استنتاجات الموجز:
- وسط رسائل سياسية لا تخلو من التصعيد مع واشنطن، إيران والصين توقعان اتفاقية تعاون استراتيجي لمدة 25 عامًا
- إيران تغتنم فرصة تعطل قناة السويس وتقترح تفعيل خط ملاحي إيراني بديل
وصل وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، إلى طهران والتقى بكل من مستشار المرشد الإيراني، علي لاريجاني والرئيس، حسن روحاني، في زيارة تعد خطوة لتعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين طهران وبكين. وتأتي الزيارة بمناسبة الذكرى الخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين إيران والصين، وسيتم خلالها التوقيع على الوثيقة الشاملة للتعاون خلال الـ25 عامًا القادمة، حيث سيلتقي الوزير الصيني عددًا من كبار المسؤولين الإيرانيين. يشار إلى أن توقيت التوقيع على الوثيقة المذكورة يأتي وسط حالة شد سياسي بين واشنطن وبكين من جهة، وبين واشنطن وطهران من جهة أخرى حول مساعي العودة للاتفاق النووي.
في السياق، كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عن تفاصيل مسودة الاتفاق الذي تم التوقيع عليه بين إيران والصين، وتمتد صلاحيته لـ25 عامًا. ولم ينشر البلدان تفاصيل تذكر، لكن الصحيفة قالت إنها حصلت على مسودة قديمة للاتفاق، الذي جرى التفاوض عليه بينهما منذ العام الماضي. وتتضمن المسودة موافقة الصين على استثمار 400 مليار دولار في الاقتصاد الإيراني خلال ربع قرن، مقابل إمدادات ثابتة وبأسعار منخفضة للغاية من النفط. كما دعت المسودة إلى تعميق التعاون العسكري، بما في ذلك التدريبات المشتركة والبحوث المشتركة وتطوير الأسلحة وتبادل المعلومات الاستخباراتية. ونقلت الصحيفة عن منتقدي الاتفاق الصيني الإيراني أنه يفتقر للشفافية، ووصفوا الصفقة بأنها بيع لموارد إيران، وقارنوها بالاتفاقات أحادية الجانب التي أبرمتها الصين مع دول مثل سريلانكا. يذكر أن الاتفاق لقي خلال العام الماضي اعتراضات من الداخل الإيراني، بأنه منح الصين سطوة على البلاد.
في شأن منفصل، اتهم المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، علي خامنئي، الولايات المتحدة بإدخال السعودية في أزمات سياسية، وتساءل في حسابه الرسمي على "تويتر": "أنتم، الأمريكيّون، هل كنتم تعلمون ما البلاء الذي كنتم تدخلون السعودية فيه؟"، مضيفًا أن السعودية اليوم "لا يمكنها وقف الحرب ولا الاستمرار بها". وتأتي تصريحات "خامنئي" بعد أيام من إصدار مجلس التعاون الخليجي بيانًا، دعا فيه إلى "ضرورة تقويم سلوكيات طهران التي تزعزع استقرار المنطقة".
بالمقابل، أصدر الرئيس الإيراني السابق، محمود أحمدي نجاد، تصريحًا مفاجئًا قال فيه إنه "لا مشكلة في إشراك السعودية في الاتفاق حول البرنامج النووي"، واصفًا اتفاق فيينا عام 2015 بأنه "غير ناجح". وشدد "أحمدي نجاد" على ضرورة حل الخلافات بين طهران والرياض عبر الحوار، معربًا عن اعتقاده بأنه "لا جذور حقيقية للمشكلات بين البلدين، وأن التدخلات الأجنبية وبيع السلاح إلى المنطقة عززا الخلافات مع السعودية".
خارجيًا، نشر المتحدث باسم الخارجية، سعيد خطيب زاده، في تغريدة تهكمية بصفحته على "تويتر" تعليقًا على ما وصف بـ"شهر العسل" بين أوروبا وإدارة "بايدن"، كتب فيه: "لا ننوي أن نقوض شهر عسل أحدهم، لكن يبدو أن الدبلوماسية على طريقة بومبيو ما زالت قائمة"، وأضاف: "يجب أن يكون هذا جرس إنذار جديد: إن سلوك الولايات المتحدة المتغطرس مع الآخرين لم يبدأ بترامب ولن ينتهي بعده". وفي نصيحة ودية إلى الترويكا والاتحاد الأوروبي، قال "خطيب زاده د": "تحلوا ولو بقليل من الشجاعة والجرأة".
