رغم أن جهود العراق لإعادة الاندماج في الحظيرة الإقليمية تعود إلى استضافة قمة الجامعة العربية عام 2012، لكن الرد على مبادرات العراق بالمثل من قبل قادة الخليج تم فقط في ظل إدارتي "الكاظمي" و"السوداني". كما إن كون العراق يتمتع بأغلبية عربية شيعية يمنحه الآن قدرة فريدة على التنقل بين إيران ودول الخليج، والتي أصبحت كلها مفتوحة للوفاق الإقليمي بعد عقد من العداء والصراع. وبالتالي، فإن قدرة العراق على التوسط بين إيران وبقية المنطقة أصبحت رصيدًا بالغ الأهمية في سياسته الخارجية.
وقد كانت هذه السياسة جزءًا أصيلًا من تحقيق قدر أكبر من الاستقرار وانخفاض الاستقطاب في العراق خلال السنوات الأخيرة، وقد دعمت القوى الغربية هذا التوجه؛ حيث كانت فرنسا (على سبيل المثال) شريكًا رئيسيًا في دعم مؤتمر بغداد. وبالنسبة لحكومتي "الكاظمي" و"السوداني"، فقد قدم هذا النهج أيضًا طريقًا لإدارة الوجود العسكري الأمريكي المستمر والمشاركة الأوسع في البلاد؛ فرغم أن كلًا منهما كان مرشحًا توافقيًا ضمن حكومات توافقية شملت (ولا تزال تضم) عددًا من الأحزاب المدعومة من إيران، لكنهما يعترفان أيضًا بالولايات المتحدة كمساهم في أمن العراق وتنميته، وقد يكون هذا أداة مفيدة في توازن النفوذ الإيراني.
رغم ذلك، فإن الآثار المتتابعة لحرب غزة تهدد بشكل خطير هذا التوازن الدقيق؛ إذ لا يقتصر الأمر على تجدد الصراع بالوكالة بين الولايات المتحدة وإيران في العراق بأشكال محفوفة بالمخاطر، بل إن العنف المتجدد يؤدي إلى تقوية الجماعات المسلحة والسياسية المتشددة في العراق. ولمساعدة العراق على البقاء على المسار الصحيح ودعم المعتدلين، يتعين على الأوروبيين أن ينظروا إلى العلاقات العراقية الإيرانية بكل تعقيداتها، لتحديد المجالات التي قد يكون دعمهم فيها أكثر فعالية.
ذا يوروبيان كاونسل أوف فورين ريليشنز