ستكون احتجاجات الموظفين المتعلقة بالصراع الدائر في غزة في الشركات الأمريكية نادرة خلال الأشهر المقبلة؛ فقد وقعت أغلب الاحتجاجات في الجامعات، ولا توجد إلا مؤشرات ضعيفة على ظهور حملة مماثلة بين العمال. ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن قوانين العمل الأمريكية تسمح لأصحاب العمل بفصل الموظفين الذين يعطلون مكان العمل، أو من يُنظر إليهم على أنهم يخيفون زملائهم. رغم ذلك، من المرجح أن تواجه الشركات التي تعمل في "إسرائيل" أو التي لها علاقات بها دعوات لمقاطعتها، للضغط عليها لسحب استثماراتها منها.
واقعيًا، لم يتم هذا العام تسجيل احتجاجات كبيرة أو تخريبية للموظفين داخل الشركات الأمريكية إثر هجوم "إسرائيل" على غزة؛ فمن أبرز الأمثلة التي تم الإبلاغ عنها علنًا حتى الآن قيام شركة "جوجل" بطرد أكثر من 50 موظفًا، ولم تنشر أي تقارير عن حالات أخرى، وقد يرجع هذا إلى أن أصحاب العمل لا يريدون نشرها. لكن يبدو أن الموظفين لديهم بدائل للاحتجاج على هذه القضية؛ ففي السنوات الأخيرة دفعت مبادرات التنوع والشمول في مكان العمل العديد من الشركات إلى إنشاء مجموعات عمل وقنوات، يمكن للموظفين من خلالها التعبير عن آرائهم حول القضايا الاجتماعية.
في هذا الإطار، من المحتمل أن يؤدي احتمال الفصل من العمل إلى ردع كثير من العمال عن الاحتجاج ضد أصحاب عملهم؛ حيث تمنح قوانين العمل الأمريكية المتعلقة بحماية العمال للموظفين حقوقًا محدودة، استنادًا إلى تقارير مراكز أبحاث السياسة العامة. ومنذ أن بدأ الصراع الأخير بين "إسرائيل" و"حماس"، قال كثير من الرؤساء التنفيذيين للشركات الأمريكية الكبرى في وسائل الإعلام إنهم لا يريدون النشاط السياسي داخل مكان العمل. وبما أن هذه القضية ستظل محل استقطاب بشكل فجّ، فمن المعتقد أن تظل مواقف الشركات دون تغيير.
ومن المرجح أن تكون النقابات العمالية التي تصدر بيانات تتعلق بالنزاع هي الشكل الرئيسي للنشاط الداخلي الذي ستواجهه الشركات؛ وهذا استنادًا إلى معظم حالات نشاط الموظفين المتعلقة بالنزاع حتى الآن. كما يرجع ذلك إلى أن مثل هذه الإجراءات تسمح للعاملين بالتعبير عن آرائهم دون المخاطرة بالفصل من العمل، ونظرًا لخطر الفصل فليس من المتوقع أن تدعو النقابات إلى إضرابات أو مسيرات أو اعتصامات بشأن الصراع بين "إسرائيل" و"حماس".
كما إن هناك احتمالًا كبيرًا أن تستمر مخاطر السمعة التي تواجه الشركات بشأن هذه القضية إلى ما بعد نهاية الصراع الحالي؛ إذ من المحتمل أن تؤدي التحقيقات الجارية في جرائم الحرب "الإسرائيلية" وانتهاكات الحقوق إلى زيادة خطر حدوث مزيد من الأنشطة، ودعوة الشركات إلى سحب استثماراتها من "إسرائيل" خلال العام القادم. وفي حالة استئناف الأعمال العدائية بين "إسرائيل" والفلسطينيين على المدى الطويل (في غضون خمس سنوات)، فمن المرجح أن يكون ذلك بمثابة نقطة اشتعال لمخاطر متزايدة على سمعة الشركات التي لها علاقات مع "إسرائيل" أو فلسطين.
دراجونفلاي إنتيليجنس