استنتاجات الموجز:
الدفاع عن الحرية بالأجساد و"الأمعاء الخاوية" بتونس لن يتوقف ما زال تكميم الأفواه والانقلاب على نظام الدولة هما خيار "سعيّد" الأول
أحزاب المعارضة بالجزائر تطالب "تبون" باستبعاد الوزراء الفاشلين من الحكومة أبرزهم وزير التجارة
العلاقات المغربية الإسبانية تنهي عام 2021 بالوقت الميت في انتظار كل طرف قيام الآخر بمبادرة التقارب
بينما يستعيد التونسيين ذكرى ثورتهم على الاستبداد والحكم الفردي، التي اندلعت قبل 11 عامًا، يصرّ رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، على إعادة البلاد إلى ما قبل الثورة ونسف منجزاتها، وترسيخ انقلابه على المكتسبات الديمقراطية والنظام السياسي والدستور، وإحكام قبضته على جميع مؤسسات الدولة وتطويعها لخدمة مشروعه السياسي، وصولًا لتوظيفه القضاء لمحاكمة معارضيه، معيدًا البلاد لمربع القمع والترهيب والديكتاتورية.
في التفاصيل، أصدرت المحكمة الابتدائية حكمًا غيابيًا بحق الرئيس الأسبق، المنصف المرزوقي، يقضي بسجنه أربع سنوات مع الإذن بالنفاذ العاجل، بتهمة "الاعتداء على أمن الدولة الخارجي، وربط اتصالات مع دولة أجنبية والإضرار بدبلوماسية البلاد. جاء ذلك بعدما فتحت وزيرة العدل، ليلى جفال، تحقيقًا قضائيًا في تصريح "المرزوقي" بـ"سعيه لدى المسؤولين الفرنسيين لإفشال عقد القمة الفرنكوفونية في تونس، باعتبار أنّ تنظيمها في بلد يشهد انقلابًا تأييد للديكتاتورية والاستبداد".
وقد أثار إعلان الحكم جدلًا وتنديدًا سياسيًا وحقوقيًا، أبرزه استنكار منظمة "هيومن رايتس ووتش" التي اعتبرت أن الحكم دليل على مدى تقهقر منظومة الحقوق والحريات. وأشارت المنظمة إلى أن محاكمة المواطنين لمجرد انتقادهم الرئيس وتفرده بالبلاد تتوسّع، وأن السلطات تحاكم المواطنين بالمحاكم العسكرية والمدنية، لافتةً إلى أن النيابة العمومية تستخدم قوانين قمعية سُنّت قبل الثورة لملاحقة منتقدي "سعيّد".
كما كان الحكم بمثابة النار التي أشعلت المعارضة ووسعت دائرتها، ليتبلور مطلب جديد بضرورة التوحد، بعدما أعلنت مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب"، عن إضراب احتجاجي عن الطعام كشكل من أشكال النضال السياسي، مفسرةً أنه جاء بعد ما "لم يعد أمام القوى المعارضة إلا أن تدخل مرحلة الدفاع عن الحرية بأجسادها". ورفع المحتجون سقف مطالبهم بالسراح الفوري للنواب والمساجين السياسيين وإيقاف المحاكمات العسكرية، والتوقف عن الإساءة للجيش وتوريطه بالانقلاب"، إضافةً لإطلاق سراح بقية من تمّ اعتقالهم على خلفية التحركات السلمية وإيقاف كلّ التتبّعات بحقّهم، والكف عن تهديد القضاء وتوظيفه في تصفية خصومه على غرار المحاكمات الوهمية، والكفّ عن توظيف المؤسسة الأمنية وإقحامها في الصراع السياسي .
قضائيًا، فتحت النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية تحقيقًا على خلفية ما ورد بتصريحات "سعيّد"، بشأن “مكالمة هاتفية” تتمحور حول مخطط اغتيال مسؤولين، مشيرةً أن التحقيق فُتح ضد كل من سيتم الكشف عنه بتهمة العزم على قتل شخص وإلحاق عنف وإضرار بالممتلكات العامة والخاصة. كما يشمل تهمة تكوين تنظيم إرهابي وتلقي تدريبات، بقصد ارتكاب جريمة إرهابية والتحريض على ذلك واستعمال التراب الوطني لتدريب أشخاص للغرض نفسه.
في الشأن الجزائري، ردت الأحزاب المعارضة على تصريحات رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بوزيد لزهاري، حول وضع الحريات في البلاد، الذي وصفها بأنها "جيدة"، وأنكر اتهامات يوجهها ناشطون وجمعيات حقوقية للسلطات بارتكاب تجاوزات وشن حملات قمع ضد الناشطين في الحراك الشعبي، إلى جانب إغلاق وسائل إعلام والتضييق على الصحفيين، معتبرةً أنها "مجانبة للحقائق والواقع". ووصفت الأحزاب عام 2021 بأنه "سنة التراجع عن مكاسب الديمقراطية".
