لا شك أن هجوم إيران المباشر على "إسرائيل" ستكون له آثار على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بغض النظر عن رد فعل "إسرائيل":
أولًا: من المرجح أن تؤدي الأحداث الأخيرة إلى ارتفاع المخاطر الجيوسياسية في المنطقة لفترة أطول من المتوقع؛ على الأرجح خلال السنتين أو الثلاث القادمة؛ فإن نشاط محور المقاومة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، والانتقام الإيراني المباشر من "إسرائيل" الآن، أظهرا مدى القدرات العسكرية الإيرانية. وبالتالي من المرجح أن تكون إيران أكثر جرأة في المنطقة، وكذلك الجماعات التي تدعمها، وأن نشهد جهودًا مكثفة من جانب "إسرائيل" وحلفائها لإضعافها.
ثانيًا: يشكل الهجوم الإيراني على "إسرائيل" سابقة ويؤسس في الوقت ذاته قواعد جديدة للاشتباك؛ وهذا يعني أن التحركات والمواجهات المستقبلية ستؤثر على الهجمات "الإسرائيلية" - الإيرانية المباشرة على بعضها البعض. وإن كان من المرجح أن يقوم الجانب "الإسرائيلي" بدراسة أكثر شمولًا، قبل إعطاء الضوء الأخضر لاستهداف الأصول الإيرانية في المنطقة أو العمليات السرية داخل إيران، لكن لا يمكن استبعاد حلقات أخرى من هجمات واسعة النطاق بالطائرات المسيّرة والصواريخ على "إسرائيل". لكن سيظل هذا الأمر تحت السيطرة طالما أن الهجمات الإيرانية أو "الإسرائيلية" لا تؤدي إلى مقتل مدنيين في أي من البلدين.
ثالثًا: من الملاحظ أن إيران لم تنشر أسلحتها الأكثر تطورًا، بينما اضطرت "إسرائيل" إلى نشر تقنيات متطورة لاعتراض الطائرات بدون طيار والصواريخ الإيرانية، وكانت بحاجة إلى دعم دولي للتصدي لتلك الهجمات. وقد كشف هذا عن حقائق قيمة حول وسائل الدفاع "الإسرائيلية" وحاجة "إسرائيل" إلى حلفاء لحماية نفسها من إيران.
رابعًا: يعرّض الهجوم الإيراني عقيدة الردع "الإسرائيلية" للخطر؛ فقد شكلت تلك العقيدة توازن القوى في الشرق الأوسط لعقود من الزمن. وقد كانت "إسرائيل" تاريخيًا قوية في التعامل مع التهديدات التي تستهدف أمنها، وذلك باستخدام القوة غير المتناسبة في معظم الحالات. وبالتالي، فإن مثل هذا الهجوم سيشكل اختبارًا لهذه العقيدة العسكرية "الإسرائيلية"، والتي بموجبها إما أن تعيد "إسرائيل" ترسيخها أو أن تتبنى نسخة أقل تشددًا منها.
خامسًا؛ لا يخفى على أحد ارتفاع المخاطر الأمنية في الأردن؛ وذلك لأنه اعترض طائرات مسيّرة وصواريخ أطلقتها إيران وحلفاؤها وعبرت المجال الجوي الأردني. وقد يؤدي ذلك إلى توسيع الاحتجاجات المناهضة لـ"إسرائيل" والمستمرة منذ أكثر من أسبوعين في عمّان، حيث تعتبر نسبة كبيرة من الأردنيين من أصل فلسطيني، وأن تتوجه تلك الاجتجاجات نحو الملك وتموضعه الأخير، كما إن ذلك قد يشجع إيران وحلفاءها أيضًا على شن هجمات على الأردن.
فيتش سوليوشنز