الحدث
زار الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان العاصمة الأرمينية يريفان بتاريخ 19 أغسطس/ آب، للقاء رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان، وبحث المخاوف المرتبطة بالاتفاق الذي رعاه الرئيس ترامب بالبيت الأبيض في 8 أغسطس/ آب بين رئيس أذربيجان ورئيس وزراء أرمينيا، والذي تضمن تغيير اسم ممر زانجيزور بطول 27 ميلًا، والمفترض أن يربط أذربيجان وإقليم نخجوان الآذري عبر جنوب أرمينيا، إلى "مسار دونالد ترامب الترانزيتـي من أجل السلام والازدهار الدولي"، بحيث تستأجره الولايات المتحدة لمدة 99 عامًا. وجاءت زيارة بزشكيان بعد أقل من أسبوع من لقاء مستشار المرشد الأعلى للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي، وكذلك وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، مع نائب وزير الخارجية الأرميني فاهان كوستانيان.
الرأي
تأتي زيارة الرئيس بزشكيان إلى أرمينيا في توقيت حساس وللتعبير عن مخاوف إيران الأمنية من الحضور الأمريكي المتوقع جنوب القوقاز باعتباره يمثل تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي ومصالحها الاقتصادية. وقد حرص بزشكيان على تأكيد موقف طهران الرافض لوجود أي قوات أجنبية بالقرب من الحدود الإيرانية الأرمينية. ولكن لا يبدو متوقعا أن تنجح طهران في تغيير موقف يريفان في ظل تراجع ثقة الأخيرة في كل من موسكو وطهران.
تنبع المخاوف الإيرانية من الممر الجديد من تداعياته الأمنية والجيوسياسية المباشرة، إذ ترى طهران أن تمركز الولايات المتحدة في جنوب القوقاز سيجعل حدودها الشمالية مكشوفة، كما سيتيح لتركيا الوصول برا إلى أذربيجان وآسيا الوسطى دون المرور بالأراضي الإيرانية، مما يعني تطويق إيران من الشمال وقطع اتصالها البري مع روسيا وأوروبا عبر أرمينيا.
كما يشكل ممر زانجيزور تهديدًا آخر لإيران، إذ يعزز مشروع الممر الأوسط الرابط بين الصين وأوروبا مروراً بتركيا، بدلا من مشروع "ممر الشمال–الجنوب" الذي يربط روسيا والهند عبر الأراضي الإيرانية. ولذا تدفع طهران باتجاه إحياء خط السكك الحديدية جلفا–يريفان–جورجيا، وتكثيف الاستثمارات في البنية التحتية العابرة للحدود بما يضمن بقاءها لاعبًا محوريًا في شبكات النقل الدولية، ويقلل من مخاطر التهميش التي قد يفرضها المشروع الأميركي.
وتعمل طهران على الدفع باتجاه مسار تعاون أوسع مع أرمينيا عبر توقيع مذكرات تفاهم شملت مجالي التجارة والنقل، والتجهيز لإبرام اتفاقية شراكة استراتيجية إيرانية أرمينية قريبًا، فيما بحث وزير الخارجية الإيراني مع إيغور خاييف الممثل الخاص لوزير الخارجية الروسي في القوقاز آفاق مواجهة التمدد الأمريكي في المنطقة. كما تخشى طهران من أن انشغال موسكو في أوكرانيا قد يضعف قدرة روسيا على ضبط التوازنات في جنوب القوقاز، مما يفتح لواشنطن والاتحاد الأوروبي منفذاً لتعزيز وجودهم في المنطقة على حدود إيران الشمالية.