تشير التحليلات إلى أن التصديق المحتمل على دستور جديد في تونس ينذر بالعودة إلى النظام الرئاسي، الذي لا يخضع للرقابة بشكل كبير، في حين سيعمل الرئيس التونسي، قيس سعيّد، في الوقت الحالي على توطيد السلطة، للمساعدة في حل الأزمات الاقتصادية والسياسية في الدولة.
ففي الـ25 من تموز/ يوليو 2022، صوّت التونسيون على دستور جديد تمت صياغته من خلال عملية استشارية سريعة أشرف عليها "سعيد". ومن المتوقع أن تجري الانتخابات بعد عام من تجميد "سعيّد" للبرلمان ومنح الرئاسة سلطات تنفيذية أكبر. والمعضلة الأكبر في هذا السياق هي أنه لا يوجد حد أدنى للمشاركة في الاستفتاء، ما يعني أن النتيجة ستعتبر شرعية بغض النظر عن عدد التونسيين الذين سيدلون بأصواتهم. وعليه، فمن المتوقع بشدة أن يتم تمرير الاستفتاء على الدستور، حيث يتمتع الرئيس بسلطة مؤسسية كبيرة لتوجيه ممارسات الحكومة والتأثير على قرارات المجلس الانتخابي.
وفي حال مرور الدستور، ستمنح المسودة الجديدة لـ"سعيد" سلطات واسعة مع رقابة ضئيلة جدًا؛ حيث سيكون من حقه اقتراح المشاريع والقوانين والميزانيات والمعاهدات، ولن يكون للبرلمان سلطة مراجعة مسودات هذه القوانين، مع إغفال المراجعة الرئيسية للسلطة التنفيذية. إضافةً إلى ذلك، سيتم تعيين رئيس الوزراء من قبل الرئيس بدلًا من البرلمان، إلا أن التصويت بحجب الثقة في البرلمان الذي يضمن أغلبية الثلثين على الأقل يمكن أن يطيح برئيس الوزراء وحكومته، لكن الجدير بالذكر أن مسودة الدستور لا تحدد إجراءات لعزل الرئيس.
وفي هذا الإطار، من المرجّح أن يؤدي عدم وجود ضوابط على سلطات الرئيس في الدستور الجديد إلى تأجيج معارضة سياسية كبيرة، وإلى فترة طويلة من الاضطرابات المجتمعية؛ كما يُتوقع أن يواصل كل من "حزب النهضة"، المعارض الرئيسي، و"حزب آفاق تونس" العلماني و"الاتحاد التونسي العام للشغل" التعبير عن رفضهم للاستفتاء الدستوري، حتى موعد الانتخابات البرلمانية في كانون الأول/ ديسمبر القادم. وفي حال تمت الموافقة على الدستور، يُتوقع أن يشهد الشارع التونسي احتجاجات تخريبية وإضرابات على مستوى البلاد في الأشهر المقبلة، في حال دعت أكبر الأحزاب والنقابات العمالية في البلاد التونسيين إلى النزول للشوارع.
ستراتفور