اتفاق يكتنفه الغموض.. 3 نقاط رئيسية قد تفجر وقف إطلاق النار في غزة

الساعة : 15:55
22 أكتوبر 2025
اتفاق يكتنفه الغموض.. 3 نقاط رئيسية قد تفجر وقف إطلاق النار في غزة

المصدر: مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية CSIS

ترجمة: صدارة للمعلومات والاستشارات

ما مدى أهمية التحديات المتبقية؟

في حين أن الاتفاق الأخير يُمثل إنجازًا هامًا، لكن تحديات كبيرة لا تزال قائمة؛ حيث تدور ثلاث نقاط توتر آنية حول مسائل نزع سلاح حماس، والانسحاب الإسرائيلي، والوقف الدائم للأعمال العدائية. يطمح الاتفاق إلى "نزع سلاح غزة تحت إشراف مراقبين مستقلين"، لكنه يفتقر إلى التفاصيل. وتتمحور الأسئلة الرئيسية العالقة حول نزع سلاح حماس؛ حيث يكتنف الاتفاق الغموض دون أي مؤشرات واضحة على الجداول الزمنية أو المعايير، ناهيك عن كيفية تحقيق نزع السلاح بدقة. ولا يُقدم الاتفاق أي رؤى حول كيفية تحقيق تدمير "جميع البنى التحتية العسكرية والإرهابية والهجومية، بما في ذلك الأنفاق ومنشآت إنتاج الأسلحة". كما تُشكل أنفاق حماس تحديًا شائكًا بشكل خاص، إذ يقدر كبار مسؤولي الدفاع "الإسرائيليين" أن شبكة الأنفاق تمتد بطول 350-400 ميل، وتمتد حتى عمق 200 قدم تحت الأرض.

توازيًا مع ذلك، لا تزال هناك تساؤلات مطروحة بشأن مراحل الانسحاب "الإسرائيلي"، إذ ينص الاتفاق على انسحاب أولي إلى "خط متفق عليه"، لكنه يفتقر لمزيد من الوضوح بشأن توقيت وتسلسل الانسحابات "الإسرائيلية" اللاحقة. كما تتصور الخطة منطقة عازلة "إسرائيلية" داخل غزة، لكن حماس تشير إلى توقعها انسحابًا إسرائيليًا كاملًا من القطاع، ويمكن للاختلافات حول هذه المسائل أن تعرقل الخطة بسهولة وتؤدي لاستئناف القتال.

أخيرًا، وعلى المدى الطويل، لا تزال ترتيبات الحكم والأمن لإدارة "اليوم التالي" في غزة طموحة لحد كبير، مع وجود ثغرات كبيرة في التنفيذ. فعلى سبيل المثال، كيف سيتم تشكيل هيكل الحكم الانتقالي الذي تتصوره الخطة من التكنوقراط الفلسطينيين؟ ولا يوجد وضوح بشأن أدوار الإشراف والرقابة لرئيس الوزراء البريطاني السابق، توني بلير، والرئيس "ترامب" (بصفته رئيسًا لـ"مجلس السلام")، كما يواجه إنشاء قوة استقرار دولية من الشركاء العرب والعالميين عقبات كبيرة. وما لم يكن هناك تأييد واضح من الأطراف الفلسطينية على الأرض (بما في ذلك حماس التي تعارض الفكرة)، فمن الصعب تصور أي قوات عربية مستعدة للانتشار على الأرض. ومع كل هذه التحديات التي تعيق التوصل لنهاية دائمة للصراع، سيظل المحاورون الخليجيون غير راغبين في تمويل إعادة إعمار غزة، التي تُقدر تكلفتها بأكثر من 50 مليار دولار.

ما هي التداعيات الإقليمية للاتفاق؟

أوفى "نتنياهو" بالوعد الذي قطعه في اليوم التالي لهجمات السابع من أكتوبر بأن رد "إسرائيل" سيُغير الشرق الأوسط؛ فقد تصرفت "إسرائيل" كقوة إقليمية مهيمنة، فضربت عواصم في جميع أنحاء المنطقة، فقضت على "حزب الله" وساهمت في الإطاحة ببشار الأسد، ونفذت ضربات غير مسبوقة ضد إيران. لكن "إسرائيل" لم تُحوّل هذه الانتصارات العسكرية إلى مكاسب استراتيجية مستدامة، لأنها لم تُصاحبها اتفاقيات دبلوماسية.

ويمكن للحكومة "الإسرائيلية" أن تختار الاستفادة من الزخم الذي أحدثه وقف إطلاق النار في غزة لتعزيز مكاسبها، من خلال سلسلة من الصفقات في المنطقة، وهذا النهج يتماشى مع الرؤية التي تُفضلها دول الخليج، ما يُسهّل خفض التصعيد والتكامل الإقليمي. أو يمكن أن تُواصل "إسرائيل" إعطاء الأولوية للاستراتيجية العسكرية في المنطقة، مُحافظةً على وجودها العسكري في لبنان وسوريا، ومُواصلةً شنّ ضربات على خصومها، وهذا قد يعزز هيمنتها في الشرق الأوسط، لكنه سيُرسّخ زعزعة استقرار المنطقة وعزلتها الإقليمية. وإذا استمر "ترامب" في ممارسة نفوذه على "نتنياهو"، فسيتمكن من تشكيل المسار الذي تختاره "إسرائيل"، والمساعدة في تمهيد الطريق لهدوء نسبي في الشرق الأوسط.