استنتاجات الأسبوع:
- وضع فيروس "كورونا" يسبب حرجًا كبيرًا للسلطة بالمملكة وسط عجز الدولة وتفاقم السخط الشعبي بينما لم يعد الحلفاء والأصدقاء يلتفتون لنداء "الصداقة" رغم فداحة التفشي
- مغازلة جديدة من الرياض للمملكة قبل زيارة مرتقبة للملك لواشنطن هي الأولى لزعيم عربي ومحاولة سعودية للحفاظ على علاقة دافئة مع الأردن الذي يقترب بتسارع من مصر والعراق
لا صوت يعلو في الأردن اليوم فوق صوت الفاجعة المتوالية لفيروس "كورونا"، الذي تصدرت فيه المملكة، وما تزال، عدد الإصابات والوفيات في المنطقة خلال الأسبوع الأخير، حيث يتمدد الفيروس بصورة كبيرة بينما يترنح النظام الصحي للدولة. بدوره، أعلن وزير الدولة للإعلام والناطق الرسمي، صخر دودين، تمديد إجراءات الحظر، كما أطلق جرس الخطر متحدثًا عن نسبة إشغال في غرف الإنعاش والعناية الحثيثة بدأت تتجاوز نسبة 80%. هذا، فيما تستأنف خلف الستار الاتصالات مع شركات كبرى منتجة في الصين وأوروبا والولايات المتحدة، بينما تشير عملية تدبير اللقاحات إلى غياب دور دولة حليفة وقوية وتشارك في الإنتاج الدولي استثماريًا على الأقل مثل الإمارات.
وبينما يتحدث المسؤولون عن انفراج وشيك في أزمة اللقاح، لا تزال تفاصيل الخذلان مع بعض الحلفاء والأصدقاء على المستوى السياسي طي الكتمان، في الوقت الذي تخطط فيه الدولة لتخزين أو تطعيم مليون مواطن على الأقل مع نهاية حزيران/ يونيو المقبل. بالتوازي، يلاحظ أن الإمارات التي تحولت إلى مركز إقليمي ضخم للمتاجرة باللقاح، لا تنعكس مساعدتها في السياق مع حجم ومستوى العلاقات السياسية التحالفية مع الأردن، الأمر الذي لا يزال يعتبر أحد أبرز أسرار انكشاف أزمة اللقاح في المملكة.
في إطار آخر، ورغم ضغط الاهتمام بـ"كورونا"، تنشط بعض الصالونات السياسية في الحديث عن ملف الإصلاح السياسي، وهو ما دفع لدخول "حزب جبهة العمل الإسلامي" على الخط بموقف واضح ومحدد، مطالبًا بتهيئة مناخ إيجابي لمعالجة حالة الاحتقان السياسية والشعبية قبل انطلاق الحوار الوطني. ويريد الحزب توقف سياسات التسويف والمماطلة في تحقيق الانطلاق الشامل، وهنا تحتفظ الذاكرة عند الإسلاميين وغيرهم بلافتات حوار وطني سابقة، لكن حزب المعارضة الأكبر يطالب بتوفير الضمانات لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، تحديدًا "عدم تكرار تجارب لجان الحوارات السابقة."
محليً أيضًا، عادت الأزمة المتعلقة باختيار النخب وكبار الموظفين إلى مربعها الأول في الأردن ؛ حيث مضت أسابيع قليلة فقط على تعيين الطبيب "فراس الهواري" رئيسًا لمركز الأوبئة الوطني والأمراض المزمنة، قبل اختياره فجأة وزيرًا للصحة بعد أن تسلمها لمدة ثلاثة أسابيع وزير الداخلية، مازن الفراية.
عمليًا، تحدث المناقلات مجددًا تحت ستار الأزمة والتهديد الذي يطال النظام الصحي، لكن الوزير الجديد لم يكمل بعد برنامجه السياسي للمركز الوطني للوباء، حتى اختاره رئيس الحكومة، بشر الخصاونة، وزيرًا للصحة وعلى نحو مفاجئ، وفي إطار مسار سياسي من الواضح أنه يسعى لتجنب اختيار وزراء صحة سياسيين. وحتى الآن لا يُعرف لماذا تأخر تعيين وزير صحة جديد نحو ثلاثة أسابيع، ولا لماذا يترك "الهواري" منصبه في مؤسسة مهمة ويكلف بوزارة مليئة بالألغام.
