استنتاجات الموجز:
- التعديل الحكومي الأخير أجهض آمال الإصلاح التي روج لها الملك وسط خيبة أمل من بطء التحركات المقنعة للإصلاح المطلوب ما يؤكد عدم الجدية في تحريك الملفات خصوصًا الحريات
- الأردنيون يدركون أن زيارة الملك المفاجئة للسعودية ولقاء "بن سلمان" مجرد بروتوكولات وسط وعود سعودية قديمة جديدة عن استثمارات وشراكة لم يروا منها شيئًا
على نحو مفاجىء، كانت زيارة العاهل الأردني، عبدالله الثاثي، للسعودية ولقاء ولي العهد، محمد بن سلمان، حيث جاءت الزيارة على وقع تقرير المخابرات الأمريكية حول مقتل "خاشقجي"، وقبيل أيام من انتخابات حاسمة قد تحدد مصير "نتنياهو" وحزب "الليكود"، فضلًا عن كونها الأولى بعد المصالحة مع قطر. والسؤال السياسي الذي أشغل الأردنيين تمحور حول ما يمكن أن يقدمه "بن سلمان" للجار الأردني، تحديدًا بعد سلسلة طويلة من الاضطرابات في الاتصال والعلاقة. فاللقاء تجدد فجأة بعد طول انتظار وبعد أيام قليلة من مغادرة السفير السعودي، نايف السديري، المفاجئة أيضًا إلى بلاده في "مهمة" أو "زيارة خاصة".
في السياق، ذهبت الصالونات السياسية في المملكة باتجاه الحديث عن زيارة عمل، تهدف لإعادة ترميم قواعد العمل والاشتباك بين الجانبين، خصوصًا بعدما تردد أن السفير السديري تمكن قبل عودته في زيارته للرياض من اللقاء والتشاور مع ملك الأردن، ما يوحي بأنه سمع آراء وملاحظات من النوع الذي لا بد من إرساله لبلاده، وسط علاقة فاترة سادت فترة طويلة، فُقد فيها الأمل تمامًا في التضامن الاقتصادي والاستثماري وحتى السياسي.
بيد أن ثمة عاملًا جديدًا قد يصلح للقراءة السياسية أيضًا، هو وجود انطباع بأن الأردن أصبح بموقع إقليمي أفضل بكثير في عهد الرئيس "بايدن"، مما كان عليه من إقصاء وتهميش وإبعاد في عهد "ترامب"، صديق النخبة السعودية الحاكمة الموثوق. فاليوم لدى الأردن فهم أفضل لطاقم البيت الأبيض الجديد، ولدى الأردنيين خبرة مع الديمقراطيين قد تكون مطلوبة للسعوديين وقد تخدم مصالحهم، لكن في الخلاصة تبقى العلاقات بينهما غير مستقرة، وسط حالة تعيشها عمّان مثقلةً بالهموم الاقتصادية والاستثمارية، وبأزمة اللقاحات والفيروس والتداعيات، وتفعل ذلك وهي تستمع لصيغة أقرب لقصائد الشعر من السفير السعودي، عن التضامن الاستثماري والتنسيق المشترك، دون أن ينعكس ذلك على الواقع وفي الخريطة.
على الصعيد "الإسرائيلي"، أفادت وسائل إعلام "إسرائيلية" بأن ولي عهد الأردن، الحسين بن عبد الله، ألغى زيارة إلى المسجد الأقصى في اللحظات الأخيرة، بعد خلافات مع الطرف "الإسرائيلي" حول تأمين حراسته، بحسب ما أعلن. يذكر أن ولي العهد وصل بالفعل للمنطقة الحدودية "جسر الملك حسين"، لكنه عاد هو والوفد المرافق دون إتمام الزيارة، حيث كان الأمير تحدث سابقًا أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للأردن، واعتبر القدس قضية شخصية "بالنسبة للهاشميين، وخطًا أحمر عند كل أردني.
في ملف ذي صلة بالقضية الفلسطينية، عقد في باريس اجتماع رباعي بين وزراء خارجية مصر والأردن وفرنسا وألمانيا، لبحث دفع عملية السلام في الشرق الأوسط، فيما نشطت الدبلوماسية الأردنية بصورة لافتة مؤخرًا بعد فوز "بايدن"، لإعادة الروح لمسار حل الدولتين .
