مرصد التنبؤات الغربية 22 أبريل 2024

الساعة : 15:52
22 أبريل 2024
مرصد التنبؤات الغربية 22 أبريل 2024
حرب غزة قد تؤثر على استقرار العراق عبر تعميق الصراع بين الفصائل العراقية والقوات الأمريكية

رغم أن جهود العراق لإعادة الاندماج في الحظيرة الإقليمية تعود إلى استضافة قمة الجامعة العربية عام 2012، لكن الرد على مبادرات العراق بالمثل من قبل قادة الخليج تم فقط في ظل إدارتي "الكاظمي" و"السوداني". كما إن كون العراق يتمتع بأغلبية عربية شيعية يمنحه الآن قدرة فريدة على التنقل بين إيران ودول الخليج، والتي أصبحت كلها مفتوحة للوفاق الإقليمي بعد عقد من العداء والصراع. وبالتالي، فإن قدرة العراق على التوسط بين إيران وبقية المنطقة أصبحت رصيدًا بالغ الأهمية في سياسته الخارجية.

وقد كانت هذه السياسة جزءًا أصيلًا من تحقيق قدر أكبر من الاستقرار وانخفاض الاستقطاب في العراق خلال السنوات الأخيرة، وقد دعمت القوى الغربية هذا التوجه؛ حيث كانت فرنسا (على سبيل المثال) شريكًا رئيسيًا في دعم مؤتمر بغداد. وبالنسبة لحكومتي "الكاظمي" و"السوداني"، فقد قدم هذا النهج أيضًا طريقًا لإدارة الوجود العسكري الأمريكي المستمر والمشاركة الأوسع في البلاد؛ فرغم أن كلًا منهما كان مرشحًا توافقيًا ضمن حكومات توافقية شملت (ولا تزال تضم) عددًا من الأحزاب المدعومة من إيران، لكنهما يعترفان أيضًا بالولايات المتحدة كمساهم في أمن العراق وتنميته، وقد يكون هذا أداة مفيدة في توازن النفوذ الإيراني.

رغم ذلك، فإن الآثار المتتابعة لحرب غزة تهدد بشكل خطير هذا التوازن الدقيق؛ إذ لا يقتصر الأمر على تجدد الصراع بالوكالة بين الولايات المتحدة وإيران في العراق بأشكال محفوفة بالمخاطر، بل إن العنف المتجدد يؤدي إلى تقوية الجماعات المسلحة والسياسية المتشددة في العراق. ولمساعدة العراق على البقاء على المسار الصحيح ودعم المعتدلين، يتعين على الأوروبيين أن ينظروا إلى العلاقات العراقية الإيرانية بكل تعقيداتها، لتحديد المجالات التي قد يكون دعمهم فيها أكثر فعالية.

ذا يوروبيان كاونسل أوف فورين ريليشنز

المشهد السياسي التركي سيشهد تحوّلات كبيرة في ديناميكيات السلطة في البلاد وقد ينعكس ذلك على السياسة الخارجية

إن الهزيمة الكبيرة التي مُني بها "حزب العدالة والتنمية" بقيادة الرئيس، رجب طيب أردوغان، في الانتخابات المحلية التي جرت في تركيا في الـ31 من آذار/ مارس الماضي، تشير إلى رغبة واضحة في التغيير وسط الناخبين الأتراك. كما إن فشل الحزب في الفوز في مدن رئيسية مثل إسطنبول وأنقرة، اللتين تسيطر عليهما المعارضة منذ عام 2019، يسلط الضوء على تراجع نفوذ "العدالة والتنمية" على المستوى الحضري، حيث يعيش جزء كبير من سكان البلاد ويتركز فيه النشاط الاقتصادي. وقد يكون هذا بمثابة بداية النهاية لـ"أردوغان"، الذي لم يعد يسيطر على الاقتصاد التركي، وسط تأثير استمرار التضخم وانخفاض قيمة الليرة التركية على حياة الأتراك بشكل كبير.

وقد بدا من البيان الذي وصف فيه "أردوغان" النتائج بأنها "نقطة تحول" وتعهد بتصحيح الأخطاء أنه يعترف بالاستياء العام، لكن مدى وطريقة تنفيذ هذا التصحيح لا يزال غير واضح، خاصةً وأنه قد أعلن أن هذه ستكون ولايته الرئاسية الأخيرة، على الأقل بموجب القانون التركي الحالي. كما إن "أردوغان" يفتقر إلى أغلبية الثلثين في البرلمان التركي اللازمة لتعديل الدستور واحتمال ضمان فترة ولاية أخرى. من جهة أخرى، فإن التكهنات حول خلافة "أردوغان" واحتمال ترشيح صهره، سلجوق بيرقدار، في الانتخابات الرئاسية المقبلة تزيد من حالة الضبابية في المشهد السياسي التركي. ويمكن القول إن "بيرقدار"، المعروف بمساهماته في صناعة الدفاع، خصوصًا تطوير الطائرات المسيّرة "بيرقدار" التي أصبحت لا غنى عنها لـ كييف في دفاعها ضد روسيا، قد يعتبر استمرارًا لسياسة "أردوغان" الخارجية، لكن باعتباره سياسيًا أصغر سنًا قد يستطيع إحداث تغيير في الأسلوب والنهج.

وبالتالي، فإن المشهد السياسي في تركيا سيشهد على الأغلب تحولًا كبيرًا؛ إذ من الممكن أن تكون نتائج الانتخابات المحلية بداية تحولات كبيرة في ديناميكيات السلطة في البلاد، وقد تشهد الفترة القادمة إعادة تشكيل تحالفات سياسية وصعود زعماء جدد وإعادة تحديد الأولويات الوطنية. ومع ذلك، لا يزال العديد من الأتراك غير قادرين على تصور سياساتهم دون سلطة "أردوغان" التي ظلت مسيطرة على البلاد لأكثر من عشرين عامًا. وفي الوقت نفسه، قد تخلّف هذه التغييرات آثارًا عميقة، ليس فقط على السياسة الداخلية لتركيا، بل على موقفها ودورها الدوليين كذلك، خصوصًا فيما يتعلق بحلف "الناتو" والاتحاد الأوروبي وجيرانها الإقليميين مثل أوكرانيا وروسيا، وقد تؤثر مثل هذه التحولات على الحرب في أوكرانيا بدرجةٍ ما.

ذا جيرمان ماشال فاند أوف ذا يونايتيد ستيتس

سينايو وقف إطلاق النار في غزة يبدو أكثر ترجيحًا الآن بفعل الضغوط الخارجية والداخلية على طرفي الصراع

رغم أنه كان من المرجح سابقًا أن تمضي "إسرائيل" قدمًا في اجتياح رفح، لكن تصرفاتها الأخيرة تشير إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار يبدو أكثر احتمالًا؛ إذ يُعتقد أن الضغوط الدولية، خصوصًا من الولايات المتحدة، والتهديد بالانتقام من قبل إيران، سوف يدفعان "إسرائيل" إلى تقديم تنازلات في المحادثات مع "حماس"، ما يزيد من احتمال التوصل لوقف إطلاق النار في الأشهر المقبلة. كما يُعتقد أن يؤدي الضغط القطري على حماس، والآن الإيراني، إضافةً إلى ما يمكن أن يلبيه وقف إطلاق النار من مطالب الحركة، و(بدرجة أقل) زيادة الاستياء منها في غزة، كل ذلك سيؤدي لجعل الحركة أكثر استعدادًا لقبول وقف إطلاق النار.

بالمقابل، ستشكل الاحتجاجات في الداخل "الإسرائيلي" ضغوطًا على الجانب حكومة نتنياهو للتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار يضمن إطلاق سراح الرهائن. فبعد ستة أشهر من الحرب، فشلت "إسرائيل" في تحييد القدرات العسكرية لفصائل المقاومة الفلسطينية، حيث يتواصل إطلاق الصواريخ من غزة، كما تواصل فصائل المقاومة إيقاع خسائر في صفوف جنود الجيش "الإسرائيلي".

إضافة إلى ذلك، يُعتقد أن وزراء اليمين المتطرف في الحكومة سيستقيلون، في حال التوصل لوقف دائم لإطلاق النار لا يترك مجالًا لاستمرار القتال في غزة. وهذا من شأنه أن يؤدي بحكم الأمر الواقع إلى إجراء انتخابات مبكرة، ولا يُرجح أن يبقى "نتنياهو" رئيسًا للوزراء؛ حيث تشير استطلاعات الرأي إلى أن حزب "بيني غانتس" سيحصل على العدد الأكير من المقاعد في الكنيست، يليه حزب المعارضة الحالي "يش عتيد" الذي يتزعمه "يائير لابيد". وإن كانت حكومة "غانتس" المحتملة ستظل متشددة نسبيًا فيما يتعلق بالحرب، لكنها ستركز أيضًا على ضمان علاقات جيدة مع الولايات المتحدة، وإعادة شكل من أشكال الحياة الطبيعية عقب الاضطرابات المرتبطة بالحرب. وفي حين يُعتبر وقف إطلاق النار السيناريو الأكثر ترجيحًا، فإن مخاطر غزو رفح تظل مرتفعة.

على صعيد آخر، تتزايد المخاطر التي يتعرض لها الاستقرار الاجتماعي في لبنان والأردن، وقد تتفاقم إذا طال أمد الحرب في غزة. وإذا فشلت "إسرائيل" ولبنان في التوصل لاتفاق لتأمين جبهة الشمال، فلا يمكن استبعاد حدوث مواجهة عسكرية واسعة النطاق بين الطرفين.

أما في الأردن، فقد استمرت الاحتجاجات ضد تطبيع العلاقات مع "إسرائيل" خمسة عشر يومًا على التوالي، ويُعتقد أن يستمر زخم الاحتجاج خلال الأسابيع المقبلة، لكنه لن يتصاعد إلى درجة تشكل تهديدًا للاستقرار السياسي في الأردن. ومع ذلك، فإن هذا لا يزال يثير احتمال زيادة التوترات، خاصةً إذا اتخذت الحكومة خطوات عملية لرد فعل شديد الوطأة.

فيتش سوليوشنز

توجه "إسرائيل" نحو عمليات مركّزة في رفح سيطيل أمد القتال وقد يدفعها لتبني السياسة التي تنتهجها في الضفة

تتحول الاستراتيجية العسكرية "الإسرائيلية" في قطاع غزة بشكل أكثر علانية إلى عمليات مستهدفة بدلًا من عمليات واسعة النطاق، لكن افتقار "إسرائيل" الواضح لاستراتيجية حكم مستدامة في غزة قد يمكّن "حماس" من الحفاظ على نفوذها على الأرض. ومع استمرار تواجد القوات "الإسرائيلية" في غزة وما حولها، سيكون الجيش "الإسرائيلي" قادرًا على التركيز على نهج غارات أكثر استهدافًا لإضعاف قوات "حماس" المتبقية، مع استمرار المفاوضات لتحقيق اختراق دبلوماسي لإنهاء الحرب.

ففي الأسابيع الأخيرة، أصبح من الواضح في ساحة معركة غزة أن الجيش "الإسرائيلي" يركز بشكل كبير على الغارات المستهدفة بدلًا من الهجمات الكبرى، وذلك لتفكيك "حماس" في جميع أنحاء المنطقة الحضرية، كما فعل في خان يونس ومدينة غزة. ويشير هذا التحول في العمليات التكتيكية إلى أن "إسرائيل" قد تفكر في اتباع نهج عمليات في رفح أكثر تركيزاً وتحديداً بدلًا من القيام بغزو واسع النطاق؛ خاصة مع تعرّض "إسرائيل" لضغوط دولية مكثفة لعدم اقتحام رفح عبر هجوم واسع.

أما على المستوى الداخلي، فما زالت أعداد متزايدة من "الإسرائيليين" تخرج إلى الشوارع خلال الأسابيع الأخيرة، لمطالبة حكومتهم بالتركيز على إطلاق سراح الرهائن المتبقين المحتجزين في غزة، بدلًا من التركيز على هزيمة "حماس" الآن. كما إن المفاوضات لا تزال جارية للتوصل إلى وقف جزئي أو كامل لإطلاق النار، بما يؤدي لوقف القتال مقابل إطلاق سراح الرهائن "الإسرائيليين".

