المصدر: فيتش سوليوشنز
ترجمة: صدارة للمعلومات والاستشارات
إن الهجوم الصاروخي الإيراني على قاعدة "العديد" الأمريكية في قطر، الذي وقع في حزيران/ يونيو الماضي، من المرجح أن يُعزز علاقة الدوحة بإدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب؛ فهذا الحادث الذي ترددت أنباء بأنه تم تنسيقه مع السلطات القطرية وساهم في إنهاء الصراع الإيراني "الإسرائيلي"، سيعزز مكانة قطر كحليف استراتيجي رئيسي في المنطقة. ويتماشى هذا مع وجهة النظر التي ترى أن قطر ستسعى لتعزيز علاقاتها مع إدارة "ترامب"، من خلال مزيج من الدبلوماسية والاستثمارات الاقتصادية والشراكات الإقليمية الرئيسية.
رغم ذلك، ليس من المتوقع أن يزيد هذا الحادث من المخاطر الأمنية في البلاد على المدى القصير؛ صحيح أنه أُفيد على نطاق واسع بأن الهجوم منسق ورمزي، لكنه أكد في الوقت ذاته على نقاط الضعف المستمرة المرتبطة بدور قطر في الوساطة وموقعها الجغرافي المكشوف. فلطالما وازنت قطر بعناية علاقاتها مع كل من الولايات المتحدة وإيران، وهو أمر ضروري بالنظر إلى احتياطاتها المشتركة من الغاز في حقل الشمال مع إيران، واستضافتها قاعدة "العديد" الجوية الأمريكية.
ومن الأمثلة الواضحة على ذلك هو أنه بينما سهلت السياسة الخارجية المتوازنة لقطر عمليات تبادل أسرى رفيعة المستوى، ومنها عمليات تبادل بين الولايات المتحدة وإيران عام 2023، لكنها لم تكن كافية لحماية البلاد من تداعيات الصراع الإيراني "الإسرائيلي" في حزيران/ يونيو. كما إن وقف إطلاق النار بين إيران و"إسرائيل" والولايات المتحدة هش للغاية، ما سيُبقي البيئة الأمنية في قطر عُرضةً لتداعيات محتملة إذا فشلت الجهود الدبلوماسية واستؤنفت الهجمات "الإسرائيلية" الأمريكية على إيران. وسيستمر هذا في التأثير سلبًا على معنويات المستثمرين والسياح، وكذلك على رغبة العمال الأجانب في الانتقال إلى قطر.
من المرجح أيضًا أن يُعزز إطلاق إيران صاروخًا على القاعدة الجوية الأمريكية في قطر مكانة قطر لدى نظرائها في مجلس التعاون الخليجي؛ حيث ساعد هذا الحدث في منع مزيد من التصعيد في الصراع وحماية التجارة الإقليمية وجهود التنويع الاقتصادي. فقد سمح الانتهاء السريع للصراع لدول مجلس التعاون بتجنب مزيد من التصعيد والتوترات، والذي كان من الممكن أن يدفع إيران لتعطيل التجارة عبر مضيق هرمز. وهذا السيناريو كان بلا شك سيُقوّض قدرة دول مجلس التعاون على تصدير سلعها من الخليج العربي، ويؤثر بشكل واضح على الاستثمار ونشاط السفر. فمن المعروف أن اقتصادات دول مجلس التعاون ستتأثر بشدة بحرب واسع النطاق، أو بزيادة التوترات بين "إسرائيل" وإيران.
بناءً على ذلك، من المتوقع أن يستمر تحسن تعاون قطر مع نظيراتها في مجلس التعاون الخليجي، في الشؤون السياسية والاقتصادية الإقليمية، بهدف إبقاء المخاطر الجيوسياسية منخفضة ولتعزيز خطط التنويع الاقتصادي. وستكون هذه المصلحة المشتركة دافعًا لجعل احتمال الاحتكاك بين قطر وجيرانها في مجلس التعاون أقل مما كانت عليه قبل توقيع إعلان العلا، رغم استقلالية قطر وسياستها الخارجية الحازمة.