استنتاجات الموجز:
- ملفات ضغط عديدة باتت تثقل كاهل صانع القرار مع ثبوت فشل إدارة التيار المحافظ للمشهد وعودة التظاهرات للشارع حاملةً لواء التحدي الرأسي مع الدولة
- لم يعد سلوك الممكلة المعادي لـ"نتنياهو" خافيًا.. فالأردن الذي كان عرابًا للعلاقات السرية بين تل أبيب ودول الخليج أجهضها "نتنياهو" بسكين اتفاقيات "أبراهام"
على نحو خشن، تعاملت العصا الأمنية لفض تجمعات شبابية أرادت إحياء ذكرى أحد أقوى الحراكات الأردنية المعارضة، وهو حراك 24 آذار، حين عمّت التظاهرات المملكة في زمن الربيع العربي قبل نحو عشرة أعوام. وكان القرار الأمني واضحًا بفض أي تظاهرة مخالفة لقانون الدفاع، والحجة منع التجمعات بسبب إجراءات تفشي "كورونا"، والتي باتت على ما يبدو عصا غليظة تجرف معها ما يتعلق بالصحة والاقتصاد والسياسة دون تفريق، ما أوصل عدد المعتقلين في زمن قياسي لأكثر من 250 معتقلًا خلال أسبوع على خلفية التظاهرات الرافضة لنهج الدولة وخط التيار المحافظ فيها.
ولا يمكن القول في الحالة السياسية والشعبية الأردنية إن أسباب ومبررات الحراك لم تعد قائمة؛ فمظاهر الحراك عادت بعد حادثة السلط، وهي تحتفظ بكل الأسئلة المعلقة القديمة التي لم يقدم صانع القرار لها جوابًا. وفي صالونات السياسة ثمة من بدأ يدعو للتوقف عن إدانة الضحية والاستفسار منها، بدلًا من اتهامها واستعمال القبضة الأمنية الخشنة فقط، والتي ثبت إخفاقها دون عملية إصلاح سياسي جذري، فالمطلوب حكوميًا هو مقاربة يبنغي أن تبحث في أسباب الحراك القديمة والجديدة، دون التوقف عند اتهام الحراكيين أو اعتقالهم.
من جهة أخرى، دعت مظمات دولية، منها "أكسيس ناو" وتحالف "كيب إت أون" الحقوقي، السلطات الأردنية إلى وقف منع الوصول إلى الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي خلال التظاهرات الاحتجاجية. وقالت المنظمة إن الحكومة الأردنية قيدت البث على موقع "فيسبوك" خلال الاحتجاجات المناهضة للحكومة، مشيرةً إلى أن حظر وسائل الاتصال ليست طريقة عادلة أو فعالة، وأن على السلطات وقف خنق الإنترنت وتعطيله.
في سياق ملف "كورونا" وتفشيه الكبير دون سيطرة في المملكة، تغدو المفردة الأنسب التي يمكن استعمالها للتحدث عن المشهد بعمومه هي "الحيرة والتجمد"؛ حيرة يمكن تلمسها في وجوه كبار المسؤولين في الحكومة وأيضًا على وجوه المواطنين. والسبب الأساسي للحيرة هو التراوح الكبير في أرقام الإصابات وأحيانًا الوفيات، وعدم الوصول إلى قناعة بمسألتين أساسيتين: الأولى قدرة النظام الصحي والمستشفيات في القطاعين العام والخاص على الصمود، ومتى تصل مؤسسات القطاع الصحي إلى مرحلة الخطر، والثانية هي التراوح في الأرقام والمنحنى الوبائي.
ويبدو أن تراوح أرقام المنحنى الوبائي تحديدًا أصبح يمثل لغزًا وسرًا ليس للخبراء فقط، لكن للمواطنين أيضًا؛ فقد تم الإعلان عن عدد وفيات غير مسبوق قوامه 109 وفاة، وعدد إصابات تجاوز تسعة آلاف حالة على الأقل الإثنين الماضي في يوم واحد، بمعنى أن الأرقام ما بين الأحد والثلاثاء عادت للارتفاع بشكل غير مسبوق وبشكل مقلق جدًا.
في سياق حقوقي عربي، قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إنه وثّق شهادات صادمة لانتهاكات خطيرة ضد معتقلين فلسطينيين وأردنيين في سجون السعودية، تشمل احتجازهم تعسفيًا منذ مطلع عام 2019، وتعرضهم للتعذيب الجسدي والعزل والإهمال الطبي المتعمد. وذكر المرصد أنّ المعتقلين طلبة وأكاديميون ورجال أعمال وعاملون في مؤسسات إغاثية، تم عزلهم عن العالم الخارجي لعدة أشهر، كما تم تجميد حساباتهم ومصادرة أموالهم.
