استنتاجات الموجز:
لقاء "عباس" - "غانتس" لم يتجاوز المحددات الأمنية والاقتصادية في ظل تخوف من انفجار الأوضاع في الضفة
زيادة نشاط المستوطنين في الضفة يُنذر باتساع نطاق المواجهات
اللقاء السداسي في القاهرة يأتي ضمن الجهود المبذول عربيًا لدفع خطوات "تعزيز الثقة" التي ترعاها الإدارة الأمريكية
أثارت الزيارة التي أجراها رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، إلى وزير الأمن "الإسرائيلي"، بيني غانتس، في بيته في منطقة "بروش هاعين" جنوبي تل أبيب، غضبًا فلسطينيًّا عارمًا على المستويَين الشعبي والفصائلي، فيما أُفيد عن تعهُّد "غانتس" بجملة تسهيلات وامتيازات لرام الله. وجاء اللقاء في وقت تشهد فيه الضفة الغربية تصاعدًا في الفعل المقاوم وتوترات شديدة، بفعل تصعيد جيش الاحتلال ومستوطنيه، فضلًا عن الاحتقان الداخلي، في حين جاء اللقاء بطلب أمريكي وبرغبة من المستوى العسكري "الإسرائيلي" لتحقيق الاستقرار.
ويُنظر إلى "غانتس" على أساس أنه المسؤول الحكومي "الإسرائيلي" الأكثر قُربًا للإدارة الأمريكية، وتجمعهما كيمياء مشتركة، على عكس رئيس الوزراء، نفتالي بينيت، الذي تربطه علاقة باردة ومتوترة مع إدارة "بايدن". وبحسب المعطيات، فقد طلب "بينيت" من "غانتس" أن يتحدث بكل شيء دون السقف السياسي مع "عباس"، بمعنى أن ينحصر النقاش على ما يتصل بمهمة الإدارة المدنية التابعة لجيش الاحتلال، باعتبار أنها تتحكم في مفاصل الحياة اليومية للفلسطينيين في الضفة وغزة، إضافةً إلى أمور أمنية مشتركة مع السلطة.
واستمر اللقاء ساعتين ونصف وانقسم إلى نصفين؛ الأول بحضور رئيس المخابرات العامة، اللواء ماجد فرج، ووزير الشؤون المدنية، حسين الشيخ، أما الثاني فكان مُغلقًا حيث اقتصر على "عباس" و"غانتس" فقط. وتلقى "عباس" وعدًا مُكررًا من "غانتس" مفاده أن "التسهيلات الإسرائيلية ستفتح الباب في نهاية المطاف أمام تحريك المسار السياسي".
في غضون ذلك، استقبلت القاهرة اجتماعًا سداسيًا على مستوى وزراء الخارجية ورؤساء أجهزة المخابرات، في كل من مصر والأردن وفلسطين، بحث تحريك عملية السلام بين "الإسرائيليين" والفلسطينيين وتثبيت التهدئة الشاملة وإعادة الإعمار في قطاع غزة. وهدف اللقاء إلى تنسيق المواقف والرؤى بشأن كيفية متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في القاهرة مطلع أيلول/ سبتمبر الماضي، كما بحث المستجدات التي شهدتها القضية الفلسطينية في الفترة الأخيرة. ومن المرجح أن السلطة الفلسطينية أطلعت المسؤولين العرب على مضامين المداولات التي دارت بين "عباس" ومستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان.
في سياق غير بعيد، كشفت مصادر سياسية في تل أبيب أن الإدارة الأمريكية رضخت للضغوط "الإسرائيلية"، وقررت تأجيل إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الخاصة بالفلسطينيين لمدة سنتين، وتعويض الفلسطينيين عن ذلك بزيادة الدعم المالي للسلطة وتسريع فتح مقرها الرسمي في واشنطن. من جانبها، تطالب السلطة إدارة "بايدن" بمنحها حصانة من الملاحقات القضائية على الأراضي الأمريكية، قبل التعاطي مع موافقة الإدارة على السماح بفتح مكتب تمثيلي لها في واشنطن.
