبتمبر الماضي على الحدود الجنوبية السعودية مع اليمن، أسفر عن مقتل جنديين بحرينيين وإصابة عدد غير معروف. ويعتبر هذا الهجوم هو الأول الذي يتم تسجيله عبر الحدود منذ الاتفاق على وقف إطلاق النار بين السعودية والحوثيين في نيسان/ أبريل 2022. من جانب آخر، وفي حديثه إلى وسائل الإعلام بعد الحادث، ادّعى المتحدث العسكري السعودي، تركي المالكي، أنه تم كذلك استهداف محطة توزيع الكهرباء ومركز الشرطة في المنطقة الحدودية السعودية خلال الشهر الماضي من قبل عناصر جماعة الحوثي.

وفي قراءة لهذين الحادثين، فإنه من المحتمل أن تكون هناك أصوات معارضة داخل جماعة الحوثي لديها القدرة والنية لشن مثل هذه الهجمات، وذلك من أجل زيادة نفوذها والحصول على تنازلات في أي مفاوضات مستقبلية. من ناحية أخرى، فإن القيمة المتواضعة نسبيًا للأهداف التي تم الإبلاغ عنها تشير إلى أنها لا ترقى إلى مستوى جهود مقصودة لعرقلة المحادثات؛ حيث إن قائمة الأهداف التي تم استهدافها سابقًا في المملكة شملت مطارات دولية ومنشآت هيدروكربونية ومحطات تحلية مياه، وكلها مرافق حيوية للاقتصاد السعودي.

بالمقابل، لا يُرجح أن ترد الحكومة السعودية عسكريًا على تلك الحوادث في هذه المرحلة؛ وذلك لأن أولوية القيادة السعودية تظل إيجاد حل تفاوضي للحرب في اليمن، يقلل من مخاطر استئناف الهجمات على المملكة، وهذا سيمكّن الحكومة من التركيز على إنجاز المشروعات المتعلقة بخطط التنمية الاقتصادية لرؤية 2030.

إس آند ݒي جلوبال ماركيت إنتيليجنس

ملء "سد النهضة" سيوتر العلاقات بين مصر وإثيوبيا لكنه قد يصب في النهاية في مصلحة "السيسي"

أعلن رئيس وزراء إثيوبيا، آبي أحمد، في العاشر من أيلول/ سبتمبر الماضي عن الانتهاء من الملء الرابع والأخير لخزان "سد النهضة" الإثيوبي الكبير، وهو ما سيؤدي حتمًا إلى خلق توتر مع مصر التي عارضت بشدة قرار ملء السد دون الحصول على موافقة دولتي المصب؛ مصر والسودان. وهناك خطر كبير الآن من لجوء مصر إلى القوة العسكرية لحل هذه القضية، لأن ملء إثيوبيا للسد من جانب واحد ينتهك إعلان المبادئ الذي وقّعته كل من مصر وإثيوبيا والسودان عام 2015، والذي حدد إطارًا لإنشاء اتفاق ملزم ينص على أن ملء السد يجب أن يتم في إطار اتفاق ثلاثي.

من ناحية أخرى، وبعد أن أكملت إثيوبيا ملء السد قبل الموعد المحدد بثلاث سنوات وحققت "انتصارا" سياسيًا كبيرًا، من المتوقع أن تصبح أكثر مرونة في المفاوضات وأن تكون حريصة على وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق يقلل من التهديد بالعمل العسكري، ويخفف الضغط الدولي من الأطراف الفاعلة مثل الولايات المتحدة. ورغم وصول الوضع إلى مرحلة شديدة التوتر، إلا أنه سيتم على الأغلب تجنب الصراع العسكري بسبب عوامل عديدة. ومن المرجح الآن أن تقدم إثيوبيا تنازلات بشأن اتفاقية تقاسم المياه؛ فلا مجال للحديث عن ملء السد الآن، لكن فقط عن كيفية إدارة التدفق وكيفية ضمان الحفاظ على الحد الأدنى من مستوى المياه في خزانات المصب المهمة لمصر، خصوصًا بحيرة ناصر، وهذه نقطة قوة بالنسبة لإثيوبيا ربما لم تكن لتتحقق لو أنها قدمت تنازلات في وقت سابق. على الجانب الآخر، فإن التوصل لاتفاق يضمن الحفاظ على الأمن المائي لمصر على الورق من شأنه أن يضع "السيسي" في وضع جيد كذلك، وبما أن الجانبين قد يخرجان من المفاوضات بشكل قوي، فمن المتوقع أن يتم توقيع اتفاقية ثنائية قبل الانتخابات المصرية.

