لقد أدى الصراع في غزة إلى رفع مستويات التهديد في جميع أنحاء المنطقة؛ فقد ظهرت توترات جيوسياسية طويلة الأمد بين البلدان والكيانات التي يرتفع فيها خطر تجاوز الخطوط الحمراء. ومع عدم وجود نهاية للصراع تلوح في الأفق، ستستمر أصداء الأزمة في التأثير على سلاسل التوريد العالمية والاقتصادات الإقليمية المتعثرة أصلًا، وسنكشف هنا بعض القضايا والتطورات الرئيسية التي تجب مراقبتها في المنطقة خلال عام 2024.
إن خطر نشوب حرب إقليمية، رغم أنه ليس موضوعنا الأساسي، سوف يخيم على الشرق الأوسط إلى أن يتم التوصل إلى حل للصراع في غزة، وقد يكون التوصل لاتفاق بشأن الرهائن مقابل وقف إطلاق النار هو المسار الأكثر ترجيحًا للتوصل إلى حل، رغم أن السؤال الرئيسي هو إذا كان ذلك سيؤدي إلى وقف مؤقت أم دائم للقتال. وحتى لو تم التوصل لاتفاق دائم لوقف إطلاق النار، فإن مسألة حكم غزة بعد الحرب ستستمر في فرض توترات إقليمية طوال عام 2024.
وعلى عكس توقف ممر قناة السويس قصير الأمد عام 2022، فلا يلوح في الأفق حل فوري للأزمة الأمنية الناشئة في البحر الأحمر؛ فالهجمات التي شنتها المملكة المتحدة والولايات المتحدة ضد الحوثيين لم تمنع أو تردع الجماعة عن مهاجمة سفن الشحن الدولي. ويكمن جزء كبير من التحدي في أن الحوثيين لا يحتاجون إلى منع السفن فعليًا من المرور عبر البحر الأحمر؛ لكنهم يحتاجون فقط إلى تقديم ما يكفي من التهديد لجعل أثمان مخاطر الحرب باهظة. فقد أدى التهديد الذي يشكله الحوثيون إلى انخفاض حجم البضائع عبر البحر الأحمر بأكثر من النصف، ولا تزال هذه الحلقة الحيوية في سلاسل التوريد العالمية، والتي تمثل 15% من التجارة العالمية، معطلة بدرجة كبيرة. وبما أن معظم سفن الشحن وناقلات النفط تضطر لاتخاذ طريق أطول حول أفريقيا، فمن المتوقع أن تتصاعد ضغوط التضخم، خصوصًا في أوروبا، كما إن الأزمة الأمنية في البحر الأحمر جاءت في وقت سيء بالنسبة للحكومات التي تحاول تخفيف أزمة تكاليف المعيشة المستمرة منذ فترة طويلة.
ڤيريسك ميݒلكروفت