سقوط "الفاشر" منعطف حاسم في مسار الحرب السودانية يستدعي شبح الانفصال

الساعة : 15:49
28 أكتوبر 2025
سقوط

الحدث:

شهدت مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، في 25  و26 تشرين الأول/أكتوبر 2025، تصعيدًا عسكريًا غير مسبوق في سياق الحرب الأهلية السودانية المستمرة منذ أكثر من عام ونصف. فقد شنّت قوات الدعم السريع هجومًا واسع النطاق على المدينة التي تُعدّ آخر معاقل الجيش السوداني النظامي في إقليم دارفور، مستخدمة المدفعية الثقيلة والطائرات المسيّرة في قصفٍ مركز استهدف مواقع عسكرية وأحياءً سكنية على حد سواء.
ونجحت قوات الدعم السريع في اقتحام مقر الفرقة السادسة مشاة والسيطرة عليه بعد معارك عنيفة استمرت لساعات، قبل أن يقرر الجيش مساء الاثنين الانسحاب من المدينة وفق إعلان رئيس مجلس السيادة السوداني، عبدالفتاح البرهان، والذي اعتبر أن الانسحاب من المدينة "كان ضروريا"، مؤكداً أن قواته ستقتص لأهالي الفاشر، ومتعهداً باستعادة كل أراضي السودان. وجاءت هذه السيطرة بعد حصار خانق على المدينة فاقم الأزمة الإنسانية إلى مستويات خطيرة، حيث سُجلت الوفيات يوميًا نتيجة القصف ونقص الغذاء والمياه والدواء، فيما نزح آلاف المدنيين نحو أطراف الإقليم أو عبر الحدود نحو تشاد.

الرأي:

تمثل الفاشر الرمز الأخير لوجود الجيش السوداني في دارفور. ولذلك؛ فإن استيلاء قوات الدعم السريع عليها يعني إحكام السيطرة على الإقليم بكامله، وفتح خطوط الإمداد والتجارة نحو تشاد، ما يجعلها في موقع تفاوضي أقوى مستقبلاً. والأهم من ذلك، فإن السيطرة على كامل إقليم دارفور بعد إعلان حميدتي حكومة موازية، يكرّس واقعاً انفصالياً في غرب السودان، يكرر في أحسن الأحوال الانقسام الليبي شرقاً وغرباً، وفي أسوأ الأحوال يمهد لسيناريو انفصال جديد على غرار انفصال الجنوب.

ميدانياً، تعني خسارة الفاشر انهيار دفاعات الجيش في الغرب وانكشاف الجبهة الداخلية، وهو ما يفسر المقاومة الشرسة رغم ضعف الإمدادات. بناءً على ذلك، لا تعد معركة الفاشر مجرد جولة عسكرية، بل منعطفًا حاسمًا في مسار الحرب السودانية يعيد تعريف الديناميات الميدانية والتوازنات العسكرية للجانبين.

واللافت في توقيت الهجوم أنه جاء بعد تعثّر المساعي الأممية والإفريقية لإطلاق مسار تفاوضي جديد، وهو دلالة على أن آفاق الحل السياسي للصراع تبدو بعيدة المنال رغم الضغوط الخارجية، حيث يصعّد الجيش بدوره من وتيرة تطوير قدراته العسكرية ويبني شراكات خارجية أوسع، ما يعني أن الرهان يظل على الحسم العسكري وليس التفاوض.