قدمت قطر في السنوات الأخيرة تمويلًا للعديد من مشروعات البنية التحتية في قطاع غزة ولبرنامج التوظيف المؤقت الذي تشرف عليه الأمم المتحدة كذلك، إضافةً إلى تزويد محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع بالوقود. علاوةً على ذلك، قدمت "اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة" (QCRG)، وهي كيان تشرف عليه وزارة الخارجية القطرية، مساعدات للقطاع بموافقة "إسرائيل"، يتم من خلالها توفير رواتب موظفي الخدمة المدنية والاحتياجات الإنسانية للعائلات الفلسطينية. لكن من المتوقع أن تقوم "QCRG" بتعليق أو قطع التمويل للعديد من المشروعات وواردات الوقود ورواتب الموظفين، إضافةً إلى تقليص موظفيها المحليين في فلسطين. وبالتالي من المرجح أن يؤدي تغيير النهج الذي تتبعه قطر في غزة إلى إضعاف موقفها كمدافع رئيسي عن القضايا العربية والإسلامية، ما يشير إلى أن الحكومة القطرية ستستمر في تقليص سياساتها الإقليمية المستقلة في محاولة لتحسين علاقاتها مع جيرانها.
لكن من جهة أخرى، فإن قرار قطر بتخفيض دعمها لقطاع غزة لا يزال غامضًا ولا يُرجح أن يكون مرتبطًا بدوافع مالية فقط؛ حيث تتمتع البلاد حاليًا بمكاسب غير متوقعة من عائدات صادرات الطاقة، لكن هذا الدافع قد ينبع من التقارب بين "حماس" وسوريا، وهو ما تعارضه الحكومة القطرية بشدة. ومع ذلك، فقد سحبت قطر معارضتها للمبادرة التي قادتها السعودية لاستعادة عضوية سوريا في جامعة الدول العربية، ما يشير إلى أسباب إضافية وراء هذا الخلاف. وسرعان ما أعادت قطر علاقاتها مع الإمارات ومصر اللتين تعتبران دعم قطر لـ"حماس" متسقًا مع تعاطفها الأيديولوجي الأوسع مع الإسلام السياسي، وهي شكوى أساسية من السياسة الخارجية القطرية.
ميدانيًا، سينتج عن تخفيض الدعم المالي القطري تفاقم المشاكل الاقتصادية في غزة، ما قد يؤدي إلى زيادة التوترات بينها وبين "إسرائيل"، والذي قد يعرض بدوره المحادثات الجارية بين السعودية و"إسرائيل" حول تطبيع العلاقات للخطر. كما إن انخفاض المساعدات القطرية لفلسطين قد يؤدي أيضًا إلى إثارة غضب "إسرائيل"، التي تعتبر التدفق المستمر للأموال القطرية إلى غزة جزءًا لا يتجزأ من سياستها الرامية إلى احتواء "حماس".
إيكونوميك إنتيليجنس يونيت