عربيًا، شكلت مبادرة السعودية لتشجير الشرق الأوسط وتخضير الإقليم بالشراكة مع الأردن، مادة دسمة لتحليلات السياسيين ممن اعتبروا ما جرى لغزًا في شكل إدارة العلاقات السايسية بين عمّان والرياض، التي تنمو وتتقلص فجأة دون علم الرأي العام في البلدين عن الأسباب في الحالتين. فمن جهته، عاد ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، للتواصل مع عمّان، بل مغازلتها والتخاطر معها سياسيًا، عشية تواتر الحديث عن زيارة يمكن أن يقوم بها الملك عبد الله الثاني إلى واشنطن.
وفي إطار الساسة والسياسيين تبقى العلاقات الأردنية السعودية غريبة الأطوار في أحيان كثيرة؛ حيث تم الإعلان من الجانب السعودي فقط عن شراكة مع الأردن في مشروع التخضير والتشجير الإقليمي الكبير. وجاء ذلك مباشرة بعد الإعلان ومن الجانب السعودي أيضًا عن أوامر من الملك سلمان في توفير احتياجات الأردن من غاز الأكسجين الطبي، مع أن عمّان لم تكن تعاني مستشفياتها سابقًا من نقص فيه.
من جانبهم، يعتبر الخبراء في مسألة التصحر السعودية أن مشروع "بن سلمان" التشجيري أقرب إلى مبادرة سياسية بامتياز قبل أي اعتبار آخر، فهي أقرب إلى مبادرة سياسية تحاول التمهيد لمنظومة البحر الأحمر الجديدة وتجامل الأردنيين، وتأتي مباشرةً عقب الحديث عن التكامل الثلاثي بين الأردن ومصر والعراق دون السعودية أو منظومة النادي الخليجي.
في سياق عربي قريب، بحث وزراء الخارجية العراقي، فؤاد حسين، والمصري، سامح شكري، والأردني، أيمن الصفدي، تطورات المنطقة والقضية الفلسطينية إضافةً لبحث تحضيرات القمة الثلاثية المرتقبة بين زعماء البلدان الثلاثة.
إسرائيليًا، حذرت صحيفة "هآرتس" من خطورة النهج الذي يسلكه رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، في تعامله مع الأردن. ونبهت الصحيفة إلى أنه في ظل اتفاقيات التطبيع مع العديد من الدول العربية، يبرز هذه الأيام بشكل سلبي التدهور المتواصل في علاقات "إسرائيل" مع الأردن، مذكرةً بأن "نتنياهو" يؤخر طلبًا أردنيًا لتوريد المياه، رغم أن المهنيين في "إسرائيل" أوصوا بالاستجابة له، وهنا يدور الحديث عن تصعيد آخر في الأزمة الخطيرة في الفترة الأخيرة.
في ملفات محلية، نشرت اللجنة المكلفة من قبل نائب عام عمّان نتائج التحقيق في فاجعة مستشفى السلط، التي راح ضحيتها سبعة أشخاص، حيث بلغ عدد المدعى عليهم في القضية 13 شخصًا، بحسب تقرير اللجنة، بما فيهم مدير المستشفى وآخرون أوقفوا ووجهت إليهم تهمة "التسبب بالوفاة بالاشتراك." هذا، بينما فاتت تمامًا فرصة تحقيق "زخم شعبي" تحت عنوان "يوم 24 آذار" على الحراك الشعبي الأردني، فيما بقي الإطار الرمزي والإلكتروني فقط في إطار الشبكة العنكبوتية في إطار ترميز سياسي لدعوات الإصلاح في توقيت حساس للغاية.
وعلى وقع شعار "يوجد_هنا_ شعب"، اعتصم عشرات الناشطين في محيط دوار الداخلية في العاصمة وسط تواجد أمني كثيف، للمطالبة بإجراء إصلاحات سياسية، ما دفع لاعتقالات بالعشرات في مدن مختلفة. في سياق الحريات كذلك، أظهر تقرير لمنظمة "فريدم هاوس" المختصة بإجراء البحوث حول الديمقراطية في العالم لعام 2020، تراجع ترتيب الأردن وتصنيفه إلى "دولة غير حرة" بعد أن كان مصنفًا العام الماضي بـ"حرة جزئيًا."
اقتصاديًا، قللت وزارة الصناعة والتجارة والتموين من تأثير تعطل الملاحة في قناة السويس على مخزون المواد الأساسية في البلاد، وأكدت توفر مخزون كاف من المواد الغذائية لما بعد شهر رمضان، وذكرت الوزارة أن عمليات الاستيراد وصل أغلبها قبل حادثة جنوح السفينة.