الهجمات المسلحة داخل إيران استمرار للتوتر المزمن بين الدولة والمكونات الدينية "المهمشة" وفرصة ستحرص "إسرائيل" على استغلالها

الساعة : 14:53
30 يوليو 2025
الهجمات المسلحة داخل إيران استمرار للتوتر المزمن بين الدولة والمكونات الدينية

الحدث

شن مسلّحون تابعون لتنظيم "جيش العدل" البلوشي هجومًا على مبنى الادعاء العام في مدينة زاهدان، مركز محافظة سيستان وبلوشستان ذات الغالبية السنية والعرقية البلوشية، ما أسفر عن مقتل ثلاثة من المهاجمين، وستة مواطنين، وإصابة 66 آخرين، بينهم موظفون في الجهاز القضائي. يأتي هذا الهجوم بعد سلسلة من العمليات المسلحة استهدفت قوات الأمن الإيرانية في مناطق حدودية غربي البلاد إذ تم الإعلان عن مقتل ثلاثة من عناصر حرس الحدود في هجوم تعرضوا له بمدينة بانة في محافظة كردستان، ومقتل عنصر من الباسيج في هجوم على قاعدة عسكرية للحرس الثوري في سردشت غرب البلاد قرب الحدود مع العراق.

الرأي

تعكس سلسلة الهجمات المتزامنة في زاهدان، وبانة، وسردشت، تصاعد وتيرة التحديات الأمنية التي تواجهها طهران على هوامشها الجغرافية، لا سيما في مناطق يشوبها توتر مزمن بين الدولة المركزية والمكوّنات القومية والدينية المهمشة، بما يربك أولويات الأجهزة الأمنية ويستنزفها في معارك داخلية على عدة جبهات.

ويأتي توقيت هجوم زاهدان ليعيد إلى الواجهة هشاشة سيطرة الدولة في إقليم سيستان وبلوشستان، الذي يشهد منذ سنوات احتجاجات متكررة وهجمات متقطعة من جماعات مسلحة تتهمها طهران بأنها مدعومة من الخارج. وفي هذا السياق، أعلنت وزارة الاستخبارات الإيرانية في 28 يوليو/ تموز الجاري ضبط مخازن أسلحة في كردستان وسيستان وكرمان، والتعرف على 300 مسلح أجنبي في سيستان بلوشستان، فيما تتذرع الجماعات المسلحة التي تشن تلك الهجمات بتعرض السكان للاضطهاد والتهميش.

وعلى الرغم من غياب ما يرجح أن الهجمات الحالية مدعومة من "إسرائيل"، نظرا لأنها معتادة ولا تمثل سابقة أمنية، إلا أن احتمال أن تسعى تل أبيب لتقديم الدعم لمجموعات مسلحة أو انفصالية داخل إيران سيظل غير مستبعد، إذ تشير التهديدات "الإسرائيلية" المتكررة بضرورة تغيير النظام في إيران، إلى وجود قناعة في تل أبيب بأهمية تبنّي أدوات غير عسكرية، مثل إثارة القلاقل الداخلية، ودعم احتجاجات الأقليات، وتكثيف الضغوط الاقتصادية والدبلوماسية، بما يضعف النظام الإيراني من الداخل ويمهّد لتفكيك بنيته الأمنية تدريجيًا.

وفي مواجهة التهديدات "الإسرائيلية" والهجمات المسلحة داخل البلاد، سيكون الرد الإيراني باتجاه تحصين الجبهة الداخلية سياسيًا واجتماعيًا دون الاكتفاء بالمقاربة الأمنية، وذلك عبر معالجة الشعور بالتهميش في الأطراف، وامتصاص الاحتقان القومي والطائفي الذي يشكل مدخلًا مثاليًا للاختراقات الخارجية، وتنفيذ خطوات إصلاحية سياسية لتمتين الجبهة الداخلية، وهو الخط الذي يتبناه الرئيس بزشكيان، بالأخص بعد العدوان "الإسرائيلي".