عربيًا أيضًا، صرح المتحدث باسم وزارة الكهرباء العراقية، أحمد العبادي، بأن شركة "جنرال إليكتريك" الأمريكية ستتولى تنفيذ مشروع الربط الكهربائي بين العراق والأردن لتجهيز العراق بـ150 ميغاوات. وقال "العبادي" إن مدة المشروع 26 شهرًا، وإن الانطلاق الفعلي لتنفيذه سيتم بعد إقرار قانون الموازنة العامة الاتحادية للعراق للعام الحالي، مضيفًا أنه لبنة أساسية لمشروع الربط الكهربائي العراقي الأردني المصري.
على صعيد العلاقة الأردنية "الإسرائيلية" المتدهورة، قالت الكاتبة "الإسرائيلية" اليمينية، كارولين غيليك، في صحيفة "إسرائيل اليوم"، إن التوتر الأردني "الإسرائيلي" كشف جوهر العلاقات بين الطرفين في عهد اتفاقات التطبيع الإبراهيمية مع دول الخليج. وأشارت الكاتبة إلى أنه "لا يمكن تصور الأهمية الإجمالية للاتفاقيات الإبراهيمية، والأهمية الاستراتيجية لتكامل إسرائيل داخل الفضاء الإقليمي، ومع ذلك فإن الوضع القائم يمثل مشكلة استراتيجية للأردن، وربما يشكل تحديًا وجوديًا للنظام الملكي الهاشمي، الذي كان ينظر لنفسه أنه الجسر الذي كانت تتكيء عليه تل أبيب ودول الخليج في علاقاتهما الخفية، لكنه اليوم توقف عن أداء هذا الدور".
في سياق قريب، أثار نبأ مشاركة وفد "إسرائيلي" في منافسات "رالي الباها" الذي أقيم في الأردن، غضبًا شعبيًا كبيرًا، ووصف بأنه تطبيع جديد. ويأتي تنظيم "الرالي" في وقت فرضت فيه الحكومة الأردنية، حظر التجول الشامل في كافة أنحاء المملكة، حيث استغرب عدد من المغردين الأردنيين إقامة "الرالي" بعد السماح للمشاركين بالتسابق يوم الجمعة بينما مُنعت صلاة الجمعة وأُغلقت المحلات.
في ملف التطبيع أيضًا، أثار ترويج صفحة "إسرائيل بالعربية" التابعة لوزارة خارجية الاحتلال لمشروع تطبيعي يستهدف نساء أردنيات، ومستوطنات "إسرائيليات" غضبًا واسًعا في الأردن. ويظهر الفيديو الذي حذفته الصحفة بعد نحو 24 ساعة، تركيزًا على مشروع يدعى "يسلمو إيديك"، يدعم الحرفيات من الطرفين، حيث وصلت مجموعة من المستوطنات إلى منطقة غور الصافي جنوب الأردن، وأمضين فترة معايشة برفقة نساء من أهل المنطقة، مقابل زيارة أخرى قامت بها أردنيات إلى مناطق الاحتلال.
في شأن محلي، قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إن ظاهرة حبس المدينين والعاجزين عن سداد قروضهم تفشت في الأردن، في شكل ينتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان ولا تفرضه سوى قلة من الدول. وأشارت المنظمة إلى أنها وثقت المعاملة القاسية لغير القادرين على سداد ديونهم، في غياب شبكة ضمان اجتماعي مناسبة، فيما يجد عشرات آلاف الأردنيين أنفسهم مجبرين على الاقتراض لتغطية تكاليف المعيشة.
في الشأن الاقتصادي أيضًا، أظهر مسح ميداني ارتفاعًا حادًا لأسعار السلع الغذائية في الأردن، قبل أيام من دخول شهر رمضان، رغم حالة الركود التي تشهدها الأسواق بسبب التداعيات الاقتصادية التي خلفتها جائحة "كورونا". وبحسب المسح، تخطت نسبة الزيادة في أسعار بعض السلع التموينية مثل السكر والأرز والزيوت النباتية واللحوم نسبة 40%، وتجاوزت نسبة 100% في بعض السلع، وسط اتهامات للمستوردين بترويج ادعاءات غير صحيحة عن ارتفاع الأسعار في البورصات العالمية، تمهيدًا لرفعها بالسوق المحلي.