مرصد التنبؤات الغربية 14 مايو 2024

الساعة : 14:53
14 مايو 2024
مرصد التنبؤات الغربية 14 مايو 2024
الهجمات بين "حزب الله" و"إسرائيل" ستتوسع ومن المرجح حدوث تصعيد عسكري كبير بحلول نهاية 2024

ستستمر الهجمات المسلحة بين "حزب الله" و"إسرائيل" على الأغلب في التوسع في حجمها وجغرافيتها خلال الأشهر المقبلة؛ فقد أكدت "إسرائيل" مرارًا وتكرارًا على أن إرغام "حزب الله" على التراجع إلى شمال نهر الليطاني وإعادة النازحين "الإسرائيليين" إلى المستوطنات الحدودية يشكل أولوية رئيسية لها، إلى جانب هزيمة "حماس". ولتحقيق ذلك، من المرجح أن تقوم بتوسيع استهدافها للحزب في مناطق جنوب لبنان، وليس فقط على طول الحدود، وهذا بدوره سيدفع الحزب إلى الرد بهجمات أكثر كثافة في عمق "إسرائيل".

رغم ذلك، هناك فرصة جيدة لخفض التصعيد في الأشهر المقبلة، لكن من المحتمل أن يكون هذا مؤقتًا فقط وأن يستمر لبضعة أشهر على الأكثر. ولن يحدث هذا على الأرجح إلا في حال تم التوصل لوقف دائم لإطلاق النار في غزة (وهو أمر غير محتمل)، أو إذا أجريت انتخابات جديدة في "إسرائيل" (وهو أمر مرجح)، إذ ومن شأن العملية الانتخابية في "إسرائيل" أن تؤخر على الأقل أي خطط لتصعيد عسكري مع الحزب، لكن أي حكومة جديدة في "إسرائيل" ستعيد التركيز بسرعة على مواجهته مجددًا.

ميدانيًا، تشير أعمال "إسرائيل" العسكرية الأخيرة وتحركها على طول الحدود الشمالية إلى أنها تستعد لاحتمال حدوث تصعيد كبير مع "حزب الله"، وربما تنظر الحكومة "الإسرائيلية" إلى هذا باعتباره الطريقة الأكثر فعالية لتأمين حدودها الشمالية. رغم ذلك، من المحتمل جدًا أن تسعى "إسرائيل" لتجنب أي تصعيد كبير مع الحزب، على الأقل حتى تنتهي المرحلة الرئيسية من عمليتها في غزة. ويرجع ذلك لحد كبير إلى مخاوفها من أن توسيع نطاق الحرب سيؤدي إلى إرهاق الجيش، لكن يبدو أن "كابينيت الحرب" عازم على المضي قدمًا.

بعيدًا عن غزة وعن عملية رفح، فليس هناك شك في أن "إسرائيل" ستتبنى سياسة تهدف إلى القضاء على قدرات "حزب الله" أو إضعافها بشكل كبير، على الأقل جنوب لبنان؛ وعلى النقيض من وضعها مع إيران، ربما تعتقد "إسرائيل" أنها قادرة على التحرك ضد "حزب الله" من جانب واحد، دون التنسيق مع الولايات المتحدة والحلفاء العرب. ومن ثم، فمن المرجح أن يحدث تصعيد عسكري كبير من جانب "إسرائيل" بحلول نهاية هذا العام حتى عام 2025.

دراجونفلاي إنتيليجنس

السعودية ستواصل تعزيز علاقاتها مع "إسرائيل" رغم ربطها التطبيع بتحقيق تقدم نحو دولة فلسطينية

لا يزال التطبيع السعودي الكامل مع "إسرائيل" مشروطًا بمسار موثوق لإقامة دولة فلسطينية، لكن الرياض ستواصل تدريجيًا تعزيز العلاقات الدبلوماسية مع تل أبيب وتعميق العلاقات الدفاعية مع الولايات المتحدة، مع الحفاظ على تواصلها الحذر مع إيران. رغم ذلك، فإن استمرار التهديدات الأمنية الإقليمية قد يعيق الجهود السعودية، وربما يهدد حتى مشروع التنويع الاقتصادي "رؤية 2030".

