النموذج الأمني الاحترازي الإسرائيلي تجاه القاهرة ينذر بمزيد من الاضطرابات في المنطقة

الساعة : 18:27
21 أبريل 2025
النموذج الأمني الاحترازي الإسرائيلي تجاه القاهرة ينذر بمزيد من الاضطرابات في المنطقة

المصدر: رويال يونايتد سيرفس إنستيتيوت

ترجمة: صدارة للمعلومات والاستشارات

توتر غير مسبوق منذ اتفاقية "كامب ديفيد"

وصلت العلاقات بين مصر و"إسرائيل" إلى أسوأ حالاتها منذ اتفاقية "كامب ديفيد" عام 1978، مدفوعةً لحد كبير بمقترحات "إسرائيلية" بنقل الفلسطينيين من غزة إلى سيناء. وسرعان ما انتشر في وسائل الإعلام العبرية تقريرٌ كاذبٌ في آذار/ مارس 2024، يزعم أن مصر وافقت على مثل هذه الخطة، ما يعكس مدى ترسيخ هذه الفكرة في الأوساط السياسية والأمنية "الإسرائيلية"، رغم رفض مصر القاطع والمتكرر؛ حيث ترى مصر في هذه الجهود محاولاتٍ لطمس القضية الفلسطينية، لذلك رفضت التواطؤ فيما تعتبره تهجيرًا قسريًا أو تطهيرًا عرقيًا. وقد أدى هذا التباين إلى توسيع الخلاف بين القاهرة وتل أبيب؛ حيث يروّج قادة "إسرائيليون" بشكل متزايد لوجهات نظر عدائية تجاه مصر، كما ظهرت اتهاماتٌ بوجود حشود عسكرية مصرية في سيناء دون أدلة، ما يشير إلى وجود دافع سياسي وراء هذا العداء.

من جهتها، لا تزال مصر تُصرّ على إطار "كامب ديفيد" كعامل حيوي للسلام الإقليمي، لكنها تشعر بالقلق إزاء الإجراءات والخطابات أحادية الجانب من قبل "إسرائيل". ويتجلى توتر العلاقات بوضوح في قرار القاهرة الانضمام إلى قضية الإبادة الجماعية ضد "إسرائيل" أمام محكمة العدل الدولية، وهي خطوة غير مسبوقة تُنذر بانقسام متفاقم قد يُفضي لتداعيات خطيرة على الاستقرار الإقليمي.

القادم قد يكون أسوأ

لا شك أن القاهرة سترد على أي محاولات من قبل "إسرائيل" لطرد الفلسطينيين إلى سيناء، بإعادة تسليح شبه الجزيرة بشكل كبير. وبينما ينبغي أن يكون هذا الموقف المصري جزءًا لا يتجزأ من أي تقييم "إسرائيلي" واقعي للحسابات الأمنية المصرية، يبدو أن "إسرائيل"، على العكس من ذلك، لم تأخذ هذا الأمر في الاعتبار على الإطلاق. ففي مناقشات مختلفة ضمن "المسار الثاني"، أعرب محاورون "إسرائيليون" عن دهشتهم من رد الفعل المصري القوي، في حين يرى أي مراقب محايد للحسابات المصرية أن هذه الأفكار حتمية تمامًا.

في هذا الإطار، يبدو أن مساحة النقاشات البناءة بين الطرفين قد تضاءلت، خصوصًا في ظل سيطرة اليمين المتطرف على التيار السياسي السائد في "إسرائيل"، وسيؤدي هذا إلى نتيجتين متلازمتين؛

·      الأولى هي افتقار الوعي "الإسرائيلي" لكيفية نظر مصر بشكل خاص والمنطقة بشكل عام إلى الوضع الحالي، ما قد يؤدي لإثارة ديناميكية قد تكون أكثر زعزعة لاستقرار الأمن الإقليمي.

·      والثانية هي نمو نوع من عقيدة الحرب الاستباقية الجديدة في التفكير الأمني "الإسرائيلي" تتجاوز مصر؛ وقد تصاعد هذا الاتجاه ليس فقط في غزة، بل في لبنان وسوريا أيضًا؛ حيث يعتمد الحفاظ على أمن "إسرائيل" جزئيًا على الأقل على الشعور بالاستباقية.

ففي سوريا، ظهر هذا الاتجاه جليًا من خلال ما أقدمت عليه "إسرائيل" مؤخرًا من احتلال مزيد من الأراضي السورية، إضافةً إلى مرتفعات الجولان التي تحتلها منذ عام 1967. وفي لبنان، ظهر هذا الاتجاه من خلال استمرار احتلال عدة نقاط جنوب لبنان، رغم الاتفاق على وقف إطلاق النار بين "إسرائيل" ولبنان.

من جهة أخرى، تؤثر هذه العقيدة الاستباقية والعدوانية الجديدة الآن حتى على خطاب "إسرائيل" بشأن تركيا؛ حيث أفادت وسائل إعلام "إسرائيلية" بأن "نتنياهو" نصح القنوات التلفزيونية على ما يبدو بالتأكيد على أن المواجهة بين تل أبيب وأنقرة أمر لا مفر منه.

والخلاصة أن جمع "إسرائيل" بين الافتقار الواضح للوعي بأولويات الأمن المصري، إلى جانب الاتجاه الذي ينظر إلى القاهرة بشكل أكثر سلبية ويتبنى "نموذجًا أمنيًا احترازيًا" لجميع تحديات "إسرائيل"، لا يبشر بالخير للمنطقة.