ومع احتمال استمرار القتال بين "إسرائيل" و"حماس" لأشهر مقبلة، فإن الحل السياسي للصراع سيظل بعيد المنال، ما سيعيق إعادة الإعمار ويزيد من الضغوط الدولية على "إسرائيل" لتحويل استراتيجيتها نحو التركيز على حكم غزة وإعادة بنائها. ونظرًا لعدم إحراز تقدم ملموس في تلك المفاوضات، فسوف تستمر "إسرائيل" و"حماس" في خوض معارك محدودة، في حين ستحاول الأولى عبر غاراتها على رفح تدمير ما تبقى من قوات "حماس". وربما تُقدِم "إسرائيل" على شن هجوم كبير على رفح إذا استطاعت تأمين الدعم الأمريكي، لكنها ستظل تفضل الغارات المركزة للضغط على "حماس" وحملها على التوصل لاتفاق دبلوماسي لصالحها.

بالمقابل، وفي ظل هذه البيئة ستكون إعادة الإعمار مستحيلة، خصوصًا وسط تركيز المساعدات الدولية على الضروريات اليومية بدلًا من الاهتمام بالإعمار؛ وهذا من شأنه أن يفاقم من صعوبة الوضع الإنساني بالنسبة للمدنيين، الأمر الذي سيحفز بدوره حلفاء "إسرائيل"، مثل الولايات المتحدة، على تحويل انتباههم من مجرد منع "إسرائيل" من التسبب في مزيد من الضحايا المدنيين نحو وضع سياسات تسمح ببدء إعادة الإعمار. ونتيجةً لذلك وعلى المدى الطويل، ستفكر "إسرائيل" في تبني حل بشأن غزة على غرار ما فعلته في الضفة الغربية؛ حيث تتحمل هي العديد من المسؤوليات المدنية في القطاع.

ستراتفور

الحوثيون سيواصلون مهاجمة سفن الشحن في البحر الأحمر لكن فرص نجاح الهجمات ستكون أقل

سيواصل الحوثيون على الأغلب تنفيذ هجماتهم على السفن في البحر الأحمر طالما استمرت العمليات العسكرية "الإسرائيلية" في غزة؛ وإن كان من المرجح أن يستهدفوا فقط السفن التي لها صلة بـ"إسرائيل"، والولايات المتحدة والمملكة المتحدة (بعد ضرباتهم المنسقة ضد أهداف عسكرية للحوثيين). وبناء على ذلك، ستأخذ السفن وشركات التأمين في الاعتبار مخاطر الخطأ من قبل الحوثيين في تحديد هوية السفن، وعدم القدرة على التنبؤ بما ستتخذه قيادتهم من قرارات. وبالتالي، من المتوقع أن تظل تكاليف الشحن العالمية أعلى من المستويات المعقولة خلال عام 2024، لكنها ستكون أقل من المستويات القياسية التي وصلت إليها ما بعد "كوفيد-19". رغم ذلك، يُعتقد أن استخدام الحوثيين الأسلحة المتطورة سينخفض، ما يعني أن فرص نجاح الهجمات ستكون أقل، حيث تكتسب وجهة النظر هذه قوة لسببين رئيسيين:

أولًا: رغم ندرة التفاصيل المحددة حول ذخائر الحوثيين، فلا شك في أن الموجات الأربع من الضربات الجوية الأمريكية والبريطانية المشتركة قد دمرت مخزونًا كبيرًا من أسلحتهم، كما ألحقت أضرارًا بمراكز القيادة والسيطرة المختلفة، ومرافق تخزين الذخيرة، والأسلحة، وأنظمة إطلاق الصواريخ، ومواقع التصنيع ومنشآت رادار الدفاع الجوي في عدة محافظات يسيطر عليها الحوثيون حاليًا.

ثانيًا: سينخفض أيضًا حجم الأسلحة المهربة من إيران، وذلك بسبب زيادة الوجود الأمني البحري الدولي في البحر الأحمر. ورغم ذلك، يُرجح أن تظل إيران المورد الرئيسي لقدرات الحوثيين الصاروخية المضادة للسفن، ويرجع ذلك في جزء كبير منه إلى التشابه الملحوظ بين الصواريخ المعروضة في العروض العسكرية للحوثيين والترسانة الصاروخية الإيرانية، والتي تعني نقل الخبرة والمساعدة الإيرانية للحوثيين، على الأقل.

