استنتاجات الموجز:
- خطى ثابتة من صانع القرار لإعادة تموضع مؤسسات الدولة؛ فبعد "تحجيم المخابرات" يأتي طلب التعديل الوزاري في إطار استعداد الأردن للتناغم مع متطلبات الإدارة الأمريكية الجديدة
- لقاء الملك سرًا مع "غانتس" يؤكد سعي المملكة ومعها السلطة الفلسطينية لتقوية الجبهة المضادة لمعسكر "نتنياهو" الذي تدعمه أبو ظبي ضد منافسيه
لم يمض الكثير على تشكيل حكومة رئيس الوزراء، بشر الخصاونة، حتى خرج الضوء الأخضر لإقرار التعديل الوزاري؛ حيث طلب "الخصاونة" من طاقم وزارته جميعًا، وفي الكواليس حديث كثير عن أن غالبية من سيخرج لم يكن أصلًا موجودًا برضى رئيس الحكومة بل بناءً على ضغط من مراكز قوى، على رأسهم المخابرات التي تم تحجيم دورها بعد رسالة الملك كما يشاع. وجاءت خطوة "الخصاونة" أيضًا بعد قيامه بخطوة جريئة في الحالة السياسية الأردنية، حين طلب من وزيرين من الحقائب الرئيسية، الداخلية العدل، تقيدم استقالتيهما بعد حضورهما مأدبة عشاء بصورة مخالفة لإجراءات قانون الدفاع، الذي يمنع التجمعات والمناسبات بسبب "كورونا".
كما أن ثمة عنصر إضافي في المشهد يساعد "الخصاونة" في تشكيل مريح لحكومته الجديدة؛ فرسالة الملك بعنوان “العودة إلى الاختصاص” والموجّهة لمدير المخابرات، اللواء أحمد حسني، لا تزال طازجة للتو ويستطيع "الخصاونة" كرئيس حكومة الانفراد الآن دون زحام من المؤسسة الأمنية، في ترتيباته الداخلية، الأمر الذي استبقه الرجل أصلًا بتوجيهات مباشرة صدرت قبل أيام منه لجميع الوزراء، تقضي بالالتزام بمنطوق ومضمون رسالة الملك للجنرال "حسني"، وهو ما أكد صحة توجه الملك بكف يد المخابرات إلى درجة كبيرة.
في سياق آخر، لا تزال مضامين المقال الذي كتبه الأمير "الحسن بن طلال" في صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية يأخذ أبعادًا وتحليلات، وسط تساؤلات نخب ومراقبين عن الذي أراده الأمير بالفعل من وراء المقال، وما ورد فيه من رسائل قيل إن الملك "عبدالله الثاني" متوافق معها قبل نشرها. وبعيدًا عن مضمون المقال، يعلم الأمير أن علاقات بلاده بحكومة اليمين "الإسرائيلي" قد تكون الأسوأ منذ توقيع اتفاقية وادي عربة عام 1994. ويعلم المراقبون جميعًا أن فرصة التمتع المفاجئ بتوجيه رسائل سلام لـ"الإسرائيليين" في الإطار الثقافي والجماهيري وفي هذه المرحلة تحديدًا، تعكس انطباعات وتساؤلات سلبية في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة، وتكرار ثوابت الأردن والبرود الشديد مع الجانب "الإسرائيلي" هذه الأيام.
كما بدا لافتًا أن وزارة الخارجية الأردنية لم تعلق على مضمون مقال الأمير، ما يبعث على الاستغراب في مقاييس السياسيين الذين رأوا في الرسالة توقيتًا خارج الزمان والمكان بالنظر لوجود "نتنياهو" الذي همش الأردن وضغط عليه إبان فترة "ترامب".
من جهة أخرى، كشفت وسائل إعلام عبرية عن لقاء سري جرى مؤخرًا بين وزير الحرب "الإسرائيلي"، بيني غانتس، وبين العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، ولعل اللافت في اللقاء أنه كان سريًا بين طرفين الأصل أنهما موقعان على معاهدة علنية ومعروفة، وهو ما دفع صوب تساؤل عريض عن سبب الحاجة لعقد لقاءات في الخفاء بعد 27 سنة من العلاقات . وبحسب ما رشح عن اللقاء، فقد انصب على أصل العلاقة وكيف يجب أن تكون بين الطرفين، في ظل وجود "نتنياهو" الذي رفضت عمّان مرارًا تنسيق لقاء أو زيارة له بينه وبين العاهل الأردني، الذي يخشى من عودته مرة أخرى في الانتخابات لمقبلة.
في التحليل السياسي، يرى البعض أن أطراف الخصومة والتنافس داخل تل أبيب باتوا يستثمرون علاقتهم مع المحيط العربي، لرفع حظوة حضورهم أمام الناخب "الإسرائيلي"؛ فقد قرر "نتنياهو" بعد لقاء "غانتس" والملك زيارة الإمارات والبحرين، فيما بدا أن دولًا عربية دخلت في سياق التدخل غير المباشر في رسم معالم وتوجهات الناخب "الإسرائيلي"، كل حسب توجهاته ومصالحه المرتقبة.
في سياق العلاقات أيضًا لكن ضمن الإطار العربي، قال مسؤول بوزارة الخارجية المغربية إن الأردن سيفتتح قنصلية في إقليم الصحراء، الخميس، ليرتفع الإجمالي إلى 19 قنصلية في المنطقة ذات الحساسية القبلية والسياسية، والتي يرغب المغرب تثبيت حضوره فيها لحسم الملف الشائك مع "جبهة البوليساريو" التي عادت للتصعيد من جديد.
في السياق العربي أيضًا، أصبحت وعلى نحو شبه منتظم، اجتماعات مصر والأردن والسلطة الفلسطينية الرسمية تعقد منذ وصول "بايدن" للرئاسة، وإعلان رئيس السلطة، محمود عباس، موعدًا للانتخابات الفلسطينية. فقد كان وزراء خارجية مصر والأردن والسلطة على موعد "الأربعاء"، مع اجتماع ثلاثي بالقاهرة، التي قالت إن الاجتماع تناول تطورات الأوضاع على الساحة العربية والقضية الفلسطينية وسبل إعادة إحياء مسار المفاوضات.
محليًا، عاد التصعيد مجددًا لملف نقابة المعلمين بعد تثبيت محكمة بداية عمّان حكم حل مجلس النقابة، لكن ما أثار الجمهور الأردني هو السبب الذي استندت عليه المحكمة القابل للاستئناف، وهو تبرع النقابة بمبلغ نصف مليون دينار لصندوق وزارة الصحة لمجابهة وباء "كورونا"، وتشكيك الدعوى بأصل المبلغ واعتراض البعض على آلية صرفه.
في ملف "كورنا"، عادت معدلات الإصابة للارتفاع بصورة كبيرة، واحتلت المملكة المرتبة الثالثة عربيًا بعد العراق والمغرب بنسب الإصابات. ودفعت الأعداد لعودة فرض حظر التجول يوم الجمعة، وهو ما أثار حالة من السخط بين المواطنين بعد الانعكساات الكبيرة على الاقتصاد، حيث تخطت المملكة حاجز 400 ألف إصابة، ويعزو المختصون سببها لإجراءات اتخذتها الحكومة مؤخرًا بفتح قطاعات، وتقليص مدد الحظر اليومي وإلغاء الشامل وعودة المدارس.
أمنيًا، ربط محللون بين الفضيحة التي ترتبت على الأردن بسبب تقرير الأمم المتحدة، والذي اتهم الأردن بالمشاركة في عملية التحضير للانقلاب على الحكومة الشرعية في ليبيا، من خلال بيع طائرات مروحية هجومية أمريكية لـ"حفتر"، وبين هبوط طائرة شحن عسكرية إماراتية مؤخرًا في الأردن، بعد إعلان قيادة الجيش نيتها بيع 15 طائرة من مروحيات الكوبرا الأمريكية وطائرة ميراج.
ورغم إعلان الجيش الأردني مزادًا للبيع بصورة معلنة، إلا أن متابعين قالوا إن هبوط الطائرة الإماراتية ربما كان استمرارًا لعملية البيع الأولى التي فشلت، والتي تم بموجيها بيع مروحيات هجومية لقوات مرتزقة تابعة لـ"حفتر"، وأن الإمارات التي دفعت ثمن تلك المروحيات جاءت لشحنها تحت غطاء المزاد الأخير.
أمنيًا أيضًا، أعلن الجيش تعزيز انتشار وحدات حرس الحدود على الجهة الشمالية والشرقية للبلاد، بمجموعة من القوات الخاصة وقوات رد الفعل السريع بإسناد من طائرات سلاح الجو الملكي. وتشمل القوات فرقًا مختصة في الواجبات الأمنية المدربة والمؤهلة والمزودة بالأسلحة والأجهزة والمعدات والآليات اللازمة، لحماية الحدود، دون ورود تفصيلات عن مهمات مستقبلية لهذا الإجراء.