التداعيات المحتملة لوقف إطلاق النار بين "إسرائيل" وإيران على التوازن الجيوسياسي في المنطقة

الساعة : 18:09
11 يوليو 2025
التداعيات المحتملة لوقف إطلاق النار بين

المصدر: آي إس ݒي آي

ترجمة: صدارة للمعلومات والاستشارات

مقدمة

في نشرته الأسبوعية "Mid This Week"، سلّط مركز "ISPI" الضوء على وقف إطلاق النار بين "إسرائيل" وإيران، وتداعياته المُحتملة على التوازن الجيوسياسي في المنطقة؛ ففي نهاية ما أسماه "ترامب" "حرب الـ12 يومًا"، أعلنت كلٌّ من "إسرائيل" وإيران النصر، بعد فترةٍ اتسمت بالتوتر والهشاشة، مّا أدّى لاتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه واشنطن والدوحة.

فعلى الجانب الإيراني، احتشد الشعب الإيراني حول علم بلاده، بينما نشر المرشد الأعلى، علي خامنئي، فيديو يحتفل فيه بوقف الأعمال العدائية وبالقوة المُتجلّية في مقاومة العدو، مُؤكّدًا في الوقت نفسه على أنّه لولا التدخل الأمريكي، لكانت "إسرائيل" قد سقطت تحت وطأة الضربات الإيرانية.

بالمقابل، تُصرّ "إسرائيل" على أن الحرب كانت نجاحًا استراتيجيًا؛ حيث تم إضعاف إيران وبرنامجها النووي بشكل ملحوظ، بينما كان الضرر الذي لحق بـ"إسرائيل" أقل مما كان متوقعًا عند انطلاق عملية "الأسد الصاعد" في الـ13 من حزيران/ يونيو الماضي. حتى الولايات المتحدة، الطرف الثالث المتورط في هذه الحرب، أعلنت النصر بعد شنّها ضربات على ثلاثة مواقع نووية إيرانية رئيسية. وبينما أظهر "ترامب" نبرة انتصارية متحدثًا عن "الإبادة"، تزعم مصادر أمريكية رسمية أن الضربات لم تُؤخّر تطوير إيران للأسلحة النووية إلا لبضعة أشهر.

رغم ذلك، لا يزال من غير الواضح مدى الضرر الذي لحق بالبرنامج النووي الإيراني، وكذلك مدة صمود وقف إطلاق النار، فيما يزداد هذا الغموض أهميةً عند النظر إلى أهداف الحرب التي وضعها "نتنياهو" في البداية، ومنها تدمير البرنامج النووي الإيراني وحتى تغيير النظام. في الوقت الحالي، لا يبدو أن التوازن الدبلوماسي الإقليمي السابق قد تعرّض لخطر جدي، حتى بعد الضربات الإيرانية على المنشآت العسكرية الأمريكية في قطر. علاوة على ذلك، تلقت طهران اقتراحًا جديدًا من الولايات المتحدة لإجراء مفاوضات في عُمان رغم أن أيًّا من الطرفين لم يُغيّر موقفه.

وفيما يلي يناقش بعض الخبراء من شبكة "ISPI" الموقف الراهن بين "إسرائيل" وإيران والولايات المتحدة والتداعيات المحتملة على التوازن الجيوسياسي في المنطقة؛

إيران قد تتجه شرقًا وتعيد تقييم تحالفاتها

من المرجح أن يكون لهذه الحرب عواقب على علاقات إيران مع الجهات الفاعلة الإقليمية وبعض الشركاء الدوليين؛ فعلى الصعيد الإقليمي أطلقت إيران بالفعل حملة دبلوماسية لتبرير هجومها على القاعدة الأمريكية في قطر أمام دول الخليج، حيث تحرص طهران على تجنب أي قطيعة مع دول مجلس التعاون الخليجي. وعلى نطاق أوسع، قد يكون للحرب أيضًا تداعيات على علاقات إيران مع شركائها الدوليين؛ فقد تُعيد طهران تقييم علاقاتها مع موسكو، لا سيما في مجال التعاون الدفاعي، وقد تلجأ إيران أيضًا إلى الصين، بعد أن خاب أملها في موثوقية أنظمة الدفاع روسية الصنع. ورغم الصعوبات، قد تسعى لإبرام اتفاقية دفاعية، في ضوء فعالية الأنظمة التي زودت بها بكين إسلام آباد خلال الصراع الهندي الباكستاني الأخير.

 لويجي تونينيلي، معهد الدراسات السياسية الدولية

كيف ستنعكس نتائج الحرب على مستقبل "نتنياهو"؟

تدّعي "إسرائيل" النصر على إيران، ويبرز "نتنياهو" مجددًا كزعيم وطني (على الأقل حتى الانتخابات القادمة)؛ حيث تجاوزت إنجازات "إسرائيل" في الحرب ضد إيران توقعاتها. فقبل قرار بدء الحرب، توقعت السيناريوهات "الإسرائيلية" مقتل ثمانية آلاف "إسرائيلي"، وأن تكون الأضرار في الممتلكات والأصول العسكرية مدمرة. لكن على عكس ذلك، قُتل 28 شخصًا فقط وجُرح 1200، وكان الدمار أقل مما كان متوقعًا، حتى إن جهاز "الموساد" والجيش "الإسرائيلي" وسلاح الجو أنفسهم تفاجؤوا بتلك النتائج.

بالمقابل، دُمِّرت العديد من المواقع النووية كليًا أو جزئيًا، وأُسقط نصف الصواريخ الباليستية ومنصات الإطلاق الإيرانية، كما اغتيل 24 عالمًا نوويًا إيرانيًا وكبار القادة العسكريين في منازلهم ومكاتبهم ومخابئهم. وخرج "نتنياهو" سياسيًا من الحرب كقائد حازم خاض مخاطرة كبيرة، وبدأ أنصاره وأتباعه المتدينون يعاملونه كمبعوث من الله. لكن الأهم، كيف ستنعكس هذه الحرب في الانتخابات القادمة؟ فهو لا يزال مكروهًا ومحتقرًا من قبل نصف الشعب، خصوصًا في دوائر الأوساط الليبرالية.

يوسي ميلمان، كاتب وصحفي، هآرتس

سياسة "ترامب" في المنطقة غامضة وتفتقر لخارطة طريق واضحة

ليست سياسة "ترامب" الخارجية الإقليمية مجرد سياسة غير متوقعة، بل تفتقر إلى خارطة طريق؛ حيث تبدو سياسته في المنطقة تفاعلية مدفوعة إعلاميًا، وتفتقر إلى التماسك الاستراتيجي. فتحوله السريع من الإذن بشن ضربة كبرى على المواقع النووية الإيرانية إلى إعلان انتهاء الحرب عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يُبرز اعتماد الإدارة على الاستعراض على حساب الدبلوماسية المنظمة. ورغم أن اتصالاته الخلفية عبر وسطاء خليجيين، خصوصًا قطر، ضمنت وقف إطلاق نار هش، لكنها كشفت عن تناقضات بين خطابه وتنفيذ سياساته.

إن غياب خارطة طريق واضحة لما بعد الضربة ترك الحلفاء في حالة من عدم اليقين والخصوم في حالة من الحيرة؛ ففي نهاية المطاف، يُعطي "ترامب" الأولوية للمظهر الخارجي وعقد الصفقات على حساب الأطر الاستراتيجية الدائمة، تاركًا المنطقة عرضةً لتقلبات مُتجددة.

أندرياس كريج، زميل بمعهد دراسات الشرق الأوسط