الحدث:
حذر جهاز الأمن العام "الإسرائيلي" “الشاباك” رئيس الحكومة "الإسرائيلية"، بنيامين نتنياهو، من مخاطر انهيار السلطة الفلسطينية، وقال "بدأت تظهر مؤشرات على الانهيار" نتيجة الأزمة الاقتصادية التي تمر بها، محذرًا من انعكاسات ذلك على الاستقرار الأمني. وذكرت "القناة 12" العبرية أن "الشاباك" أبلغ القيادة السياسية بأن "الوضع الاقتصادي المتدهور للسلطة، وارتفاع نسب البطالة، وعدم تلقي عناصر أجهزتها الأمنية رواتبهم، تشكل عوامل قد تؤدي إلى مزيد من التصعيد" في الضفة الغربية.
الرأي:
يأتي تحذير الشاباك في ظل استمرار وزير المالية "الإسرائيلي"، بتسلئيل سموتريتش، بحجب إيرادات الضرائب الفلسطينية "المقاصة" المتبقية بعد الاقتطاعات للشهر الرابع على التوالي، حيث تحتجز "إسرائيل" نحو 3 مليارات منذ 2019 بذرائع مختلفة، ما جعل السلطة الفلسطينية عاجزة عن دفع رواتب موظفيها بشكل كامل، وبعد أن كانت تصرف لهم منذ سنوات نسبة تصل إلى 70 بالمئة من الراتب، انخفضت إلى أقل من 40% مؤخرًا.
وسبق لجهاز الشاباك أن أصدر عدة تحذيرات مماثلة سابقًا، إلا أن أن الوضع يبدو مختلفاً هذه المرة، حيث تعاني الضفة الغربية من انهيار اقتصادي كبير جدًا منذ السابع من أكتوبر. فقد عملت حكومة نتنياهو على تدمير الضفة اقتصاديًا بالتوازي مع تدمير قطاع غزة منذ بداية الطوفان، حيث تهدف السياسات "الإسرائيلية" إلى تقويض اقتصاد الضفة وزيادة تبعيته للاقتصاد "الإسرائيلي" وذلك لوأد أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية. بالإضافة لذلك، يعاني اقتصاد الضفة من هشاشة بنيوية جعلته يعتمد على إيرادات "المقاصة" بشكل كبير باعتبارها أحد المصادر الرئيسية لتمويل موازنة السلطة الفلسطينية ودفع رواتب موظفيها، والتي تستغلها "إسرائيل" بشكل دائم كأداة للابتزاز السياسي لا سيما في السنوات الأخيرة، الأمر الذي دفع السلطة لتقليص رواتب موظفيها وتأخير صرفها بشكل مستمر، وخاصة مع فشل السلطة في توفير شبكة أمان مالي من المانحين الدوليين.
كما لجأت "إسرائيل" لفرض قيود أمنية صارمة على الحركة والتنقل في الضفة وذلك بإقامة مئات الحواجز ونقاط التفتيش في مختلف المناطق وبالتالي تراجع النشاط الاقتصادي مما يؤثر سلبًا على الإيرادات المحلية للسلطة ويعمق من الأزمة المالية. بموازاة ذلك، يتم منع دخول العمال الفلسطينيين إلى سوق العمل "الإسرائيلي"، مما يضاعف من معاناة اقتصاد الضفة.
في المحصلة، سيقود الانهيار الاقتصادي الكبير في الضفة لزيادة معدلات البطالة والفقر ومعدلات الجريمة ونحوه، وسيؤدي، إلى جانب عجز السلطة عن دفع رواتب موظفيها، لضعفها وفقدانها لسيطرتها الأمنية، وبالتالي انهيار للوضع الأمني لا سيما أن "إسرائيل" كانت تعتمد على التنسيق الأمني مع أجهزة السلطة بشكل كبير لملاحقة مجموعات المقاومة في الضفة.
وفي ضوء ما سبق، فإن السياسات "الإسرائيلية" تتجاوز الأهداف العسكرية والسياسية التقليدية لتصبح جزءًا من استراتيجية طويلة الأمد تهدف لتفكيك اقتصاد الضفة، الأمر الذي سيقود لانهيار السلطة الفلسطينية في نهاية المطاف، ولا سيما في ظل تزايد مساعي اليمين المتطرف في "إسرائيل" للدفع نحو فرض السيادة "الإسرائيلية" على الضفة واستبدالها بمخططات وإدارات محلية مثل مخطط "إمارة الخليل" الذي بدأت "إسرائيل" الترويج له ومن ثم الذهاب لنموذج الإمارات الفلسطينية والتي تكون منفصلة عن بعضها البعض.