بدلًا من التراجع عن سياستها بتأييد حركة "حماس" علنًا، يبدو أن ماليزيا تضاعف دعمها للحركة؛ فإن كانت حكومة كوالالمبور تتمتع بقدر من الشجاعة والتحدي حاليًا، فقد يقوم "الإسرائيليون" باتخاذ إجراءات (خشنة) ضد نشطاء "حماس" على الأراضي الماليزية، وقد يتم فرض عقوبات أمريكية على "حماس" أو حتى على الحكومة الماليزية. وبالتالي، فإن مشهد اصطفاف ماليزيا إلى جانب الحوثيين قد ينعكس سلبًا على الأسواق المالية؛ فمخاطر الاستثمار في ماليزيا لا يمكن إنكارها الآن، وسنرى إذا كانت كوالالمبور ستدفع الثمن.
إن ماليزيا تلوح بعلم أحمر أمام إدارة "بايدن"، ما يدعو إلى تطبيق أقصى العقوبات التي تستهدف تمويل "حماس" ونقل النفط الإيراني بشكل غير قانوني. وقد ينظر الكونجرس أيضًا في توسيع قوانين مكافحة المقاطعة الفيدرالية الحالية لفرض تكاليف على مشغلي الموانئ الذين يقاطعون السفن "الإسرائيلية".
رغم ذلك، سيكون من الصعوبة بمكان تنفيذ الحظر بشكل فعال؛ فتحديد السفن التي ترفع العلم "الإسرائيلي"، مثل سفينة "زيم"، أمر واضح ومباشر، لكن تحديد البضائع المتجهة إلى "إسرائيل" على متن سفن أو خطوط غير "إسرائيلية" قد يتطلب تكاليف إضافية للتفتيش والنظر في أوراق الشحن. علاوةً على ذلك، لا يبدو أن الحظر يشمل الشحن الجوي أو الشحنات غير المباشرة؛ فعلى سبيل المثال يمكن نقل البضائع عن طريق البر إلى سنغافورة وشحنها بعد ذلك.
إن تغيير طرق الخدمة لتجنب التوقف في كل من ماليزيا و"إسرائيل" سيكون أمرًا مزعجًا لشركات الشحن، لا سيما في ضوء التعديلات المطلوبة بالفعل نتيجة للوضع الأمني في البحر الأحمر. فحتى الآن، قام خط شحن واحد فقط، هو شركة "Evergreen Marine" التايوانية، بإنهاء الشحنات المباشرة إلى "إسرائيل".
بالتالي، فإن تأثير الحظر على التجارة الماليزية "الإسرائيلية" سيكون محدودًا للغاية؛ فقد بلغت قيمة الواردات من ماليزيا إلى "إسرائيل" خلال 12 شهرًا (حتى تشرين الأول/ أكتوبر 2023) 403 ملايين دولار، وهو ما يعادل 0.5% فقط من إجمالي تجارة ماليزيا و"إسرائيل" متضمنةً الشحن الجوي والبحري. ومن غير المرجح أن توسع الحكومة الماليزية عقوباتها لتشمل فرض حظر تجاري على سلع مثل رقائق الكمبيوتر، وهو منتج يتضمن سلسلة توريد عالمية معقدة؛ حيث تعد رقائق الكمبيوتر وقطاع الإلكترونيات أحد أكبر مصادر عائدات النقد الأجنبي في ماليزيا.
من ناحية أخرى، لا يُرجح أن ترد "إسرائيل" بالمثل بتعليق جميع العلاقات التجارية مع ماليزيا؛ لأنها تسعى للحفاظ على دورها في سلسلة التوريد العالمية لأشباه الموصلات. وتتوقع الحكومة "الإسرائيلية" بالفعل أن تقوم بعض حكومات الدول غير المعادية لها ذات الأغلبية المسلمة بإطلاق تصريحات مماثلة، أو اتخاذ تدابير (ربما بشكل مؤقت)، لخفض مستوى العلاقات التجارية لاسترضاء الدوائر الانتخابية المحلية على مدى الحرب بين "إسرائيل" و"حماس". ففي إندونيسيا على سبيل المثال، وهي دولة آسيوية أخرى ذات أغلبية مسلمة ليس لها علاقات دبلوماسية مع "إسرائيل" لكنها تتاجر معها، قد تزيد تعليقات السياسيين المطالبين حكومتهم باتباع الحظر الماليزي، من احتمال قيام الحكومة الإندونيسية بفرض حظر تجاري محدود على "إسرائيل".
فاونديشن فور ديفينس ديمكراسي + إس آند ݒي جلوبال ماركيت إنتيليجنس