فمنذ اندلاع الحرب بين "إسرائيل" و"حماس" اتخذت المملكة موقفًا دفاعيًا عن الشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته، وأدانت تصرفات "إسرائيل" في غزة، وبهذا جعلت أي اتفاق تطبيع مع "إسرائيل" مشروطًا بالعديد من القضايا الأمنية، لكن مطلبها الأساسي هو وجود مسار موثوق وغير قابل للتراجع لإقامة دولة فلسطينية. في الوقت نفسه، واصل السعوديون التواصل علنًا مع منافستهم إيران؛ حيث تسعى الرياض إلى تجنب استهدافها من قبل طهران، حتى مع تركها الباب مفتوحًا أمام إمكانية التقارب الدبلوماسي مع "إسرائيل" وتوثيق العلاقات الدفاعية مع واشنطن.

في هذا الإطار، من المرجح أن ينخرط السعوديون في اتفاق دفاعي غير رسمي يشمل "إسرائيل"، لكنهم لن ينضموا على الأرجح إلى اتفاق تطبيع كامل معها دون إنهاء الحرب في غزة، وإحراز تقدم كبير نحو إقامة دولة فلسطينية وتهدئة التوترات الإقليمية. لكن حتى لو لم يتم التطبيع السعودي "الإسرائيلي" في القريب العاجل، فإن المملكة ستستفيد من العلاقات التجارية الثنائية المتزايدة مع "إسرائيل"، والأقل احتمالًا مع إيران، وذلك من أجل تحقيق التكامل الاقتصادي الإقليمي الأوسع والاستقرار لدفع الاستثمار الأجنبي. فنجاح "رؤية 2030" يستلزم استقرارًا أمنيًا إقليميًا لتعزيز أهداف المملكة الاقتصادية طويلة المدى، وتوفير الاستقرار لمنح الثقة للمستثمرين. وبالتالي، فإن المملكة، حتى لو قامت فقط بتوسيع علاقاتها مع "إسرائيل" بشكل غير رسمي، فمن المرجح أن تستفيد من زيادة التعاون العلمي والتجارة الثنائية وترابط البنى التحتية، وهو أمر من شأنه أن يتوسع في حال تطبيع العلاقات.

بالمقابل، ورغم احتمال إقامة علاقات أوثق مع "إسرائيل"، وتعاون دفاعي أقوى مع الولايات المتحدة، وعلاقات مستقرة مع إيران، فمن المرجح أن تظل السعودية تواجه العديد من التهديدات الأمنية الإقليمية في توازناتها الجيوسياسية في السنوات القليلة القادمة. فمن المتوقع أن تظل أنماط العداوات المتكررة في المنطقة والصراعات المتواصلة منذ عقود تشكّل تهديدًا مستمرًا لتطلعات السعوديين، في تحقيق "رؤية 2030" وتحقيق التنويع الاقتصادي والاستقرار والتكامل في المنطقة. لكن الأمر الأكثر أهمية هو أن الصراع "الإسرائيلي" الفلسطيني سيستمر على الأغلب في السنوات القادمة، حتى لو وافقت الحكومة "الإسرائيلية" المستقبلية على مسار جاد لتحقيق حل الدولتين.

ستراتفور

حرب الظل ستستمر بين إيران و"إسرائيل" ومن المرجح حدوث جولات تصعيدية متفرقة

لقد أدى الهجوم الإيراني المباشر العابر للحدود على "إسرائيل" بالصواريخ والطائرات المسيّرة خلال نيسان/ أبريل الماضي، لخروج حرب الظل بين البلدين إلى العلن؛ فقد بدا أن "إسرائيل" تنتقم ردًا على هذا الهجوم عندما أعلنت إيران اعتراض طائرات بدون طيار فوق أصفهان وتبريز في الـ19 من نيسان/ أبريل. وكان رد إيران على الضربات الانتقامية "الإسرائيلية" خافتًا، ما يشير إلى نيتها تجنب مزيد من التصعيد، لكن رغم ذلك ستستمر حرب الظل بين الطرفين خلال الفترة المقبلة، ومن المرجح حدوث جولات تصعيدية متفرقة.