يأتى هذا الحراك الدبلوماسي والأمني بعد سلسلة مواجهات في الضفة الغربية، أنذرت بحدوث انفجار ومواجهات شاملة في البلاد؛ حيث تتوسّع ظاهرة الاشتباك في مدن وقرى الضفة، فيما يبدو أن الفلسطينيّين حسموا أمرهم بالتصدّي لهجمات المستوطنين مهما كلّف الثمن، خصوصًا مع ارتفاع وتيرة الاعتداءات على منازلهم وممتلكاتهم.
في هذا الإطار، تحولت بلدة برقة غرب نابلس في الأيام القليلة الماضية إلى نموذج ملهِم في ردع المستوطنين ولجم اعتداءاتهم الوحشية؛ حيث خاض مئات الفلسطينيّين مواجهات عنيفة مع جيش الاحتلال في البلدة، بعد دعوات واسعة إلى التصدّي للمستوطنين ومنعهم من تكرار الاعتداء على منازل في أطراف البلدة. وخلّفت المواجهات في صفوف الفلسطينيّين 247 إصابة في ليلة واحدة، عشرة منها بالرصاص الحيّ. ومع اشتداد المواجهة، تدخّل مقاومون وأطلقوا النار باتجاه جنود العدو قرب مدخل برقة، على وقْع تكبيرات الشبّان وهتافاتهم.
كما شكّل اشتعال المواجهات عند مدخل بلدة برقة أيضًا حافزًا لمناطق أخرى بعيدة؛ حيث اندلعت مواجهات قرب مدخل بلدة بيتا جنوب نابلس، وفجّر الشبّان براميل صوتية بمحاذاة الشارع الرئيس الذي يمرّ منه المستوطنون. كما لهب إطلاق النار مرّتين تجاه الجنود "الإسرائيليّين" في برقة، الشارع الفلسطيني، ليتبعه إطلاق مركبة مسرِعة النارَ على حاجز الجلمة شمال جنين، وإطلاق نار آخر على حاجز حوارة جنوب نابلس.
من جانب آخر، حذّر مسؤولون في الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة من فرض إجراءات، لتغيير أو فرض ترتيبات أمنية جديدة في باحات المسجد الأقصى لمصلحة المستوطنين المقتحمين. وكانت لجنة الأمن الداخلي في الكنيست "الإسرائيلي" أكدت، خلال جلسة عقدت بين جماعات الهيكل واللجنة، على مراقبة أعمال شرطة الاحتلال في الأقصى وتطويرها لمصلحة الوجود اليهودي فيه، وذلك عبر لجنة خاصة يشكلها الكنيست لهذا الغرض. وأوصت اللجنة كذلك بإنهاء إبعاد المقتحمين اليهود عن الأقصى، وتخفيف إجراءات التفتيش الأمني لليهود، كما طالبت بزيادة فترات الاقتحامات لتخفيف الضغط على المجموعات المقتحمة.
وتأتي هذه التغييرات الكبيرة في إطار تنفيذ توصيات مؤتمر جماعات الهيكل المتطرفة، الذي عُقد في الرابع من الشهر الماضي، لمضاعفة أعداد المقتحمين اليهود للأقصى بعشرة أضعاف، وتعزيز الحضور اليهودي فيه بكل الوسائل الممكنة، والذي يتبنى كنيست الاحتلال وحكومته كل مخرجاته بقوة حتى الآن.
من جانبهم، أطلق مستوطنون النار باتجاه منازل الفلسطينيين في منطقة كبانية أم هارون، في الجزء الغربي من حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة، خلال "مسيرة عربدة" لمجموعة من المستوطنين الذين اقتحموا الحي على حين غرة، وسط هتافات عنصرية تنادي بـ"الموت للعرب".
