أصبحت التوترات داخل الحكومة اليمينية المتطرفة بقيادة "نتنياهو" بارزة للعيان بشكل متزايد، في ظل فشله في صياغة خطة لحكم غزة بعد الحرب وظهور قانون تجنيد اليهود المتشددين المثير للجدل إلى الواجهة من جديد. ونظرًا للأغلبية التي تتمتع بها الحكومة في الكنيست، فمن المتوقع أن تؤدي الانقسامات المتزايدة داخلها إلى الانشقاقات وانهيارها في نهاية المطاف خلال الأشهر القادمة.
فقد تمكن "نتنياهو" من تجنب الانشقاق في ائتلافه غير العملي الذي يضم اليمين المتطرف والأرثوذكس المتطرفين (الحريديم)، من خلال تجنب اتخاذ قرارات بشأن القضايا المثيرة للخلاف. ومع ذلك، فقد أصبح من الصعب جدًا تأجيل اتخاذ قرارات بشأن قضايا هامة مثل مستقبل غزة بعد الحرب والتجنيد الإجباري. وقد رفض "نتنياهو" بإصرار مناقشة خطة إدارة القطاع بعد انتهاء القتال، بينما يواصل إعطاء الأولوية لبقائه السياسي على اتخاذ القرارات بشأن القضايا المثيرة للخلاف. ومع ذلك، تتزايد الدعوات الداخلية للنظر في استراتيجية طويلة المدى لغزة، في حين تضغط الولايات المتحدة لإعادة السلطة الفلسطينية إلى حكم القطاع.
من جانبه، يشعر "نتنياهو" بالقلق إزاء تمرد اليمين المتطرف في ائتلافه، والذي يريد إعادة احتلال غزة واستعادة الاستيطان هناك، وإن كان هذا ليس السيناريو المرجح. كما حاول وزراء الحكومة الأكثر اعتدالًا حتى الآن الحفاظ على وحدتها من خلال التزام الصمت بشأن هذه القضية، لكن وزير الدفاع، يوآف غالانت، دعا "نتنياهو" في الـ15 من أيار/ مايو إلى رفض فكرة الاحتلال، وهي المرة الأولى التي يتحدى فيها الوزير بشكل مباشر سياسات الحرب التي تنتهجها الحكومة.
أما بالنسبة لقانون تجنيد الحريديم، وفي ظل اقتراب الموعد النهائي (الثاني من حزيران/ يونيو)، الذي حددته المحكمة العليا للحكومة لتحديد موقفها بدلًا من تكرار تمديد التجنيد المؤقت، فقد حاول "نتنياهو" التفاوض على خطة تسوية مع زعماء الحريديم لكنه فشل في ذلك. وبالتالي، فقد أعلن في الـ15 من أيار/ مايو الجاري أنه سيعيد إحياء مشروع القانون الذي اقترحه "غانتس" عندما كان وزيرًا للدفاع في الحكومة السابقة. وبما أن الأخير وزير في حكومة الحرب الآن ورئيس "حزب الوحدة الوطنية"، فيبدو أن الاقتراح يهدف لإجباره إما على قبول مشروع القانون أو الظهور بمظهر المنافق، وإضعاف زعيم ما أصبح الآن يعرف بالحزب السياسي الأكثر شعبية.
ورغم أنه من المتوقع أن ينشق "غانتس" عن حكومة الوحدة قريبًا، فلا يزال بإمكان "نتنياهو" الاعتماد على ولاء معظم شركائه الآخرين في الائتلاف للحفاظ على أغلبيته في الكنيست وعلى حكومته. وذلك لأنهم سيخسرون مقاعدهم إذا قرروا التوجه إلى انتخابات برلمانية، وسيفتقرون إلى خيارات تمكنهم من الانضمام إلى حكومة بديلة، كما هو حال "نتنياهو". وسوف يستفيد شركاء الائتلاف أيضًا من اعتماد "نتنياهو" على دعمهم للحصول على تنازلات لصالح مناصبهم. ومع ذلك، فإن الانقسامات تتزايد ومن المتوقع أن تنهار الحكومة في الأشهر المقبلة، ما سيفضي إلى إجراء انتخابات في وقت لاحق من هذا العام، وسط تصاعد التوترات حول القضايا الداخلية والأمنية وتبدد الوحدة الأولية التي عجلت بها الحرب.
إيكونوميك إنتيليجنس يونيت