فيتش سوليوشنز

الهجوم الإيراني على "إسرائيل" يرسي قواعد اشتباك جديدة ويضع عقيدة الردع "الإسرائيلية" في خطر

لا شك أن هجوم إيران المباشر على "إسرائيل" ستكون له آثار على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بغض النظر عن رد فعل "إسرائيل":

أولًا: من المرجح أن تؤدي الأحداث الأخيرة إلى ارتفاع المخاطر الجيوسياسية في المنطقة لفترة أطول من المتوقع؛ على الأرجح خلال السنتين أو الثلاث القادمة؛ فإن نشاط محور المقاومة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، والانتقام الإيراني المباشر من "إسرائيل" الآن، أظهرا مدى القدرات العسكرية الإيرانية. وبالتالي من المرجح أن تكون إيران أكثر جرأة في المنطقة، وكذلك الجماعات التي تدعمها، وأن نشهد جهودًا مكثفة من جانب "إسرائيل" وحلفائها لإضعافها.

ثانيًا: يشكل الهجوم الإيراني على "إسرائيل" سابقة ويؤسس في الوقت ذاته قواعد جديدة للاشتباك؛ وهذا يعني أن التحركات والمواجهات المستقبلية ستؤثر على الهجمات "الإسرائيلية" - الإيرانية المباشرة على بعضها البعض. وإن كان من المرجح أن يقوم الجانب "الإسرائيلي" بدراسة أكثر شمولًا، قبل إعطاء الضوء الأخضر لاستهداف الأصول الإيرانية في المنطقة أو العمليات السرية داخل إيران، لكن لا يمكن استبعاد حلقات أخرى من هجمات واسعة النطاق بالطائرات المسيّرة والصواريخ على "إسرائيل". لكن سيظل هذا الأمر تحت السيطرة طالما أن الهجمات الإيرانية أو "الإسرائيلية" لا تؤدي إلى مقتل مدنيين في أي من البلدين.

ثالثًا: من الملاحظ أن إيران لم تنشر أسلحتها الأكثر تطورًا، بينما اضطرت "إسرائيل" إلى نشر تقنيات متطورة لاعتراض الطائرات بدون طيار والصواريخ الإيرانية، وكانت بحاجة إلى دعم دولي للتصدي لتلك الهجمات. وقد كشف هذا عن حقائق قيمة حول وسائل الدفاع "الإسرائيلية" وحاجة "إسرائيل" إلى حلفاء لحماية نفسها من إيران.

رابعًا: يعرّض الهجوم الإيراني عقيدة الردع "الإسرائيلية" للخطر؛ فقد شكلت تلك العقيدة توازن القوى في الشرق الأوسط لعقود من الزمن. وقد كانت "إسرائيل" تاريخيًا قوية في التعامل مع التهديدات التي تستهدف أمنها، وذلك باستخدام القوة غير المتناسبة في معظم الحالات. وبالتالي، فإن مثل هذا الهجوم سيشكل اختبارًا لهذه العقيدة العسكرية "الإسرائيلية"، والتي بموجبها إما أن تعيد "إسرائيل" ترسيخها أو أن تتبنى نسخة أقل تشددًا منها.

خامسًا؛ لا يخفى على أحد ارتفاع المخاطر الأمنية في الأردن؛ وذلك لأنه اعترض طائرات مسيّرة وصواريخ أطلقتها إيران وحلفاؤها وعبرت المجال الجوي الأردني. وقد يؤدي ذلك إلى توسيع الاحتجاجات المناهضة لـ"إسرائيل" والمستمرة منذ أكثر من أسبوعين في عمّان، حيث تعتبر نسبة كبيرة من الأردنيين من أصل فلسطيني، وأن تتوجه تلك الاجتجاجات نحو الملك وتموضعه الأخير، كما إن ذلك قد يشجع إيران وحلفاءها أيضًا على شن هجمات على الأردن.

فيتش سوليوشنز

الهجوم الإيراني ضد "إسرائيل" ورد تل أبيب سيدفعان طهران لتعجيل برنامجها النووي

تشير التقديرات إلى أن الهجوم الإيراني ضد "إسرائيل" والانتقام المحتمل من قبل الأخيرة سيزيدان من احتمال تعجيل طهران تطوير سلاحها النووي، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى إطلاق سباق نووي في جميع أنحاء المنطقة.