في قطاع غزة، تشهد أجواء القطاع تحليقًا مكثفًا لطائرات الاستطلاع "الإسرائيلية"، في ظل تصاعد التهديدات بين المقاومة والاحتلال، والتوتر المكتوم المسيطر على الأوضاع الميدانية. وتأتي حركة الطائرات الاستطلاعية في ظل معلومات متداولة عن رفض حركة "حماس" تسهيلات "إسرائيلية" مجتزأة تنوي تقديمها إلى القطاع أُبلغت القاهرة بها، وأبلغتها هاتفيًا للحركة التي تتشبث بضرورة إنهاء الحصار "الإسرائيلي" المضروب على القطاع منذ عام 2006.
في السياق، تحدثت مصادر في المقاومة عن اتفاق فصائلي على تصعيد تدريجي إن لم ينجح الوسطاء في دفع الاحتلال إلى تنفيذ استحقاقات الهدوء القائم، وعلى رأسها إعادة الإعمار وتحسين الظروف الاقتصادية والمعيشية للفلسطينيين. وأعطت الفصائل مهلة جديدة للوسطاء لتنفيذ مطالبها، تنتهي مع منتصف كانون الثاني/ يناير المقبل.
وتزامنًا مع التوتر المكتوم في غزة، أنهت الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة تدريبات ومناورات جماعية لرفع الجاهزية، تحسبًا لأي تطورات ميدانية. وشارك 11 ذراعًا عسكريًا في النسخة الثانية من مناورات ”الركن الشديد"، التي استمرّت فعالياتها بالذخيرة الحيّة على مدار أيّام، واختُتمت وسط أوضاع ميدانيّة ساخنة.
ميدانيًا، عاد الهدوء الحذر لأجواء غزة مجددًا بعد القصف المدفعي "الإسرائيلي" لعدد من نقاط الرصد التابعة للمقاومة على الحدود، والذي تلا إطلاق نار صوب منطقة السياج الفاصل وأدى إلى إصابة عامل "إسرائيلي".
في سياق آخر، وقعت اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة مذكرة تفاهم، مع كل من سلطة الطاقة والموارد الطبيعية الفلسطينية وشركة غزة لتوليد الكهرباء، تتضمن الاتفاق على آليات توريد وشراء الغاز اللازم لتشغيل محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع. وبموجب مذكرة التفاهم فإن اللجنة القطرية ستقوم بتمويل إنشاء خط الغاز من الشركة الموردة إلى حدود غزة بتكلفة تقدر بنحو 60 مليون دولار.
في مستجدات ملف الأسرى، أعلنت الهيئة القيادية العليا لأسرى "حماس" أن فوجًا أول من أسراها بدأ في إضراب عن الطعام، في ”فصل جديد من فصول المعركة المفتوحة مع إدارة سجون الاحتلال“. وقال رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، إن القيادة و"كتائب القسام" تتابعان ما يجري. وأوضحت الهيئة في بيان مقتضب أن الفوج سيتبع خطوة الإضراب المفتوح عن الطعام كحل فعلي للتنظيم، مشيرةً إلى أن هذه الخطوة سيكون لها ما بعدها.
بدوره، حذّر الأمين العام لحركة "الجهاد الإسلامي"، زياد النخالة، من تعرض معتقل لدى الاحتلال للموت مع إضرابه عن الطعام لليوم الـ136 احتجاجًا على اعتقاله الإداري. وقال النخالة: “في حال استشهاد الأسير هشام أبو هواش فإننا سنعتبر ذلك عملية اغتيال قام بها العدو مع سبق الإصرار”.
يأتي ذلك في ظل حالة من التوتر بعد قيام إدارة مصلحة السجون "الإسرائيلية" بتنفيذ عمليات نقل بحق الأسرى في سجن نفحة والاعتداء عليهم، على خلفية طعن أحد الأسرى هناك لسجان، ردًا على اعتداء سابق على أسيرات فلسطينيات.
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا