الحدث
أفاد مصدر أمني، صباح يوم الأحد 27 تموز 2025، بوقوع اشتباكات مسلحة بين عناصر تنتمي للواء 45، 46 من الحشد الشعبي، والشرطة الاتحادية بمنطقة السيدية جنوب بغداد، وذلك بعد أن هاجم عناصر من الحشد الشعبي دائرة الزراعة جنوب بغداد.
وقد جاء الحادث على خلفية إقالة مدير دائرة زراعية قبل أيام بسبب "الإخفاق الإداري"، غير أن المسؤول المقال رفض القرار الرسمي، ولجأ إلى مجموعات مسلحة حاولت فرض بقائه بالقوة. بالمقابل، ذكرت مصادر أن الخلاف كان بين مديرين ينتميان لفصيلين متنافسين ضمن الحشد حول أحقيتهما بهذا المنصب، وحينما تدخلت قوات الشرطة الاتحادية لحماية الموظفين أدى ذلك إلى تصعيد الوضع داخل المبنى، وحدوث اشتباك أسفر عن سقوط قتيلين، أحدهما مدني والآخر ضابط بالشرطة، بالإضافة وجرح 12 آخرين. وقد أفادت مصادر محلية من المنطقة التي تدور فيها الاشتباكات، بمقتل ضابط برتبة عميد وعدد من الضباط والمنتسبين التابعين لشرطة نجدة بغداد.
الرأي
ليس هذا الحادث هو الأول من نوعه لاشتباكات تحدث بين عناصر الحشد وقوى أمنية تابعة للدولة، ولا ترتبط عموماً بالمعادلة السياسية والأمنية الأوسع المتعلقة بمستقبل الحشد في ظل الضغوط الأمريكية على أذرع إيران إقليمياً. لكنّ الحادثة تكتسب دلالة من حيث إنها تسلط الضوء على استعداد فصائل الحشد الشعبي للقتال من أجل الحفاظ على مكتسباتها وحصصها في الدولة من المدراء العامين ورفض استبدلاهم بآخرين، حتى في المستويات غير المهمة والتي ليس لها تأثير سياسي يذكر.
وللتخلص من الحرج الذي وقع فيه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في هذا التوقيت بالذات الذي تزداد فيه الدعوات لحل الحشد داخليًا وخارجيًا، أرسل قوة كبيرة لمنطقة الحادث وأصدر مكتبه بيانًا رفض فيه أي تحرك عسكري بمعزل عن القيادة الأمنية العليا. من جانبها، أكدت هيئة الحشد الشعبي، التزامها التام بتوجيهات القائد العام للقوات المسلحة، والتبرؤ من أي تصرف فردي. أما وزارة الداخلية، فقد أكدت على أنها لن تسمح بأي تجاوز على مؤسسات الدولة أو تهديد لسلطة القانون.
وتعكس هذه المواقف حقيقة الاتجاه العام بين نخب الحكم في بغداد، من حيث الرغبة في تجنب مثل هذا النوع من الصدام في وقت يتصاعد الخطاب داخليًا وخارجيًا بضرورة حل فصائل الحشد الشعبي، أي أن رئيس الوزراء من جهته لا يسعى لاتخاذ خطوات ميدانية للحد من نفوذ الميليشيات، فضلا عن مواجهتها، لأنه وبالرغم من المشاكل التي يتسبب فيها الحشد لحكومته، إلا أنه يعتبر الحشد هو القوة التي تستطيع الحفاظ على النظام الحالي قائمًا بقيادة شيعية. كما أن قيادة الحشد من جانبها متمسكة بنهجها الحالي القائم على التزام الهدوء وتجنب أي تحركات من شأنها استفزاز الجهات المتربصة بالحشد داخلياً وخارجياً.
ومن جهة أخرى، لا نعتقد أن هذا النوع من الحوادث بين الحشد الشعبي والقوى الأمنية سيكون الأخير، إنما قد تتكرر مثل الحوادث في المستقبل القريب، ضمن نفس المستوى القابل للاحتواء.