فمنذ هجوم "حماس" على "إسرائيل" في السابع من أكتوبر، تراجعت أهمية البرنامج النووي الإيراني بالنسبة للولايات المتحدة و"إسرائيل"، وسط سعي الأخيرة لتفكيك "حماس" والضغط الأمريكي للحد من هجمات الحوثيين على طرق الشحن في البحر الأحمر. وفي محاولة على ما يبدو للحد من خطر التصعيد الإقليمي الذي قد يؤدي إلى حرب، أبطأت إيران عملية التخصيب وسط الأزمة بينها وبين واشنطن بعد هجوم الميليشيات العراقية المدعومة إيرانيًا في الـ28 من كانون الثاني/ يناير في الأردن، الذي أسفر عن مقتل ثلاثة أمريكيين، ومع ذلك فإن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب مستمر في الارتفاع.

في السياق ذاته، فإن قرار إيران بمهاجمة "إسرائيل" بشكل مباشر للمرة الأولى سيزيد من تركيز تل أبيب على البرنامج النووي الإيراني؛ فمن خلال الهجوم أظهرت طهران استعدادها للمخاطرة بمواجهة عسكرية شاملة مع "إسرائيل" والولايات المتحدة، من خلال تنفيذ ضربة عسكرية علنية ضد الأراضي "الإسرائيلية". ومن  هنا، فإن الهجوم "الإسرائيلي" على مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق، والرد العسكري "الإسرائيلي" على الهجوم الإيراني الأخير، وفشل إيران في تجاوز أنظمة الدفاع الجوي "الإسرائيلية"، كل هذا يمنح طهران حافزًا أكبر لتسريع برنامجها النووي وتطوير سلاح نووي في نهاية المطاف.

من جهة أخرى، فإن تسريع إيران لبرنامجها النووي، خصوصًا تطوير سلاح نووي، سيتردد صداه في مختلف أنحاء الشرق الأوسط. وسيزيد ذلك على الأرجح من خطر نشوب صراع في المستقبل، خاصةً وأن إيران أظهرت أنها ستضرب الأراضي "الإسرائيلية"، كما ردت "إسرائيل" بالشيء نفسه داخل إيران. وإضافةً إلى دفع "إسرائيل" إلى الإعلان بسرعة عن نفسها كقوة نووية، فإن تطوير إيران أسلحة نووية من شأنه أن يدفع كلًّا من السعودية وتركيا إلى التفكير في تطوير قدراتهما النووية كذلك.

ستراتفور

القوات الأمريكية ستبقى بالمنطقة في المدى المنظور رغم تعارض ذلك مع توجه الإدارة الأمريكية

بينما كانت الإدارة الأمريكية تتجه لتقليص التزامها بتواجد قواتها في الشرق الأوسط لحد كبير للتركيز على الصين، إلا أن القوات الأمريكية ستلتزم الآن بالبقاء في المنطقة على المدى المنظور، ومن المرجح أن تتمركز مجموعة حاملة طائرات تابعة للبحرية الأمريكية وسفن دفاع صاروخية باليستية بالقرب من "إسرائيل" على المدى القريب. في الوقت نفسه، لا زال الحوثيون المدعومون من طهران قادرين على عرقلة مسار التجارة عبر البحر الأحمر، وهذا سيتطلب من الولايات المتحدة قيادة تحالف للقضاء على هذا التهديد، ووقف تدفق الأسلحة، إضافةً إلى التدريب، إلى اليمن من إيران.

لكن الأمر الأكثر أهمية، رغم توقف الهجمات المباشرة على القوات الأمريكية في العراق وسوريا في الوقت الحالي، هو أن الولايات المتحدة ستحتاج إلى ضمان الحماية الكافية لقواتها المنتشرة في الشرق الأوسط من الصواريخ والطائرات المسيّرة، لمواصلة عمليات مكافحة الإرهاب. وبالتالي، ينبغي أن يكون هجوم إيران الأخير، بحجمه وتعقيده الهائل، بمثابة دعوة للدول العربية للاستيقاظ ومضاعفة الجهود الرامية لتطوير قدرة دفاع صاروخي إقليمية متكاملة، بدعم من الولايات المتحدة. كما يجب الاستفادة من ذلك بشكل كبير في "اتفاقيات أبراهام"، وأن يشمل "إسرائيل" حتى تتمكن هذه الدول من تشكيل جبهة موحدة لهذا التهديد المشترك من قبل إيران.

ميدل إيست إنستيتيوت