المصدر: فيتش سوليوشنز
ترجمة: صدارة للمعلومات والاستشارات
من المتوقع أن تتصاعد مخاطر تهديد الاستقرار السياسي في إيران خلال الأشهر المقبلة، في ظل تفاقم الضغوط الاقتصادية الناتجة عن تفعيل آلية "سناب باك" وإعادة فرض العقوبات الأممية. وسيضع ذلك النظام تحت ضغط على عدة جبهات؛
· خارجياً: تواجه طهران عزلة دولية أعمق نتيجة العقوبات الأشد، إضافةً إلى ارتفاع المخاطر الأمنية في ظل احتمال تجدد الهجمات الأمريكية أو "الإسرائيلية".
· داخليًا: تواجه السلطات إحباطًا شعبيًا متزايدًا من إدارة الحكومة للملف الاقتصادي، والقيود الاجتماعية، والخيارات المرتبطة بالسياسة الخارجية. وتتقلص قدرة الحكومة على التعامل مع هذه التحديات في ظل ضعف المالية العامة (جزئيًا بسبب تشديد العقوبات على صادرات النفط)، وتنامي الانقسامات بين الإصلاحيين والمتشددين داخل السلطة.
وبالتالي، فإن مخاطر الاضطرابات الاجتماعية مرشحة للارتفاع خلال الأشهر المقبلة، مع تراجع الثقة في استراتيجية "الاقتصاد المقاوم" القائمة على الاكتفاء الذاتي وتعميق الشراكات مع روسيا والصين. فقد تراجع الريال الإيراني بشكل حاد في السوق الموازية قبل إعادة فرض العقوبات، حتى وصل سعر الدولار إلى 1,170,000 ريالًا، مباشرة بعد تفعيلها في الـ28 من أيلول/ سبتمبر لماضي. ورغم أن العملة استقرّت لاحقاً قرب 1,080,000 ريال للدولار، لكنها ما زالت أضعف كثيرًا مقارنة بفترة ما قبل حرب حزيران/ يونيو 2025 ومستويات 2024. وقد أسهم ذلك في ارتفاع التضخم السنوي إلى 48.6% في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وهو أعلى مستوى منذ أكثر من عامين، فيما بلغ تضخم الغذاء 64.2%، ما سيضغط على ميزانيات الأسر رغم القسائم الحكومية الموجهة للفئات الأقل دخلًا. كما ستؤدي العقوبات وضعف العملة إلى زيادة توتر سلاسل الإمداد، وتهديد توافر بعض السلع المستوردة، كما إن أزمة المياه والانقطاعات المزمنة في الكهرباء ستفاقم في الوقت نفسه الألم الاقتصادي وتغذيان السخط الشعبي.
ومن المتوقع أيضًا أن تُضعِف الصراعات الداخلية قدرة الحكومة على تحسين الأوضاع الاقتصادية واحتواء المخاطر على الاستقرار؛ فقد تصاعد التوتر بين الإصلاحيين والمحافظين منذ حرب حزيران/ يونيو وسط تبادل الاتهامات بين الجانبين، ويُتوقع استمرار ذلك بما يعرقل صنع القرار. من جهة أخرى، يواجه الرئيس الإصلاحي، مسعود بزشكيان، انتقادات متزايدة وسط شكوك حول قدرته على معالجة التحديات الاقتصادية والاجتماعية العميقة، بما في ذلك الجفاف التاريخي الذي أدى إلى نقص حاد في المياه، إضافةً إلى احتمال أن يكثف المتشددون في البرلمان ضغطهم على حكومته في الأشهر المقبلة. ومن جهة ثالثة، فإن الغموض حول هوية خليفة المرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي (البالغ من العمر 86 عامًا)، سيُفاقم التوتر داخل مراكز القوى في البلاد.
وقد غذّت الخلافات الأخيرة بين شخصيات متشددة مرتبطة بالحرس الثوري والرئيس الأسبق، حسن روحاني، تكهنات حول تموضعه استعدادًا للمرحلة التي ستلي "خامنئي"؛ إذ يدعو "روحاني" بشكل متكرر إلى انفتاح أكبر على الغرب وإصلاحات اجتماعية داخلية، بينما يتهمه المتشددون بأنه خفّض تمويل الحرس الثوري خلال فترة رئاسته (2013 - 2021)، ما جعل البلاد أكثر عرضة للهجمات. ومن المرجح أن تتزايد الهواجس بشأن مرحلة ما بعد "خامنئي" خلال السنوات المقبلة، بموازاة مخاطر انفجار صراع داخلي على السلطة إذا توفي المرشد أو اضطر للتنحي بسبب وضعه الصحي. وكما ذُكر سابقًا، فرغم ارتفاع احتمالات "تغيير النظام" في المدى المتوسط، لكن هذا المسار سيكون محاطًا بدرجة عالية من عدم اليقين، ولا توجد ضمانة بأن يفضي ذلك إلى نظام سياسي أكثر انفتاحًا أو تحررًا.