إعلان الكشف عن مخطط تخريبي بالأردن يعيد رسم العلاقة بين الإخوان والسلطات وينذر بموجة قمع أمني

الساعة : 14:55
17 أبريل 2025
إعلان الكشف عن مخطط تخريبي بالأردن يعيد رسم العلاقة بين الإخوان والسلطات وينذر بموجة قمع أمني

الحدث:

قالت دائرة المخابرات العامة في الأردن إنها أحبطت "مخططات كانت تهدف إلى المساس بالأمن الوطني وإثارة الفوضى والتخريب المادي داخل المملكة"، مشيرة إلى أن الأجهزة الأمنية التابعة للمخابرات، ألقت القبض على 16 ضالعاً بتلك المخططات مؤكدة أنها  كانت تتابعها بشكل استخباري دقيق منذ عام 2021.

وبحسب البيان، شملت المخططات قضايا تتمثل في: "تصنيع صواريخ بأدوات محلية وأخرى جرى استيرادها من الخارج لغايات غير مشروعة، وحيازة مواد متفجرة وأسلحة نارية وإخفاء صاروخ مُجهز للاستخدام، ومشروع لتصنيع طائرات مسيرة، بالإضافة إلى تجنيد وتدريب عناصر داخل المملكة، وإخضاعها للتدريب بالخارج".

الرأي:

يأتي إعلان المخابرات الأردنية  منسجماً مع سياسة ومواقف السلطات الأردنية  المعادية لمسار المقاومة الفلسطينية، والداعمين لها، وبعد حملة أمنية مستمرة من الاعتقالات ضد ناشطين وأعضاء بجماعة الإخوان على خلفية التظاهرات الرافضة لاستمرار الحرب في غزة. ويتزامن ذلك مع مساعي عمّان لإقناع الإدارة الأمريكية بالعدول عن قرار تجميد المساعدات المالية، وفرض رسوم جمركية بقيمة 20%، إلى جانب حساسية الوضع الأمني في الداخل الأردني.

وتشير هذه الخطوة بصورة عامة إلى أحد السيناريوهين التاليين:

·       الأول، أن تكون هذه الخطوة بداية حملة قمع قاسية ضد الحركة الإسلامية في الأردن، تستهدف توجيه ضربة استراتيجية لها على المستوى السياسي والاجتماعي، بهدف إعادة ضبط البيئة الداخلية التي تنذر بخروج الأمور عن سيطرة الدولة في ظل استمرار الحرب في غزة واحتمالات انتقالها لسيناريوهات أكثر تطرفاً مثل التهجير وضم الضفة الغربية. وقد يعزز من هذا الاحتمال عملية التجييش والتحريض عبر وسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية، فضلا عن تفعيل مئات الحسابات الوهمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، رغبة من الدولة في شيطنة الحركة الإسلامية، وتشويه صورتها، والطعن في وطنيتها، مما يهيئ الأجواء على المستوى الشعبي والسياسي لخطوات - قد تكون قريبة- تنال من حضورها الشعبي والسياسي والبرلماني، وصولاً إلى تصنيفها إرهابياً وحل البرلمان الذي تمثل نحو ثلث أعضائه. ويلاحظ هنا أن الإعلان الرسمي تجنب أي ربط بين الاعتقال وبين دعم المقاومة، بل وأرجع القضية إلى عام 2021 لتأكيد نفس رسالة أن هذه الخلية المزعومة تستهدف الأردن وليس للأمر علاقة بحرب غزة.

·       أما السيناريو الثاني، فيتمثل في أن تكون هذه القضية وما يواكبها من تهديد بتصعيد أمني ضد حزب جبهة العمل الإسلامي هي الإنذار الأخير من قبل السلطات لقيادة الإخوان بضرورة ضبط أداء قواعدهم والرجوع خطوات للخلف فيما يتعلق بمستوى التعبئة الشعبية المتصاعدة مؤخرا بصورة لافتة. ويعزز من هذا الاحتمال أن السلطات أعلنت في اليوم التالي من الكشف عن القضية أن الإجراءات المرتبطة بها قد انتهت وأن المتهمين قد أُحيلوا للقضاء ووجهت لهم تهماً محددة ما يثير احتمال أنه لا نية لتوسيع القضية وضم أعداد أكبر بما في ذلك قيادات حزب جبهة العمل الإسلامي والإخوان، وإن كانت تفاعلات القضية تظل غامضة ويظل من الممكن استخدام الأحكام بالإدانة المحتملة لإدانة الحزب او الجماعة بالتبعية.

وبينما شرع الاحتلال في بناء سياج أمني على طول الحدود مع الأردن للتصدي لأنشطة التهريب، فإن الرواية الرسمية من المرجح ألا تقنع غالبية الشارع الأردني بفكرة أن الخلية كانت تستهدف الأمن الداخلي الأردني، خاصة بعد إبراز محامين لمعتقلين بذات الخلية، محاضر رسمية من دائرة المخابرات تكشف أن النوايا والأفعال والتحضيرات كان القصد منها الضفة الغربية ومواجهة الاحتلال "الإسرائيلي" فقط.

من المرجح أن تميل جماعة الإخوان وحزب جبهة العمل لتجنب الصدام الواسع مع السلطات، والعمل على احتواء موجة التصعيد الراهنة، لكنّ هذا لا يمنع من أن الهوة المجتمعية والسياسية ستواصل الاتساع أكثر بين المؤمنين بخط المقاومة، والمحسوبين على الرواية الرسمية، وتفتح هذه القضية العديد من السيناريوهات حول شكل العلاقة المستقبلية بين  السلطات الأردنية والحركة الإسلامية، وعموما يمكننا توقع مقاربة أمنية أكثر تشددا وخشونة في المدى القريب.