التزام أمريكي بالدفاع عن قطر يعيد ترميم استراتيجية تأمين البلاد ويجدد حالة الردع

الساعة : 16:08
2 أكتوبر 2025
التزام أمريكي بالدفاع عن قطر يعيد ترميم استراتيجية تأمين البلاد ويجدد حالة الردع

الحدث

وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا يُلزم الولايات المتحدة بضمان أمن قطر، الحليف العربي غير العضوٍ في حلف شمال الأطلسي (الناتو). وينصّ الأمر، الصادر بتاريخ الاثنين 29 سبتمبر/أيلول، على أن "الولايات المتحدة ستعتبر أي هجومٍ مسلحٍ على أراضي دولة قطر أو سيادتها أو بنيتها التحتية الحيوية تهديدًا لسلامها وأمنها". ويأتي هذا الأمر في الوقت الذي قدّم فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال زيارته للبيت الأبيض، الاثنين، اعتذارًا هاتفيًا لرئيس الوزراء القطري عن الغارة الإسرائيلية على الدوحة الشهر الماضي. وينص أمر ترامب على أن الولايات المتحدة "ستتخذ جميع الإجراءات القانونية والمناسبة" للدفاع عن قطر.

الرأي

يمثل هذا الأمر التنفيذي خطوة غير مسبوقة في طبيعة الالتزامات الأمريكية تجاه حليف خليجي خارج منظومة التحالفات الرسمية كحلف الناتو. فالقرار لا يقتصر على تأكيد مكانة قاعدة العديد كأصل استراتيجي أمريكي في المنطقة، بل يرقى إلى مستوى التزام دفاعي مباشر يجعل أي اعتداء على قطر تهديدًا لأمن الولايات المتحدة نفسها. هذه الصياغة تمنح قطر حماية سياسية ورمزية عالية، وتحوّلها من مجرد شريك أمني إلى طرف يحظى بضمان شبه جماعي، وهو ما يغيّر دون شك معادلة الأمن لدى قطر ، ويعيد ترميمها بصورة لا تقبل الشك، بعد أن تعرضت لاختراق خطير مع الهجوم الإسرائيلي.

من اللافت أن القرار جاء في سياق زيارة نتنياهو إلى واشنطن واعتذاره للدوحة، ما يشي بأن الإدارة الأمريكية تسعى لتوجيه رسالة مزدوجة: ردع "إسرائيل" عن تجاوز خطوط معينة مجددا، وتثبيت مصداقية واشنطن كشريك لا يتخلى عن أمن من يستضيف ركائز نفوذه العسكري، وهي رسالة مهمة تتعلق بموثوقية واشنطن لدى حلفائها بصورة عامة وليس فقط تجاه قطر.

من جهة أخرى، فإن الأمر التنفيذي كما يطمئن قطر فإنه قد يضيّق مساحة المناورة أمام الدوحة، إذ يربط أمنها الداخلي مباشرة بالمظلة الأمريكية، في مقابل تقليص احتمالات توجهها إلى تحالفات بديلة أو مسارات مستقلة. هذا البعد يُظهر أن الضمانة الأمريكية تحمل في طياتها كلفة سياسية وأمنية، إذ قد تُستخدم لاحقًا للضغط على قطر في ملفات تتجاوز أمنها المباشر إلى خياراتها الخارجية، بما في ذلك علاقاتها مع أطراف كإيران وحركات المقاومة.

من المرجح أن يؤدي القرار إلى تراجع المخاطر المباشرة على قطر، سواء من جانب "إسرائيل"، أو من جانب إيران التي قد ستعيد حساباتها بشأن استهداف البنية التحتية القطرية خشية الانزلاق إلى مواجهة مع الولايات المتحدة. وفي المقابل، ستستثمر الدوحة هذه الضمانة لتعزيز موقعها كوسيط إقليمي ودولي، مستندة إلى ثقل جديد في معادلات الردع. لكن يظل جوهر السؤال مرتبطًا بمدى استعداد واشنطن لترجمة هذا الالتزام عمليًا إذا ما جرى اختبار جدي، فالتاريخ يبيّن أن الالتزامات الأمريكية، وإن بدت صارمة على الورق، تظل رهينة لحسابات السياسة الداخلية ولأولويات أوسع قد تحد من تدخلها الفعلي.