خطوة ستقيّدها سيطرة الأجهزة الأمنية

تعديل تشريعي بمصر يسمح بالاستئناف في القضايا الجنائية دون توقع مزيد من العدالة

الساعة : 15:30
18 يناير 2024
تعديل تشريعي بمصر يسمح بالاستئناف في القضايا الجنائية دون توقع مزيد من العدالة

الحدث:

صادق الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في الـ16 من كانون الثاني/ يناير، على تعديلات تتعلق بأحكام قانون الإجراءات الجنائية، شملت استحداث درجة الاستئناف على أحكام الجنايات. ونشرت الجريدة الرسمية تصديق رئيس الجمهورية على القانون رقم 1 لسنة 2024، على أن يبدأ العمل به على الأحكام التي ستصدر بداية من اليوم التالي. وبموجب ذلك، أصبح التقاضي أمام محاكم الجنايات على درجتين، ولا تسري أحكامه إلا على الدعاوى التي لم يفصل فيها من محاكم الجنايات اعتبارًا من تاريخ سريان هذا القانون.

الرأي:

ألزم الدستور المصري المعدل عام 2014 السلطات المعنية بإصدار قانون ينظم استئناف الأحكام الصادرة في الجنايات، على أن تلتزم الدولة بتوفير الإمكانيات المادية والبشرية خلال عشر سنوات من العمل بالدستور، وهي الفترة التي تنتهي في الـ17 من كانون الثاني/ يناير الجاري؛ حيث أقر مجلس النواب هذا الاستحقاق الدستوري قبل فوات موعده.  ووفق هذا التعديل، استُحدثت درجة جديدة للتقاضي في القضايا الجنائية، وهي درجة الاستئناف، والتي ستنظر فيها محكمة جديدة هي "محكمة الجنايات المستأنفة" والتي سيتم تشكيلها في نطاق كل دائرة استئناف على مستوى الجمهورية بما فيهم دوائر الإرهاب، وهي تعطي الحق لأي متهم حصل على أي حكم من محكمة الجنايات بالاستئناف على الحكم أمام هذه المحكمة الجديدة، بعد أن كانت أحكام الجنايات قبل ذلك قابلة للطعن فقط أمام محكمة النقض، والتي تصدر قراراً نهائياً وباتا. وبالتالي باتت محاكم الجنايات "محاكم جنايات أول درجة"، تليها "محكمة الجنايات المستأنفة"، ثم محاكم النقض كدرجة تقاضي ثالثة وأخيرة.

من جهته، يرى مركز "صدارة" أن هذا التعديل يمثل خطوة ضرورية طال انتظارها والمطالبة بها، حيث أنها كانت تمثل ثغرة كبيرة في القانون الذي يرجع إلى عام 1950. فبالنظر لخطورة قضايا الجنايات، وعقوباتها التي قد تصل إلى الإعدام، كان من غير المقبول مواصلة نظرها على درجة واحدة، في حين أن الجنح وهي أقل خطورة تنظر على درجتين.

ومع هذا، فإن هذا التعديل ليس من المتوقع أن يؤثر بصورة ملموسة على القضايا السياسية على الرغم من أن غالبية السياسيين يحاكمون تحت لافتة قضايا جنائية، إذ لم تتطرق التعديلات لمسألة الحبس الاحتياطي التي ما زالت تمثل واحدة من أبرز الانتهاكات التي يتعرض لها المعارضون في مصر. ومن جهة أخرى، فإن النفوذ الكبير للأجهزة الأمنية على سلطات التحقيق أفقد الثانية استقلاليتها، وبات يسمح لها بتدخلات واسعة في توجيه التهم وقرارات إبقاء المتهمين قيد الحبس الاحتياطي لفترات طويلة. كما أن القوانين المقيدة للحريات، مثل قانون التظاهر وقانون الإرهاب، وقدرة السلطة التنفيذية العليا على توجيه قضايا إلى دوائر بعينها، كل ذلك يجعل من أي إصلاحات مرحباً بها في إجراءات التقاضي الجنائي إلا أنها من غير المرجح أن تنعكس على فرص المحاكمات العادلة التي يطالب بها المعارضون والحقوقيون في مصر.