الحدث
حذّر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان من احتمال تطبيق نظام تقنين للمياه في ديسمبر إذا استمرت موجة الجفاف، مشيرًا إلى أن استمرار الوضع قد يجعل إخلاء العاصمة طهران أمرًا واردًا. وبعد ذلك أعلن وزير الطاقة عباس علي آبادي أن موردي المياه سيضطرون إلى خفض ضغط المياه ليلًا في بعض المناطق للسماح بإعادة ملء الخزانات، ونصح السكان بتركيب أنظمة تخزين منزلية استعدادًا لأي انقطاع محتمل.
الرأي
يعيد التحذير الرئاسي احتمال إخلاء طهران إلى واجهة النقاش حول خيار نقل العاصمة أو بعض مؤسساتها إلى مناطق أخرى أكثر استقرارًا بيئيًا، وهو طرح تكرّر في الخطاب الرسمي الإيراني منذ العقد الماضي دون أن يتحول إلى سياسة عملية.
ويحمل خيار إخلاء العاصمة، ومدن أخرى، تداعيات أمنية معقدة، حيث إن نقل مؤسسات الحكم من طهران، التي تضم أكثر من 13 مليون نسمة وتشكل مركز الثقل الإداري والاقتصادي، سيؤدي إلى إعادة التوزيع الديمغرافي لكتلة كبيرة من السكان ما قد يثير نزاعات مناطقية وعرقية، من المحتمل أن ينتج عنها احتجاجات أو اضطرابات. إذ ستنظر المناطق الجديدة إلى سكان طهران، وغيرها من مراكز الثقل الفارسية التي تواجه أزمة جفاف حادة مثل أصفهان، كتهديد لأمنهم المائي، وكمجموعة تزاحمهم في الموارد الاقتصادية والبنية التحتية، خاصة وأن بعض المناطق التي تتمتع نسبياً بمصادر مياه طبيعية تشكو من التهميش ويسكنها أغلبية غير فارسية (عرب أو لور أو أكراد) في غرب وشمال غرب إيران.
من جانب آخر، تأتي هذه التطورات في وقتٍ تعاني فيه البلاد أيضًا من ضغوط على قطاع الطاقة والغاز، ما يزيد من مخاطر عدم الاستقرار الاجتماعي خلال فصل الشتاء، في حال تزامن نقص المياه مع انقطاعات كهرباء أو تدفئة في المدن الكبرى. كما تخشى السلطات من أن تتحول أزمة المياه إلى وقود للاحتجاجات في وقت تميل فيه التقديرات الحكومية إلى احتمال تجدّد الاحتجاجات بسبب الضغوط الاقتصادية عقب تجديد العقوبات الغربية، خاصة وأن البلاد شهدت موجات متكررة من التظاهر بسبب تدهور المعيشة والخدمات، مع ما يصاحب ذلك من التشكيك في شرعية نظام الحكم وقدرته على الإدارة. وقد يُنظر إلى قرار إخلاء أو نقل العاصمة بوصفه إقرارًا ضمنيًا بضعف قدرة النظام الحاكم على معالجة الاختلالات البيئية.
وتشهد طهران أزمة مياه غير مسبوقة، حيث يرجع الخبراء هذه الأزمة إلى تضافر ثلاثة عوامل رئيسية، الجفاف الممتد الناتج عن التغير المناخي وتراجع معدلات الأمطار في السنوات الأخيرة، والاستهلاك المرتفع للمياه في القطاعات المنزلية والصناعية والزراعية، وضعف الإدارة المائية الناتج عن تقادم البنية التحتية.
وتبدو الحكومة عاجزة عن مواجهة الموقف سوى بخيارات مؤقتة مثل التقنين، والاعتماد على المياه الجوفية، وإطلاق تحذيرات متكررة للمواطنين بضرورة الترشيد، فيما يشير بعض المسؤولين إلى مشروع مكلف لنقل وتحلية مياه الخليج إلى العاصمة على امتداد 1000 كيلو متر لمنع عملية الإخلاء.