ستبقى العلاقات الثنائية التركية "الإسرائيلية" متقلبة للغاية في عهد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان؛ فرغم إحياء العلاقات الدبلوماسية في عامي 2021 و2022 بعد انقطاع دام أربع سنوات، فقد سارع البلدان إلى استدعاء دبلوماسييهما عندما بدأت أزمة غزة في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وواصل "أردوغان" انتقاد "إسرائيل" بشدة منذ بدء الحرب. وفي العاشر من نيسان/ أبريل الماضي، فرضت تركيا قيودًا على تصدير 54 نوعًا من البضائع إلى "إسرائيل"، كما أكد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في الأول من أيار/ مايو الجاري أن تركيا ستسعى أن تصبح طرفًا في قضية الإبادة الجماعية، التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد "إسرائيل" في محكمة العدل الدولية.
ومن المعلوم أن "أردوغان" يواجه ضغوطًا سياسية داخلية لاتخاذ موقف صارم تجاه "إسرائيل"، بعد أن مني حزبه "العدالة والتنمية" بخسائر فادحة في الانتخابات المحلية التي جرت في آذار/ مارس الماضي؛ إذ إن المعارضة للعمليات العسكرية "الإسرائيلية" في غزة واسعة في الرأي العام التركي.
وإن كان قطع التجارة مع "إسرائيل" من قبل تركيا سيترك تأثيرًا سلبيًا بسيطًا على الميزان التجاري التركي، فإن تأثيره سيكون أشد وطأةً على "إسرائيل"؛ فتركيا هي خامس أكبر مصدر لواردات "إسرائيل" وسابع أكبر سوق لصادراتها. من جهة أخرى، ستستمر التوترات السياسية في التأثير سلبًا على عدد الزوار "الإسرائيليين" إلى تركيا؛ فقد بلغ عددهم 765 ألف زائر إلى تركيا عام 2023 (1.6% من إجمالي الزوار الأجانب)، وفقًا لوزارة الثقافة والسياحة التركية، بانخفاض عن 843 ألف زائر عام 2022، ومن المؤكد أن الرقم سيكون أقل بشكل كبير هذا العام. وإن كانت التوترات السياسية بين البلدين ستؤثر على زيارات السياح "الإسرائيليين" إلى تركيا، لكن لن يكون لها تأثير كبير على التوازن الخارجي لتركيا.
ويمكن التوقع بأن الحظر سيستمر على المدى القريب، ما سيجبر الشركات على البحث عن أسواق بديلة تكون فيها العلاقات التجارية والدبلوماسية أقل توترًا. ولأسباب سياسية داخلية، سيكون من الصعب على تركيا إلغاء الحظر التجاري، كما إن العلاقات الدبلوماسية ستظل مجمدة على المدى القريب. وبصرف النظر عن خسارة عائدات التجارة والسياحة، فمن المرجح أن تكون لانخراط تركيا المتزايد في أزمة غزة آثاراً سلبية (وإن كانت ضئيلة) على تصورات المستثمرين الغربيين عن البلد.
إيكونوميك إنتيليجنس يونيت