بناءً على ذلك، ستستمر دول المنطقة الواقعة في نطاق النفوذ الإيراني في مواجهة التهديدات، وكجزء من الجهود المستمرة لدحر نفوذ إيران الإقليمي ستشمل أهداف "إسرائيل" البنى التحتية التي تستخدمها القوات الإيرانية والجماعات المدعومة من إيران، خصوصًا في سوريا ولبنان. وقد تقوم "إسرائيل" أيضًا بضربات متفرقة ضد البنى التحتية التي يستخدمها المدنيون والتي تخضع للمصالح الإيرانية، بما في ذلك الأصول الموجودة بالقرب من الموانئ والمطارات. علاوةً على ذلك، فقد تسعى "إسرائيل" لتوسيع نطاق ردها ليشمل الأصول البحرية المرتبطة بإيران في العراق واليمن، ولو بصورة أقل. ومن الأهمية بمكان أن نشير إلى أن "إسرائيل" إذا قامت بضرب البنى التحتية ذات الاستخدام المزدوج، فإنها ستسعى على الأرجح للحد من التهديدات التي يتعرض لها المدنيون، خصوصًا في لبنان.

من جهتهم، سعى حلفاء الغرب في المنطقة إلى تجنب أن يُنظر إليهم على أنهم ينحازون إلى أحد الجانبين خلال هذه الجولات الانتقامية؛ فقد حرص الأردن على تصوير مشاركته في عمليات الاعتراض يومي 13 و14 نيسان/ أبريل على أنها مسألة دفاع وطني. أما دول الخليج فرغم أنها شاركت المعلومات التي قدمتها إيران حول الهجوم للمساعدة في مهام اعتراضه، لكنها منعت الطائرات الأمريكية و"الإسرائيلية" التي تنفذ هذه المهام من الوصول إلى مجالها الجوي. ولم يتم حتى الآن الإبلاغ عن أي حليف عربي للغرب يدعم الانتقام "الإسرائيلي" ضد أهداف على الأراضي الإيرانية في الـ19 من نيسان/ أبريل، وسيساعد هذا النهج المتوازن، إلى جانب التواصل المستمر مع إيران من قبل دول الخليج، على احتواء التهديدات الأمنية خلال الفترة القادمة.

كنترول ريسكس جروب

قطع تركيا علاقتها التجارية مع "إسرائيل" سيضر ب الاقتصاد "الإسرائيلي" ويعقّد العلاقات بين الطرفين

ستبقى العلاقات الثنائية التركية "الإسرائيلية" متقلبة للغاية في عهد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان؛ فرغم إحياء العلاقات الدبلوماسية في عامي 2021 و2022 بعد انقطاع دام أربع سنوات، فقد سارع البلدان إلى استدعاء دبلوماسييهما عندما بدأت أزمة غزة في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وواصل "أردوغان" انتقاد "إسرائيل" بشدة منذ بدء الحرب. وفي العاشر من نيسان/ أبريل الماضي، فرضت تركيا قيودًا على تصدير 54 نوعًا من البضائع إلى "إسرائيل"، كما أكد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في الأول من أيار/ مايو الجاري أن تركيا ستسعى أن تصبح طرفًا في قضية الإبادة الجماعية، التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد "إسرائيل" في محكمة العدل الدولية.

ومن المعلوم أن "أردوغان" يواجه ضغوطًا سياسية داخلية لاتخاذ موقف صارم تجاه "إسرائيل"، بعد أن مني حزبه "العدالة والتنمية" بخسائر فادحة في الانتخابات المحلية التي جرت في آذار/ مارس الماضي؛ إذ إن المعارضة للعمليات العسكرية "الإسرائيلية" في غزة واسعة في الرأي العام التركي.

وإن كان قطع التجارة مع "إسرائيل" من قبل تركيا سيترك تأثيرًا سلبيًا بسيطًا على الميزان التجاري التركي، فإن تأثيره سيكون أشد وطأةً على "إسرائيل"؛ فتركيا هي خامس أكبر مصدر لواردات "إسرائيل" وسابع أكبر سوق لصادراتها. من جهة أخرى، ستستمر التوترات السياسية في التأثير سلبًا على عدد الزوار "الإسرائيليين" إلى تركيا؛ فقد بلغ عددهم 765 ألف زائر إلى تركيا عام 2023 (1.6% من إجمالي الزوار الأجانب)، وفقًا لوزارة الثقافة والسياحة التركية، بانخفاض عن 843 ألف زائر عام 2022، ومن المؤكد أن الرقم سيكون أقل بشكل كبير هذا العام. وإن كانت التوترات السياسية بين البلدين ستؤثر على زيارات السياح "الإسرائيليين" إلى تركيا، لكن لن يكون لها تأثير كبير على التوازن الخارجي لتركيا.

