المصدر: رويال يونايتد سيرڤيس إنستيتيوت
ترجمة: صدارة للمعلومات والاستشارات
استئناف المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران يُعد تطورًا إيجابيًا، خاصة في ظل تصاعد التوترات بسبب التقدم السريع في القدرات النووية الإيرانية وتهديدات واشنطن باللجوء إلى العمل العسكري. ومع أن فتح المسار الدبلوماسي يوفّر فرصة لتخفيف التصعيد، فإن المفاوضات تظل معقدة للغاية. فالولايات المتحدة لم توضح بعد أهدافها بدقة، فيما تصر إيران على حقها في تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية. لقد فشلت الجهود السابقة في تحقيق اتفاق دائم، وأي اتفاق جديد يجب أن يتعامل مع التقدم التكنولوجي الإيراني الذي لا يمكن التراجع عنه ومع انعدام الثقة المتبادل المتجذر.
ورغم أن العودة الكاملة إلى الاتفاق النووي لعام 2015 (خطة العمل الشاملة المشتركة) لم تعد ممكنة، إلا أن العناصر الأساسية لهذا الاتفاق لا تزال تمثل إطارًا مفيدًا للمفاوضات. وقد يشمل الاتفاق الجديد تقليل مستويات تخصيب اليورانيوم، وتقييد استخدام أجهزة الطرد المركزي، وتعزيز الشفافية من خلال آليات رقابة دولية. ومن شأن هذه الخطوات أن تزيد من "الوقت اللازم لامتلاك القدرة النووية" لدى إيران وتطمئن القوى الدولية بأنها لا تسعى لتطوير سلاح نووي. إلا أن التحديات الفنية والسياسية والاستراتيجية لا تزال قائمة، وتجب معالجتها لضمان نجاح أي اتفاق.
من ناحية أخرى، يمثل العنصر الزمني عامل ضغط رئيسي، إذ من المقرر أن تنتهي في أكتوبر 2025 صلاحية آلية "العودة التلقائية للعقوبات" بموجب قرار مجلس الأمن 2231، وإذا لم يُفعّل الأوروبيون هذه الآلية قبل ذلك التاريخ، فسيفقدون أحد أهم أدوات الضغط المتبقية على إيران. في المقابل، قد تحاول إيران كسب الوقت على أمل تجاوز هذا الاستحقاق، بينما تزداد صعوبة فرض عقوبات جديدة بسبب التوازنات الجيوسياسية وحق النقض (الفيتو) الروسي والصيني..
لذلك، يجب على الدول الأوروبية الثلاث (بريطانيا، فرنسا، وألمانيا) أن توضح أنها مستعدة لتفعيل آلية "العودة التلقائية للعقوبات" إذا لم يُحرز تقدم ملموس في المحادثات. وفي الوقت ذاته، ينبغي أن تحدد ما يمكن تحقيقه بشكل واقعي خلال الأشهر المقبلة، مثل استعادة الرقابة الدولية، ووقف التخصيب بمستويات مرتفعة، وتعليق استخدام أجهزة الطرد المركزي المتطورة. هذه الخطوات قابلة للتنفيذ تقنيًا وتمثل أساسًا لاتفاق مرحلي يسهُم في بناء الثقة.
ورغم أن أوروبا ليست طرفًا مباشرًا في المفاوضات الجارية بين واشنطن وطهران، فإن لها دورًا محوريًا، بفضل خبرتها التفاوضية ومعرفتها المعمقة بالملف النووي الإيراني. إذ يمكن للدول الأوروبية أن تدعم الجهود الأمريكية من خلال تقديم المشورة وتعزيز الضغط على إيران بطريقة مدروسة، إضافة إلى أن التوازن بين التهديد بالعقوبات وتوفير مسار واضح لتجنبها قد يكون مفتاحًا لدفع إيران نحو التفاوض بجدية وتحقيق نتائج واقعية.