الحدث:
تقدم مرشد الثورة الإيرانية، علي خامنئي، إمامًا في صلاة الجنازة على القاضييْن البارزين بالمحكمة العليا، علي رازيني ومحمد مقيسه، وذلك في اليوم التالي لاغتيالهما داخل مقر عملهما في طهران على يد مهاجم أطلق عليهما النار من مسدسه ثم انتحر.
الرأي:
يشوب الغموض دوافع حادث اغتيال القاضيين "رازيني" و"مقيسه" في ظل محدودية المعلومات المتوافرة حول منفذ الهجوم، والذي أفيد بأنه بائع شاي عمل لعشر سنوات في مقر المحكمة العليا بقصر العدالة بطهران، ولم تكن لديه خلافات سابقة أو معاملات مع الضحيتين، ما يفتح الباب أمام وجود دوافع أمنية وسياسية للاغتيال. فقد اختص القاضيان بالنظر في قضايا تتعلق بالأمن القومي ومكافحة التجسس والإرهاب، وسبق أن أصدرا خلال مسيرتهما المهنية الممتدة لأكثر من أربعين عامًا أحكامًا بالإعدام والسجن على عناصر من تنظيم "مجاهدي خلق"، ومن البهائيين، ومعارضين سياسيين، ومتهمين بالتجسس لصالح "إسرائيل"، لذلك وصف الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، الحادث بأنه "عمل إرهابي جبان".
وقد أحدث الاغتيال صدمة في طهران؛ حيث يندرج ضمن سلسلة اغتيالات لشخصيات رفيعة المستوى خلال السنوات الأخيرة شملت العالم النووي، محسن فخري زاده، والقيادي في فيلق القدس، حسن خدائي، ورئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، إسماعيل هنية، فضلًا عن الوفاة الغامضة للرئيس السابق، إبراهيم رئيسي، ومرافقيه بسقوط مروحية كانت تقلهما. وبالتالي، فإن هذه الحادثة تبدد الشعور بالأمان لدى رموز السلطة، وتنشر مخاوف من أن يكون الاغتيال مقدمة لهجمات أخرى تستهدف شخصيات عامة داخل البلاد، ضمن مخطط لتقويض النظام، خصوصًا بعد سقوط نظام "الأسد" في سوريا، وتعرض "حزب الله" لضربات عنيفة في لبنان على يد الاحتلال "الإسرائيلي".
كما تشير إمامة المرشد "خامنئي" لصلاة الجنازة على القاضيين، وعقد الرئيس "بزشكيان" اجتماعًا ثلاثيًا بعد الحادث مع رئيس مجلس النواب ورئيس السلطة القضائية، إلى الأهمية التي توليها السلطات الإيرانية للحادث. وفي هذا الإطار، من المتوقع أن تعزز الأجهزة الأمنية إجراءات الحماية للمنشآت الهامة والشخصيات البارزة، لتلافي تكرار هذا النوع من الهجمات.