على الصعيدين الإقليمي والدولي، سيتم تعزيز فرص التوصل لحل سلمي للقضية أيضًا، وذلك من خلال الجهود الدبلوماسية التي يبذلها أصحاب المصالح، مثل الولايات المتحدة والصين ودول الخليج والاتحاد الأفريقي، وجميعها أطراف لديها بعض المصالح السياسية أو الاقتصادية في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي، خصوصًا بعد اندلاع الصراع في السودان منتصف نيسان/ أبريل الماضي. رغم ذلك، فإن قضية الأمن المائي و"سد النهضة" ستظل تمثل دافعًا محتملًا للصراع بين الدولتين، خاصةً خلال فترات الجفاف ونقص هطول الأمطار، ما قد يؤدي إلى ظهور النزاع مجددًا.

إيكونوميك إنتيليجنس يونيت

هجوم "عربت" سيفاقم خلافات أربيل والسليمانية وقد يدفع الميليشيات الشيعية لاستهداف القواعد التركية

استهدفت طائرة مسيّرة مطار "عربت" المدني جنوب شرق مدينة السليمانية بإقليم كردستان العراق، في الـ18 من أيلول/ سبتمبر الماضي، حيث أسفر الهجوم عن مقتل تسعة أشخاص بينهم ستة أعضاء في مجموعة مكافحة الإرهاب التابعة لـ"الاتحاد الوطني الكردستاني"، الذي يدير محافظة السليمانية، فيما لا تزال هويات الأفراد الثلاثة الآخرين مجهولة.

من جهتهم، يعتقد مسؤولو "الاتحاد الوطني الكردستاني" أن منافسيهم في "الحزب الديمقراطي الكردستاني"، الذي يدير أربيل، يقدمون معلومات استخباراتية لتركيا، وبالتالي فإن هذا الحادث سيزيد من ترسيخ الانقسام بين الحزبين الكرديين، ما سيقلل من الآفاق المحدودة أصلًا لتوحيد قوات البشمركة الخاصة بكل منهما، (وهو شرط من الولايات المتحدة لاستمرار حكومة الإقليم في تلقي التمويل).

في السياق ذاته، فإن عدد القتلى بين مجموعة مكافحة الإرهاب التابعة للاتحاد الوطني على الأرجح سيدفع قيادة الاتحاد للانتقام من الحزب الديمقراطي، من خلال مقاطعة اجتماعات مجلس وزراء حكومة الإقليم أو اعتقال أو اغتيال بعض الأفراد، خصوصًا المنشقين عن الاتحاد الوطني الذين يعملون لصالح الحزب الديمقراطي.

من جهة أخرى، فإن هناك خطرًا متزايدًا من أن تستأنف الميليشيات الشيعية، التي تتمتع بعلاقة جيدة مع الاتحاد الوطني الكردستاني، استهداف القواعد العسكرية التركية شمال العراق بما فيها تلك الموجودة في بعشيقة. كما إن هذه الأخيرة ستعرقل مسيرة حل النزاع بين العراق وتركيا حول استئناف صادرات النفط عبر خط أنابيب العراق-تركيا، ما سيزيد من الأزمة المالية لحكومة كردستان وما يتبعها من خطر اندلاع الاحتجاجات في جميع أنحاء الإقليم.

إس آند ݒي جلوبال ماركيت إنتيليجنس

صفقة تبادل السجناء بين أمريكا وإيران قد تمهد لاتفاق شامل سيعرقله الجمهوريون إن عادوا للسلطة

تتماشى عملية تبادل السجناء بين الولايات المتحدة وإيران، التي تم الانتهاء منها في الـ18 من أيلول/ سبتمبر الماضي، مع وجهة النظر التي ترى أن التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ستستمر في التراجع على المدى القصير. كما إن هذا الاتفاق قد يمهد الطريق لإجراء محادثات أكثر شمولًا لاحتواء البرنامج النووي الإيراني، وإن كان التوصل لمثل هذا الاتفاق سيكون من الصعوبة بمكان قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024.

لكن بالمقابل ينبغي التأكيد على أن إيران ستظل حذرة من نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة؛ حيث تشعر السلطات الإيرانية فعلًا بالقلق من احتمال قدوم إدارة من الجمهوريين قد تتبنى موقفًا أكثر عدوانية تجاه طهران، كما كان الحال خلال رئاسة "ترامب" (من 2017 إلى 2021). ففي عهد "ترامب" انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني عام 2018 ودبرت مقتل قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، في العراق عام 2020. كما ازدادت المشاعر السلبية الأمريكية والغربية تجاه إيران خصوصًا بسبب دعمها العسكري لروسيا في حرب أوكرانيا، والذي سيجعل من الصعب على أي اتفاق مفترض مع طهران الحصول على موافقة الكونجرس وعلى الدعم الشعبي.

