الحدث
أعلن رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن أن قطر تعرضت لهجوم إسرائيلي "غادر"، لا يمكن وصفه إلا بأنه "إرهاب دولة". وشدد في مؤتمر صحفي عقده في الدوحة، على أن بلاده لن تتهاون فيما يتعلق بالمساس بسيادتها وسلامة أراضيها. جاء هذا بعد استهداف فاشل من قبل طيران حربي "إسرائيلي" لاجتماع وفد التفاوض التابع لحركة حماس، في أحد المقار السكنية بحي كتارا في الدوحة، والذي أسفر عن استشهاد 5 فلسطينيين بينهم نجل خليل الحية ومدير مكتبه، وعنصر أمن قطري. وبينما كشف الوزير القطري أن الجانب الأمريكي أبلغهم بالهجوم بعد عشر دقائق من وقوعه، فقد قال الرئيس الأمريكي إن الهجوم كان "قراراً اتخذه نتنياهو، وليس قراراً اتخذته أنا"، مؤكداً أنه بينما يعتبر القضاء على حركة حماس "هدفاً مشروعاً"، لكنه عبر عن "أسف عميق" لوقوع الهجوم على أراضي قطر. وأوضح أنه وجّه وزير الخارجية للإسراع في إتمام اتفاق التعاون الدفاعي مع قطر، لافتاً إلى أنه أكد لأمير قطر ورئيس وزرائها أن "مثل هذا الأمر لن يتكرر على أرض قطر". من جهة أخرى، من المنتظر أن يجتمع مجلس الأمن الدولي اليوم الأربعاء لمناقشة الضربات "الإسرائيلية" على قطر بطلب من الجزائر وباكستان.
الرأي
هذه هي المرة الثانية التي تتعرض فيها قطر لاستهداف أراضيها، وذلك بعد هجوم إيراني "رمزي" على قاعدة العديد خلال حرب الـ12 يوما مع "إسرائيل". ونظرا لهشاشة جغرافية قطر، فإن تعرض أراضيها لاستهداف بهذا المستوى سيطرح أسئلة عميقة حول أمن البلاد وتكلفة الانخراط في معادلات أمنية معقدة دون توفر حصانة مكافئة من قبل الولايات المتحدة. وبينما ليس من المرجح أن تكون استضافة القوات الأمريكية محل مراجعة من قبل الدوحة، فإن تواجد قادة حركة حماس سوف يكون محل "إعادة ترتيب"، بما قد يشمل إجراءات أمنية أكثر تعقيدا، والحد من تواجد بعض القيادات، وربما تقليص مجمل تواجد الحركة في الدوحة.
من جهة أخرى، وحتى بافتراض أن هذا الحادث "لن يتكرر" كما تعهد ترامب، فإن الدوحة، وربما دولاً خليجية أخرى، ستعيد تقييم استراتيجيات أمن البلاد، والدفاعات الجوية، وتوفر بنية تحتية أمنية للطوارئ مثل وجود مقرات محصنة. ويمكن فهم إشارة ترامب بخصوص اتفاق التعاون الدفاعي مع الدوحة في سياق استعداده لتقديم ضمانات مستقبلية لتحصين البلاد.
إلى ذلك، تكشف هذه التطورات عن ثغرة أمنية كبيرة لدى دول الخليج بصورة عامة، وهي أنها طالما اعتمدت على تواجد القوات الأمريكية كضمانة لحماية البلاد من التهديدات الإيرانية، لكن هذه الضمانة باتت محل شك منذ استهداف السعودية والإمارات من قبل الحوثي، والآن أضيف مستوى جديد من الانكشاف يتعلق بمدى جدوى الاعتماد على ضمانات أمريكية ضد "التهديد الإسرائيلي" في ظل أن الولايات المتحدة هي الضامن الرئيسي لتوفق "إسرائيل" عسكرياً في المنطقة.