الحدث
وافق الرئيس أردوغان خلال اجتماع لمجلس الوزراء على مشروع لبناء ملاجئ في جميع ولايات تركيا البالغ عددها 81 ولاية استعداداً لأي حرب مستقبلية، وتم تكليف إدارة التنمية السكنية التركية "TOKI” بتنفيذ عملية البناء.
الرأي
يكشف هذا القرار عن إدراك متنامٍ في أنقرة لأهمية الدفاع المدني كركيزة موازية للقدرات العسكرية التقليدية، خصوصًا في ضوء الحرب "الإسرائيلية" الإيرانية التي جرت في يونيو/ حزيران 2025، حيث كشفت تلك الحرب كيف ساهمت عناية "إسرائيل" بمنظومات الإنذار المبكر والملاجئ المحصّنة في الحد من خسائرها البشرية، مقابل ضعف بنية الحماية المدنية الإيرانية ما أدى إلى سقوط مئات القتلى. كذلك يرسل القرار رسالة بأن أي ضربة محتملة لن تُصيب الداخل التركي بالشلل، مما يعزز الثقة العامة والقدرة على الصمود المجتمعي.
ويتسق قرار تعميم إنشاء ملاجئ في كافة الولايات التركية مع توصيات دراسة نشرتها الأكاديمية الوطنية للاستخبارات التركية تحت عنوان "حرب الـ12 يومًا والدروس المستفادة لتركيا"، حيث شددت على ضرورة إنشاء أنظمة إنذار مبكر واسعة النطاق في المدن الكبرى، مع تطوير آليات الإنذار ضد الهجمات الجوية والصاروخية، وربطها بشبكات النقل والبنى التحتية مثل مترو الأنفاق بحيث يمكن تحويلها سريعًا إلى ملاجئ جماعية، كما أكدت الدراسة على أهمية دمج الدفاع المدني في التخطيط العسكري كعنصر حاسم في صمود الدولة وقت الحرب.
من جهة أخرى، يشير اعتماد مشروع الملاجئ مع الإعلان في معرض "أيدف للصناعات العسكرية" المنعقد في يوليو الماضي بإسطنبول عن تصنيع صواريخ فرط صوتية، إلى توجه تركي لبناء قوة عسكرية متطورة قادرة على نقل الحرب إلى أرض الخصم، وتدشين بنية دفاع مدني قادرة على امتصاص الضربات إذا ما وصلت إلى الداخل، وهو ما يخدم هدف بناء "دولة حصينة" قادرة على إيذاء الخصم وحماية مجتمعها. والأهم من ذلك، أنه على الرغم من الثقة التي يظهرها المسؤولون الأتراك، فإن احتمالات تدهور الأمن الإقليمي ما تزال مرتفعة، وأن تركيا ليست بعيدة عن تداعيات ذلك