في سياق آخر، تعتزم شركة "جدارة" الأردنية للأنظمة الدفاعية بدء الانطلاق الفعلي في إنتاج صواريخ روسية مضادة للدبابات من نوع "كورنيت- إي"، حيث تم بالفعل تخصيص مكان لمصنع الشركة لبدء الإنتاج، فيما كان المتخصصون الأردنيون تعرفوا على عملية تصنيعها في روسيا، وقال مدير الشركة بموسكو، يوري كاشكو، إنه "لم يتبق إلا تركيب المعدات اللازمة".
محليًا، انشغل الأردنيون بالتعديل الوزاري على حكومة رئيس الوزراء، بشر الخصاونة، حيث أثار الأمر جدلًا طويلًا واستياءً بارزًا؛ فقد هوجم التعديل مرارًا من كل الأطياف والنخب أفقيًا ورأسيًا حتى قبل أن ينضج أو يعلن. ولسان حال الأردنيين أنهم ضجروا من آلية اختيار الوزراء، بينما أكثر الملك الحديث عن الإصلاح والتغيير دون أن يلمسه الناس على الأرض. وثمة موجة سخرية كبيرة من تكرار شكل التشكيل الحكومي والأسس التي يجري الاعتماد عليها، والقائمة على الترضيات والمجاملات على حساب الكفاءة.
كما زاد من هزلية المشهد الحكومي دخول وزير العمل الأردني، معن قطامين، ومن أوسع الأبواب، سجل متحف المفارقات الوزارية السياسي عندما سجل نفسه في خانة “أول وزير يستقيل فجأة وبعد ساعات قليلة فقط من أداء اليمين الدستورية أمام الملك”؛ فقد استقال الوزير بعد تجديد عرض بقائه بالحكومة، لكنه على ما يبدو وقبل أداء اليمين أمام الملك، (وهو الناقد والمعارض سابقًا لنهج الحكومات)، خطط على الأرجح لتوثيق أكبر لحظة إحراج يمكن أن ينتجها لرئيس الوزراء وحتى للدولة الأردنية نفسها. وهي مفارقة لم يسجلها أي وزير في تاريخ الأردن، وبالتأكيد تنطوي على رسالة مغرقة في الشعبوية.
بالمقابل، حذر وزير الإعلام السابق، طاهر العدوان، من اتساع رقعة المعارضة في البلاد، وقال إن الأردن لم يشهد ما يشهده اليوم من اتساع المعارضة للحكومات ولنهج الحكم. وتحدث "العدوان" عن معارضة غير تقليدية، ولا تقتصر على الأحزاب، بل أوضح أنه يقصد "انتشار الخطاب المعارض بين أجيال الأردنيين من المتقاعدين إلى الشباب إلى معارضة الخارج"، متهمًا النظام بالعناد. وقال الوزير السابق أيضًا إن هناك "إمعانًا رسميًا يشبه العناد يوسع من رقعة هذه المعارضة، التي قال إن الموجود منها في الخارج بات يتابعها الآلاف عبر مواقع التواصل .
في ملف "كورونا"، قررت الحكومة زيادة ساعات حظر التجول الليلي، ومنع إقامة صلاة الجمعة وقداس الأحد وغلق الحدائق العامة والنوادي الليلية والمراكز الرياضية، كما أُغلقت الجامعات والمدارس قبل أن يعتمد التعليم عن بعد لمعظم المراحل التعليمية، فيما تحظر حفلات الزفاف ومجالس العزاء، فضلًا عن حظر التجول نهائيًا يوم الجمعة، وسط حالة غضب وحنق شعبي كبير بسبب التدهور البارز في الأوضاع الاقتصادية ونسب الفقر. يذكر أن الأردن يشهد منذ أسابيع ارتفاعًا في أعداد الإصابات، حيث سجلت المملكة، الأربعاء، 60 وفاة و6649 إصابة جديدة، ليصل العدد الإجمالي للاصابات إلى 448851 حالة و5106 وفيات.
من جهة أخرى، قالت دائرة الإحصاءات العامة إن معدل البطالة بالمملكة زاد إلى 22.7% نهاية 2020، من 19% نهاية عام 2019، وعلى أساس فصلي، أظهرت بيانات دائرة الإحصاءات العامة صعود معدل البطالة إلى 24.7% في الربع الأخير من العام الماضي، مقارنة مع 23.9% خلال الربع الثالث من العام نفسه، و19% خلال الربع المناظر من .019، كما أظهرت البيانات الجديدة ارتفاعًا حادًا في معدل البطالة بين الإناث ليسجل 32.8% في 2020، مقابل 22.6% بين الذكور.