تعاني "إسرائيل" من أزمة سياسية عميقة على الصعيدين الداخلي والخارجي؛ فبعد أكثر من ستة أشهر من الصراع المسلح، يزيد استمرار العمليات العسكرية، إضافةً لحجم الدمار في غزة، من معارضة حلفائها الأجانب، والتي لم يخفف من وطئها التصعيد مع إيران إلا بصورة مؤقتة. كما إن الإجماع حول السياسة الداخلية يتآكل باستمرار، وتتخذ الخلافات داخل التحالف الحاكم ومجتمع السلطة شكلًا حادًا على نحو متزايد، حيث من المتوقع أن يتفاقم هذا الصراع السياسي والاجتماعي.
رغم ذلك، وحتى في ظل الضغوط الشعبية الكبيرة والموقف الضعيف، فإن احتمال ترك "نتنياهو" السلطة طوعًا أو الدعوة لإجراء انتخابات مبكرة يظل ضئيلًا. ورغم تكاليف العملية البرية في غزة والانقسامات داخل الحكومة بشأن الخطوات التالية، فإن الوقف الدائم للأعمال القتالية في هذه المرحلة سيكون مكلفًا للغاية من الناحية السياسية بالنسبة للسلطة. وفي الوقت نفسه، ستستمر الحرب في تأخير التحقيقات حول هجوم السابع من أكتوبر وتداعياته، والذي سيشكل عبئًا سياسيًا على "نتنياهو" أكبر بكثير من قضايا الفساد المنظورة.
فمن جهتها، تخاطر الحكومة "الإسرائيلية" باستبدال الانتقادات الدولية والضغوط الدبلوماسية بتغييرات مستمرة في السياسات الخارجية مع حلفائها، بما في ذلك مراجعة العلاقات الاقتصادية والاعتراف بالدولة الفلسطينية وخفض مستوى العلاقات، إذا استمرت السياسات الحالية تجاه غزة والضفة الغربية.
ويبقى الأمر الأهم هو مستقبل عملية رفح، والسيناريو الأكثر ترجيحًا هو أن تنفذ "إسرائيل" هذه العملية بشكل محدود، وهو ما تفضله الولايات المتحدة، الأمر الذي سيؤدي إلى إطالة أمد الصراع لكنه قد يقلل من الخسائر في صفوف المدنيين. ومع ذلك، سيظل من غير الممكن في هذه المرحلة من الصراع أن يتم طرد "حماس" بشكل كامل من غزة؛ فقد بدأ الأمر بالفعل في التحول إلى تكتيكات حرب العصابات في المناطق الحضرية. وإضافةً إلى زيادة الضغط على "إسرائيل" بشأن قضايا حماية المدنيين، سيتعين على حلفاء "إسرائيل" تهيئة الظروف لإدخال مؤسسات سياسية بديلة إلى القطاع، والتي يمكن تكوينها استنادًا إلى هياكل السلطة الفلسطينية على سبيل المثال.
ݒوليش إنستيتيوت أوف إنترناشيونال أفّيرز