كما وصف "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" الأوضاع بـ"التدهور المخيف لوضع الحريات"؛ حيث تم سجن أكثر من 300 مواطن تعسفًا لمطالبتهم بالتغيير السلمي. هذا، بينما طالبت الأحزاب رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، بإجراء مراجعة وتقييم شامل لعمل الحكومة، واستبعاد عدد من الوزراء بسبب محدودية أدائهم في قطاعاتهم، والفشل في طرح حلول لمشكلات البلاد، خصوصًا وزير التجارة.
في الأثناء، وقع "تبون" مرسومًا رئاسيًا استدعى بموجبه الهيئة الناخبة للتجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة، المقرر في الخامس من شباط/ فبراير المقبل، لانتخاب أعضاء الولايات الـ58 لـمدة ست سنوات، حيث يضم المجلس 174 عضوًا، بينهم 116 يتم انتخابهم على دورتين، فيما يقوم "تبون" بتعيين 58 عضوًا ما يُعرف بـ"الثلث الرئاسي".
في الشقين الدبلوماسي والأمني، استقبل "تبون" نظيره الموريتاني، محمد ولد الشيخ الغزواني، في زيارة تأتي في إطار تقوية العلاقات وتعزيز التعاون الثنائي، حيث تمّ الاتفاق على توقيع عدد من الاتفاقيات في مجالات الطاقة والتجارة والحدود والصحة والصيد البحري، واتفاقيات في المجال العسكري لتوريد قطع ومركبات من الصناعات العسكرية الجزائرية إلى موريتانيا، وتكوين إطارات من الجيش الموريتاني في المدارس العسكرية الجزائرية.
بموازاة ذلك، واصل "تبون" سلسلة التغييرات في عدد من دوائر قيادة الجيش، حيث أقال قائد قوات الدفاع الجوي، عمار عمراني، وعين خلفًا له اللواء، عبد العزيز هوام. كما أقال قائد دائرة الاستعمال والتحضير لأركان الجيش، محمد قايدي، وعيّن اللواء، بلقاسم حسنات، خلفًا له. وعيّن "الجنرال حراث" قائدًا لقسم الإشارة وأنظمة المعلومات والحرب الإلكترونية للجيش، خلفًا للواء، فريد بجغيط.
في ملف الصحراء، اتهمت السلطات الخارجية المغرب بما سمّته "محاولة تضليل جديدة"، بشأن الخريطة التي ستعتمد في القمة العربية المقبلة، بما وصفته "طرح مزاعم" بوجود خريطة تشمل منطقة الصحراء ضمن الأراضي المغربية. وفي هذا الإطار، صرّح مساعد وزير الخارجية المكلف بقضية الصحراء، عمار بلاني، أن "الخريطة التي يرّوج المغرب لها ليست سوى خدعة أخرى في المشروع التضليلي الذي تعتمده المغرب في وسائل الإعلام".
أما في الشأن المغربي، فقد أكدت الحكومة على التزامها بتنفيذ مشروع “الحماية الاجتماعية” في الآجال المحددة، فيما صرّح رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أنه بعد أن فُتح باب التأمين الصحي والمعاش لفائدة ثلاثة ملايين مواطن ومواطنة، بفضل إسراع الحكومة في إخراج المراسيم التي تهم عددًا من الفئات المعنية، تواصل استكمال المنظومة القانونية من خلال مشاريع المراسيم المعروضة على المصادقة.
في سياقٍ منفصل، حمل “المجلس الأعلى للحسابات” على مستوى "عدم إرجاع الدعم العمومي" المقدم من طرف الدولة للأحزاب السياسية؛ حيث أوضح المجلس تخلف أحزاب عن إرجاع ما بذمتها من مبالغ مالية لخزينة الدولة، في غياب التبريرات لمصاريفها، مؤكدًا أن 30 حزبًا من أصل 34 أودعت حساباتها لدى المجلس، ولم يُرجع سوى 20 حزبًا مبالغ الدعم المالي غير المبررة لخزينة الدولة.
دبلوماسيًا، ينتهي عام 2021 في ظل استمرار الأزمة في العلاقات بين الرباط ومدريد، بعدما كانت بدأت بأزمة صامتة وانفجرت لاحقًا بسبب استقبال الأخيرة زعيم جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي. وتشير كل المعطيات إلى استمرار الأزمة في ظل عدم قيام أي دولة بمبادرة للصلح، بل وجود مؤشرات تدل على مزيد من التوتر خاصةً بعد تأجيل القمة التي كانت مرتقبة في نهاية كانون الأول/ ديسمبر بين البلدين على مستوى رئيسي الحكومتين، في حين عقدت مدريد قممًا على مستوى رئيسي حكومتي البلدين مع الجزائر وتونس.
أمنيًا، طاردت قوات الأمن بمكينة الفنيدق الحدودية عددًا من الشبان الراغبين في الهجرة غير النظامية إلى أوروبا، مع استنفار قوات الأمن الإسباني الشريط الحدودي في سبته. هذا، فيما شهدت عدة مدن وقفات احتجاجية بمناسبة الذكرى الأولى لاستئناف العلاقات بين المغرب و"إسرائيل"، وقد اتسمت التظاهرات بإنزال أمني كثيف وجرت مطاردة المحتجين ومنعهم من التظاهر.
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا