الحدث
باشرت القوات الأمريكية المتمركزة في قاعدة عين الأسد في محافظة الانبار، وقاعدة فكتوريا (مجمع قاعدة النصر) قرب مطار بغداد الدولي، بانسحاب جزئي ومفاجئ صباح يوم الأحد، والتوجه إلى إقليم كردستان ودولة الكويت، وذلك بشكل مبكر عن توقيتات الانسحاب المتفق عليها مع الحكومة العراقية، والذي كان مقررًا أن يكون نهاية سبتمبر 2025. وقالت الحكومة العراقية في تصريح مقتضب، إن أمر الانسحابِ صدرَ عن السفارة الأمريكية في بغداد، وأن جزءاً من القوات الأمريكية غادرت بالفعل من القاعدتين، مشيرة إلى أن القاعدتين ستخليان بالكامل خلال الأيام القليلة القادمة.
الرأي
في ظل حالة التوتر المتصاعد بين الكيان "الإسرائيلي" والولايات المتحدة من جهة، وإيران ومحورها من جهة مقابلة، تذهب بعض التفسيرات إلى أن الانسحاب المبكر للقوات الأمريكية، هو إجراء وقائي خشية من ردود الفعل التي يمكن أن تقدم عليها إيران أو وكلاؤها بالعراق ضد القوات الأمريكية في حال تجددت الهجمات على إيران أو الحشد الشعبي. وذهب آخرون إلى القول إن الانسحاب "المفاجئ" يستهدف الضغط على الحكومة العراقية حتى تتراجع عن نيتها بإقرار قانون الحشد الشعبي، والذي سيزيد من نفوذ إيران في العراق ويجعل الحشد، حالة عسكرية مشابهة للحرس الثوري الإيراني.
إلى ذلك، يبدي العديد من الخبراء العسكريين العراقيين خشيتهم من الفراغ الأمني الذي سيخلفه خروج القوات الأمريكية وعدم قدرة العراق على مواجهة الجماعات الإرهابية تحديداً داعش، لاسيما وأنه لا يمتلك القوة الجوية الكافية لردعها ولا الجهد الاستخباراتي الذي كانت تقدمه القوات الأمريكية للعراقيين.
لكن من ناحية أخرى، فإن جدول الانسحاب المتفق عليه كان مقرراً بالفعل الشهر القادم، أي أن الانسحاب لا يعتبر مفاجئاً بقدر ما هو تبكير قد يكون لاعتبارات لوجيستية بحتة. فليس من المتخيل أن يؤدي انسحاب القوات الأمريكية قبل أسبوعين من الموعد المتفق عليه إلى صدمة أمنية أو فراغاً بالمستوى الذي تميل إليه بعض التحليلات، خاصة وأن جزءاً من الانحساب هو إعادة تموضع، من بغداد والأنبار إلى شمال العراق في كردستان، وهو ما يبقي على احتمالات أن تواصل القوات الأمريكية جهودها لدعم عمليات استهداف تنظيم داعش، خاصة وأنه يظل ضمن أولويات واشنطن الأمنية في المنطقة ولا يقتصر على العراق وإنما يؤثر على مجمل التهديدات الأمنية للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط.
ومع هذا، فإن التزام الولايات المتحدة بمخطط الانسحاب، يزيد من المخاوف بأن تمهد تلك الخطوة لاستهداف أوسع للحشد الشعبي في العراق من قبل "إسرائيل" والولايات المتحدة نفسها، حيث ستكون القوات الأمريكية من الناحية النظرية أكثر حصانة في أربيل البعيدة عن مرمى الاستهداف مقارنة ببغداد والأنبار، وهو ما يجعل مخاطر استهداف قادة الفصائل التي تعتقد واشنطن أنهم متورطون في استهداف جنودها خلال حرب غزة محدودة.