خارجيا أيضًا، أعلن "خطيب زاده" أن وزير الخارجية سيزور العاصمة الطاجيكية دوشنبه، يومي الإثنين والثلاثاء، لإجراء محادثات مع المسؤولين الطاجيك والمشاركة في اجتماع وزراء الخارجية للدول الاعضاء في مبادرة "قلب آسيا" حول أفغانستان.
في سياق خارجي منفصل، اقترح السفير الإيراني لدى موسكو، كاظم جلالي، تفعيل خط عبور ملاحي بديل عن قناة السويس المعطلة حاليًا، على خلفية جنوح سفينة حاويات منذ الثلاثاء الماضي، وقال "في ضوء توقف حركة الملاحة البحرية في قناة السويس، علينا الإسراع في إكمال البنى التحتية وتفعيل ممر شمال-جنوب"، والذي يبدأ من الهند ويمر بإيران وينتهي في روسيا. وذكر "جلالي" أن الممر المقترح يختصر الزمن ويقلل تكاليف النقل بنسبة 30%، مقارنةً مع تكاليف قناة السويس، معتبرًا أنه "الخيار الأفضل كبديل عن القناة المصرية في مجال الترانزيت، وهو ما أثبته الحادث الأخير". يذكر أن إيران تروج منذ سنوات لهذا الخط البحري، وتقول إنه "بديل جيد عن قناة السويس المصرية".
في سياق ذي صلة، نقلت"مصادر مطلعة" بشكل جيد على تجارة النفط في العالم أنه "طرأ في الأشهر الأخيرة انخفاض جوهري على حجم النفط الذي يمر من إيران إلى ميناء اللاذقية في سوريا عبر البحر"، مؤكدةً أن هذا الأمر "ليس صدفة". وقدرت المصادر أن "هذه إحدى نتائج الحرب البحرية بين إسرائيل وإيران، وهي التي تستهدف منع عبور النفط الإيراني المخصص لتمويل النشاط العسكري لقوة القدس الإيرانية وحزب الله في سوريا وفي لبنان. وطلبت سوريا مؤخرًا من روسيا زيادة كمية النفط التي تبيعها لسوريا بدلًا من النفط الإيراني، الذي يُعرقَل ضخه".
كما أفادت المصادر بأن "هذه الحرب البحرية تتواصل منذ أكثر من سنتين، وهي تتركز على الناقلات التي تعود لشركات إيرانية ترتبط بالحرس الثوري، ولم تصعد مؤخرًا إلى العناوين الرئيسية إلا بعد أن بدأت تصاب سفن لها علاقة بإسرائيل؛ لأنها مؤمنة في شركات دولية". وتابعت المصادر: "لطالما تضررت سفن إيرانية، لا سيما ناقلات وقود، لكنها لم تحظ بالعناوين الرئيسية؛ لأن هذه السفن مؤمنة في شركات تأمين إيرانية، وأخفت إيران خسائرها الهائلة جراء ضرب هذه السفن، فلا مصلحة لها في إعلان ذلك لجمهورها".
حقوقيًا، قال "رضا خندان"، زوج المحامية الحقوقية الإيرانية البارزة، نسرين ستوده، المُعتقلة منذ سنوات، إن "الحكومة الإيرانية تتعرض لضغوط كثيرة من المجتمع الدولي للإفراج عنها، إلا أنهم يخشون أن تكون خارج السجن أيضًا". ولفت "خندان" إلى أن "الفيلم الوثائقي (نسرين) أظهر وجه زوجتي بشكل أكثر موضوعية للجمهور، وسلّط الضوء على أنشطتها. وهذا بالتأكيد سيُغيّر من وضعها على المدى البعيد، خاصةً أنه نجح في تجسيد صورة الناشطات في إيران بشكل أكبر مما كنّا نتخيله في البداية". يذكر أن نسرين تقبع في سجن "قرجك" المُخصص للنساء في صحراء بالمدينة التي تحمل نفس الاسم، والذي يحوي ظروف غير إنسانية.
من جانبه، أصدر المرشد "علي خامنئي" قرارًا بالعفو أو خفض العقوبة عن 1849 شخصًا من المدانين، وذلك بمناسبة الذكرى السنوية لتأسيس الجمهورية، وعشية ذكرى ميلاد الإمام المنتظر. وتأتي موافقة "خامنئي" على القرار في أعقاب "تقديم رئيس السلطة القضائية، سيد إبراهيم رئيسي، اقتراحًا بشأن العفو أو خفض أو تبديل عقوبة هؤلاء المدانين المتوفرة لديهم الشروط اللازمة، بناء على شهادة لجنة العفو المركزية التابعة للسلطة القضائية"، مع العلم أن قرار العفو كل عام لا يشمل المدانين سياسيًا ولا معتقلي الرأي.