رغم ذلك، ستظل التوترات بشأن برنامج طهران النووي على الأرجح تحت السيطرة، ومن المتوقع أن تستمر إيران في إظهار حسن النية من جانبها، من خلال خطوات مثل قرارها بإبطاء عملية تخصيب اليورانيوم لتشجيع إعادة مشاركة الولايات المتحدة في المحادثات النووية، حتى تتمكن طهران من الوصول إلى ما يقرب من 100 مليار دولار من الأموال المجمدة وتكثيف إنتاج النفط.

في الوقت نفسه، ستواصل الولايات المتحدة تقليل التدقيق على صادرات النفط الإيرانية، لمنح إيران مساحة للتنفس الاقتصادي والحصول على فوائد مالية لتقليل دوافعها لتكثيف التوترات. إضافةً لذلك، ستظل التوترات محصورة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ حيث تتمتع إيران بنفوذ قوي، كما هو الحال في اليمن والعراق وسوريا ولبنان. وفي حين ستواصل إيران سعيها لتجنب المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة على الأرض وفي البحر، فإن التحسن الأخير في العلاقات بين إيران وجيرانها في مجلس التعاون الخليجي من شأنه أن يعزز هذا المسار كذلك.

ففي اليمن، ستواصل إيران عرقلة الهجمات عبر الحدود على السعودية والإمارات؛ وتتجلى هذه الجهود في الزيارة الأخيرة التي قام بها وفد من الحوثيين إلى الرياض في الـ18 من أيلول/ سبتمبر الماضي. وبالمثل، فمن المرجح أن يعمل تحسين العلاقات مع مجلس التعاون الخليجي على احتواء التأثير الإيراني في بلاد الشام، خصوصًا في سوريا ولبنان، لإبقاء التوترات تحت السيطرة. كما إن انخفاض التوترات سيسمح لإيران بإعادة تركيز جهودها على دعم اقتصادها، لا سيما في ضوء الانتقادات الداخلية الموجهة إلى السلطات الإيرانية بسبب الدعم المالي الذي تتلقاه الميليشيات الأجنبية وسط الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعاني منها طهران.

فيتش سوليوشنز

مصر ستطلق برنامج خصخصة لنيل قرض صندوق النقد على عكس تونس التي ستتفاقم أوضاعها

ستطلق مصر برنامج خصخصة متواضع كجزء من اتفاقها مع صندوق النقد الدولي، في حين من غير المرجح أن تحصل تونس على أموال الصندوق بسبب عدم إحرازها تقدم كافٍ في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة. في التفاصيل، توصلت كل من مصر وتونس إلى اتفاقيات على مستوى الموظفين مع الصندوق عام 2022، لكن لم يحقق أي من البلدين نتيجة منذ ذلك الحين؛ حيث رفضت القاهرة وتونس تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية التي لا تحظى بشعبية والتي طالب بها الصندوق.

من جهتها، ستحقق مصر بعض التقدم في علاقتها مع الصندوق خلال هذا الربع من العام؛ حيث ستبدأ حملة خصخصة جديدة في تشرين الأول/ أكتوبر الجاري بهدف جمع استثمارات بقيمة خمسة مليارات دولار، في حصص في 35 شركة مختلفة للمساعدة في تحفيز الاستثمار الأجنبي. ويمكن القول إن دول الخليج، خصوصًا الإمارات والسعودية، هي الأكثر احتمالًا للاستثمار في الشركات الاستراتيجية مثل محطات تحلية المياه وطاقة الرياح، والتي تأمل القاهرة أن تجلب من خلالها العملات الأجنبية دون أن تتكبد عناء ذلك النوع من الإصلاحات التي يطالب بها صندوق النقد الدولي. إن برنامج الخصخصة المتواضع هذا سيساعد على إظهار حسن النية من قبل مصر تجاه الصندوق، ما قد يؤدي لإحراز تقدم نحو صرف الشريحة الثانية من برنامج التمويل في القاهرة.

أمّا بالنسبة لتونس، فإن رفض رئيسها "قيس سعيد" إجراء أي إصلاحات في المؤسسات المملوكة للدولة وأي إصلاح للدعم، سيجعل صرف أموال الصندوق غير مرجح خلال هذا الربع من العام، الأمر الذي سيزيد من تفاقم أزمة تكاليف المعيشة الحادة في البلاد ويزيد من مخاطر عجز الدولة.

ستراتفور