ويمكن التوقع بأن الحظر سيستمر على المدى القريب، ما سيجبر الشركات على البحث عن أسواق بديلة تكون فيها العلاقات التجارية والدبلوماسية أقل توترًا. ولأسباب سياسية داخلية، سيكون من الصعب على تركيا إلغاء الحظر التجاري، كما إن العلاقات الدبلوماسية ستظل مجمدة على المدى القريب. وبصرف النظر عن خسارة عائدات التجارة والسياحة، فمن المرجح أن تكون لانخراط تركيا المتزايد في أزمة غزة آثاراً سلبية (وإن كانت ضئيلة) على تصورات المستثمرين الغربيين عن البلد.

إيكونوميك إنتيليجنس يونيت

الانقسام والصراع السياسي والاجتماعي سيتفاقمان داخل "إسرائيل" كلما طال أمد الحرب في غزة

تعاني "إسرائيل" من أزمة سياسية عميقة على الصعيدين الداخلي والخارجي؛ فبعد أكثر من ستة أشهر من الصراع المسلح، يزيد استمرار العمليات العسكرية، إضافةً لحجم الدمار في غزة، من معارضة حلفائها الأجانب، والتي لم يخفف من وطئها التصعيد مع إيران إلا بصورة مؤقتة. كما إن الإجماع حول السياسة الداخلية يتآكل باستمرار، وتتخذ الخلافات داخل التحالف الحاكم ومجتمع السلطة شكلًا حادًا على نحو متزايد، حيث من المتوقع أن يتفاقم هذا الصراع السياسي والاجتماعي.

رغم ذلك، وحتى في ظل الضغوط الشعبية الكبيرة والموقف الضعيف، فإن احتمال ترك "نتنياهو" السلطة طوعًا أو الدعوة لإجراء انتخابات مبكرة يظل ضئيلًا. ورغم تكاليف العملية البرية في غزة والانقسامات داخل الحكومة بشأن الخطوات التالية، فإن الوقف الدائم للأعمال القتالية في هذه المرحلة سيكون مكلفًا للغاية من الناحية السياسية بالنسبة للسلطة. وفي الوقت نفسه، ستستمر الحرب في تأخير التحقيقات حول هجوم السابع من أكتوبر وتداعياته، والذي سيشكل عبئًا سياسيًا على "نتنياهو" أكبر بكثير من قضايا الفساد المنظورة.

فمن جهتها، تخاطر الحكومة "الإسرائيلية" باستبدال الانتقادات الدولية والضغوط الدبلوماسية بتغييرات مستمرة في السياسات الخارجية مع حلفائها، بما في ذلك مراجعة العلاقات الاقتصادية والاعتراف بالدولة الفلسطينية وخفض مستوى العلاقات، إذا استمرت السياسات الحالية تجاه غزة والضفة الغربية.

ويبقى الأمر الأهم  هو مستقبل عملية رفح، والسيناريو الأكثر ترجيحًا هو أن تنفذ "إسرائيل" هذه العملية بشكل محدود، وهو ما تفضله الولايات المتحدة، الأمر الذي سيؤدي إلى إطالة أمد الصراع لكنه قد يقلل من الخسائر في صفوف المدنيين. ومع ذلك، سيظل من غير الممكن في هذه المرحلة من الصراع أن يتم طرد "حماس" بشكل كامل من غزة؛ فقد بدأ الأمر بالفعل في التحول إلى تكتيكات حرب العصابات في المناطق الحضرية. وإضافةً إلى زيادة الضغط على "إسرائيل" بشأن قضايا حماية المدنيين، سيتعين على حلفاء "إسرائيل" تهيئة الظروف لإدخال مؤسسات سياسية بديلة إلى القطاع، والتي يمكن تكوينها استنادًا إلى هياكل السلطة الفلسطينية على سبيل المثال.

ݒوليش إنستيتيوت أوف إنترناشيونال أفّيرز