عوامل متانة العلاقات القطرية الأمريكية وعدم تأثير حرب غزة عليها

الساعة : 14:15
6 أبريل 2024
عوامل متانة العلاقات القطرية الأمريكية وعدم تأثير حرب غزة عليها

المصدر: فيتش سوليوشنز

ترجمة: صدارة للمعلومات والاستشارات

الرابط: لقراءة وتحميل الترجمة / اضغط هنا

ستبقى علاقة قطر مع الولايات المتحدة على الأرجح قوية على المديين القصير والمتوسط، رغم التداعيات التي خلفها هجوم "حماس" على "إسرائيل" في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر. فعلى مدى العقد الماضي أثبتت قطر أنها لا غنى عنها بالنسبة للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وقد بلغت العلاقات ذروتها بقرار الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بتصنيف قطر كحليف رئيسي من خارج "الناتو" في آذار/ مارس 2022. رغم ذلك، فمنذ هجوم السابع من أكتوبر واجهت قطر ردود فعل عامة ورسمية متزايدة بشأن علاقتها مع "حماس"، تلك العلاقة التي تسببت في زيادة الانتقادات في الولايات المتحدة بسبب علاقاتها القوية مع هذه الدولة الخليجية.

لكن مسؤولين أمريكيين زعموا أن قطر منفتحة على إعادة النظر في وجود بعض قادة "حماس" في الدوحة بعد الحرب، بناءً على طلب أمريكي خلال اجتماع عقد في تشرين الأول/ أكتوبر بين وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، وأمير قطر، تميم بن حمد. ولا يُتوقع أن تكون للحرب بين "إسرائيل" و"حماس" أي انعكاسات إضافية على العلاقات بين البلدين، وذلك لأن هناك عدة عوامل ستضمن استمرار متانة العلاقات القطرية الأمريكية، منها أن كلًّا من قطر والولايات المتحدة تستفيدان من تعاون أمني ودفاعي مهم وطويل الأمد؛ حيث توصلت الولايات المتحدة في كانون الثاني/ يناير 2024 إلى اتفاق مع قطر لتمديد وجودها العسكري في قاعدة العديد الجوية لمدة عشر سنوات أخرى.

ويعزز هذا التمديد وجهة النظر بأن العلاقات بين البلدين لن تتأثر بشكل كبير بالحرب بين "إسرائيل" و"حماس". بالمقابل، تستفيد قطر من الحماية العسكرية الأمريكية وتوريد المعدات العسكرية؛ حيث تعتبر قطر ثالث أكبر مشترٍ لنظام الدفاع الأمريكي على مستوى العالم، إضافةً إلى أمن التجارة البحرية حول شبه الجزيرة العربية.

وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، استفادت الدولة الخليجية من سياستها الخارجية المتوازنة وثروتها، للتوسط في العديد من الاتفاقيات الهامة بين الولايات المتحدة ومنافسيها في الشرق الأوسط، وذلك بهدف تعزيز مكانتها الدبلوماسية وسمعتها إضافةً إلى تحقيق مكاسب اقتصادية وفوائد أمنية. ومن أمثلة الوساطة التي قامت بها قطر ذلك الاتفاق الذي جرى عام 2020 بين الولايات المتحدة وحركة "طالبان"، لإنهاء حرب استمرت عقدين من الزمان في أفغانستان، إضافةً إلى اتفاق تبادل الأسرى عام 2023 بين الولايات المتحدة من جهة وإيران وفنزويلا من جهة أخرى.

كما تلعب قطر حاليًا دورًا رئيسيًا للتوسط في اتفاق لوقف إطلاق النار في الحرب الحالية بين "إسرائيل" و"حماس"، الأمر الذي قد يساعد الولايات المتحدة في تجنب الانجرار إلى حرب إقليمية في الشرق الأوسط، واستعادة الاستقرار في المنطقة قبيل الانتخابات الرئاسية الأمريكية في تشرين الثاني/ نوفمبر القادم. وخلال حوار الشراكة الاستراتيجية السادس بين الولايات المتحدة وقطر، الذي عقد في آذار/ مارس الماضي، أكدت الولايات المتحدة اعتمادها على وساطة قطر للمساعدة في تعزيز مصالح الأمن القومي على مستوى العالم، ما يدفع إلى الاعتقاد بأن هذا الوضع سيستمر على مدى السنوات المقبلة.

على مستوى أوسع، ومع تصاعد التوترات بين روسيا وأوكرانيا بداية عام 2022، تواصلت الولايات المتحدة مع قطر لتأمين إمدادات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا ليحل محل الغاز الروسي. وقد تعهدت قطر على المدى القصير بعدم تحويل إمداداتها من أوروبا، والتي سترتفع عندما يبدأ الإنتاج الجديد من مشروع حقل الشمال عام 2027، وهو ما سيجعل الدولة الخليجية ذات أهمية حاسمة لأمن الطاقة في الغرب على المدى الطويل. والدليل على ذلك الاتفاقيات طويلة المدى التي وقعتها قطر مع العديد من الدول الأوروبية عام 2023، بما فيها فرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا، لتزويدها بإنتاج الغاز الطبيعي المسال الجديد الذي سينتج عن توسعة حقل الشمال، ما سيؤدي إلى زيادة حصة قطر من واردات الغاز الطبيعي المسال العالمية وتعزيز صادراتها.

ووفقًا لوزارة الخارجية الأمريكية، فقد استثمرت قطر ما يزيد عن 45 مليار دولار في الاقتصاد الأمريكي، اعتبارًا من الخامس من آذار/ مارس 2024، ومن المتوقع أن تتوسع هذه الاستثمارات القطرية في الولايات المتحدة، بدعم من "جهاز قطر للاستثمار"، صندوق الثروة السيادي للبلاد، الذي تخضع لإدارته أصول تبلغ قيمتها حوالي 475 مليار دولار. وخلال حوار الشراكة الاستراتيجية المشار إليه سابقًا، ناقش البلدان أيضًا تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية إضافةً إلى التعاون في قضايا التعليم والعمل.

رغم كل ما سبق، فقد يعتري العلاقات القطرية الأمريكية بعض الخطر في ظل إدارة "ترامب" حال فوزه في الانتخابات الرئاسية القادمة، لكنه سيكون خطرًا محدودًا؛ فرغم أن العلاقات واجهت بعض العقبات في ظل إدارة "ترامب" السابقة، لكن الروابط الاستراتيجية بين البلدين ستضمن بقاء العلاقات متينة في حال فوز "ترامب". ففي حين وقف "ترامب" في البداية إلى جانب منافسي قطر في مجلس التعاون الخليجي خلال الحصار عام 2017، إلا أنه أشار بعد ذلك إلى أن البلدين يعملان بشكل جيد للغاية، وأثنى على جهود قطر في مكافحة تمويل الإرهاب عام 2018.