إن الأزمات في الشرق الأوسط وأوروبا تدفع كلًّا من الولايات المتحدة وتركيا إلى التعاون بشكل أكبر انطلاقًا من المصالح الأمنية المشتركة، رغم أن الخلافات المبادئية لا تزال قائمة بين الطرفين. وبالتالي، فإن موافقة أنقرة على انضمام السويد إلى حلف "الناتو"، والضوء الأخضر الذي أعطته واشنطن للموافقة على صفقة طائرات "إف-16" لتركيا، قد وضعا العلاقات الثنائية المضطربة للغاية بين البلدين على مسار أفضل. فمن وجهة نظر واشنطن، تمهد هذه التطورات الطريق لاستقرار العلاقات وسط تزايد التحديات الأمنية في مناطق عديدة، كما إن تدهور البيئة الاستراتيجية في أوروبا والشرق الأوسط يمنح كلًا من تركيا والولايات المتحدة مصلحة قوية في التعاون العملي بينهما، حتى مع استمرار الخلافات الكبيرة.
لقد كان التعاون الأمني دائمًا محور العلاقات الأمريكية التركية، بينما كانت الجوانب الاقتصادية والشعبية في العلاقة الثنائية ضعيفة نسبيًا، وبالتالي فإن ضعف التنوع في العلاقات يزيد من أهمية وضع التعاون الأمني على أساس أكثر ثباتًا. فمن جهتها، تحتاج تركيا إلى الطمأنينة والردع في مواجهة المخاطر الروسية، وإن كانت أنقرة تحرص على التحوط في علاقاتها السياسية والاقتصادية مع موسكو، لكن الأمور قد تسوء بسهولة حال مواجهة القوات التركية والروسية في البحر الأسود أو سوريا أو ليبيا أو شرق المتوسط. وبما أن الضمانات الأمنية المنصوص عليها في المادة 5 من حلف "الناتو" ليست تلقائية؛ حيث تعتمد في نهاية المطاف على الإجماع السياسي داخل الحلف، فمن المؤكد أن موافقة أنقرة على انضمام السويد للحلف تساعد في تعزيز أسهمها، لكن العلاقات الإيجابية مع واشنطن تظل ضرورية للغاية.
حتى في حال نشوب حرب في الشرق، فسيكون لزامًا على الشركاء عبر الأطلسي أن ينظروا إلى الجنوب، وسيكون من الصعب تنفيذ المهام الأساسية في البحر المتوسط، خصوصًا مكافحة الإرهاب والأمن البحري، دون مشاركة صريحة من تركيا. ومن هنا، فإن الصراع الدائر في غزة والاحتمال القوي لتوسعه بما يشمل إيران ووكلائها سيزيد من أهمية الوجود البحري والجوي الأمريكي في المنطقة. وبالنظر إلى المستقبل، فمن المرجح أن تعمل البيئة الجيوسياسية المشحونة على تحويل مصالح البلدين نحو علاقات ثنائية أكثر استقرارًا، حتى رغم استمرار اضطراب الجانب القيمي في العلاقة.
ذا جراند مارشال فاند أوف يونايتيد ستيتس